أكد الكاتب والمحلل السياسي د. عبد الرحيم جاموس لموقع بكرا أن مؤتمر نيويورك الدولي للسلام في الشرق الأوسط، الذي عُقد بين 28 و30 تموز/يوليو 2025، شكل "علامة فارقة في المساعي الدولية لإعادة إحياء حل الدولتين"، في ظل تصاعد القلق العالمي من استمرار المحرقة في غزة وتداعياتها الإقليمية.

وأوضح أن المؤتمر، الذي دعت إليه مجموعة الدول الخمس عشرة المؤيدة للاعتراف بالدولة الفلسطينية، جاء "في لحظة مفصلية"، مؤكدًا أنه حظي بدعم لوجستي وسياسي من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وقال جاموس إن "إعلان نيويورك للسلام"، أعاد التأكيد على أن الحل الوحيد للصراع هو "قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية"، مع التشديد على وقف فوري لإطلاق النار، وضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ومنع التهجير القسري أو أي تغييرات ديموغرافية.

ردود فعل متباينة
وأكد جاموس أن السلطة الفلسطينية والفصائل الوطنية، وعلى رأسها منظمة التحرير، رحّبت بالمؤتمر ونتائجه، واعتبرته "اختراقًا دبلوماسيًا يعيد الاعتبار للحق الفلسطيني في الاستقلال والسيادة".

في المقابل، قال جاموس إن "إسرائيل سارعت إلى رفض مقررات المؤتمر، ووصفتها بأنها محاولة لفرض إملاءات دولية تتجاوز الوقائع الميدانية، بل وهاجمت فرنسا وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي واتهمتها بالتحيز للفلسطينيين".

وأوضح أن بعض القوى داخل الكونغرس الأميركي عارضت مخرجات المؤتمر، في حين التزمت الإدارة الأميركية الصمت أولًا، قبل أن تُصدر الخارجية بيانًا دعت فيه إلى "أخذ نتائج المؤتمر بجدية"، دون أن تتبنى خطوة الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

وأكد جاموس أن المؤتمر "يُعدّ خطوة مهمة في توسيع دائرة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، خاصة بعد إعلان عدد من الدول الأوروبية نيتها اتخاذ هذه الخطوة خلال العام الجاري، في حال لم توقف إسرائيل أنشطتها الاستيطانية".

كما أشار إلى أن الزخم الناتج عن المؤتمر قد ينعكس في الدورة القادمة للجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر، حيث "يتوقع أن يطرح مشروع قرار جديد للاعتراف بفلسطين كدولة كاملة العضوية".

إعادة توجيه البوصلة الدولية
وشدد جاموس على أن "أهمية المؤتمر لا تكمن فقط في قراراته، بل في كونه أعاد توجيه بوصلة المجتمع الدولي نحو جوهر الصراع: الاحتلال، وحرمان الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير المصير"، مضيفا أن المؤتمر "وضع الأساس لتحالف دولي جديد قد يشكل ضاغطا فعليا على إسرائيل".

لكنه حذّر من أن "ترجمة هذه القرارات إلى واقع مرهون بتوافر الإرادة السياسية الدولية، ووحدة الموقف الفلسطيني، والقدرة على استثمار هذا التوافق الدولي غير المسبوق".

وخلص جاموس الى القول: "الاعتراف وحده لا يكفي، ما لم يُرفق بخطوات عملية تفرض إجراءات على الاحتلال، وتدعم بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية. مؤتمر نيويورك كان صفارة إنذار حقيقية: لا أمن ولا استقرار في الإقليم دون إنهاء الاحتلال، ولا سلام من دون دولة فلسطينية ذات سيادة. لكن يبقى السؤال: هل يلتقط العالم الرسالة؟".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com