بعد مرور أكثر من عام على حرب السابع من أكتوبر، تواجه إسرائيل أزمة اجتماعية ونفسية متفاقمة، حيث تشير التقارير إلى أن 60% من الشباب الإسرائيلي أصبحوا ضمن دائرة الخطر أو يعانون من أزمات نفسية عميقة. جمعية "عالام"، التي تُعنى بالشباب المعرضين للخطر منذ أكثر من أربعين عامًا، تجد نفسها اليوم أمام تحدٍّ غير مسبوق في مواجهة هذه الأزمة.

الرئيس الجديد للجمعية ووزير التعليم السابق، الراب شاي بيرون، يصف الوضع القائم بأنه "صدمة جماعية" تعرّض لها جيل كامل من الشباب، موضحًا أن الظروف التي فرضتها الحرب دفعت الآلاف منهم إلى حافة الهاوية. بالنسبة لكثيرين، أصبحت الصدمة النفسية واقعًا يوميًا؛ فأبناء الجنود الذين يقضون فترات طويلة في الخدمة الاحتياطية، والعائلات التي انهارت اقتصاديًا، والشباب الذين فقدوا أفرادًا من عائلاتهم، جميعهم باتوا يواجهون مصيرًا مشتركًا.

من بين الفئات الأكثر تضررًا، برزت معاناة الشباب الذين نزحوا من منازلهم في غلاف غزة أو شمال إسرائيل، وقضوا شهورًا طويلة في الفنادق بعيدًا عن بيئتهم المعتادة. بيرون يصف المشهد المتدهور قائلًا إن "الشباب الذين عاشوا في هذه الظروف باتوا يُعرفون بـ'أطفال الليل'، حيث تنقلب حياتهم رأسًا على عقب وسط غياب الاستقرار النفسي والاجتماعي".

وتكشف التقارير التي أعدّتها جمعية "عالام" أن 30% من الشباب يعانون من القلق والاكتئاب، بينما ترتفع النسبة إلى 60% بين الفئات الأكثر هشاشة. كما أظهرت التقارير أن نصف الشباب الإسرائيلي تقريبًا اعترفوا بتناول الكحول، وربعهم أقروا باستخدام المخدرات، في حين أفاد 20% من المراهقين بتعرّضهم للعنف في المدارس أو الأماكن العامة.

مبادرات 

لمواجهة هذه الأزمة، أطلقت الجمعية مبادرات موسعة فور اندلاع الحرب، حيث نشرت فرقًا متنقلة في المدن الكبرى مثل تل أبيب، إيلات، القدس وطبرية، إضافة إلى إقامة مراكز دعم مؤقتة ومبادرات للدعم النفسي عبر الإنترنت. بيرون يشدد على أهمية الدور الذي تلعبه الجمعية في هذه المرحلة الحساسة، لكنه يحذر من أن التأخير في تقديم الدعم المطلوب قد يحوّل الأزمة الحالية إلى نمط حياة يصعب تغييره لاحقًا.

وبالنظر إلى التداعيات بعيدة المدى للأزمة، يرى بيرون أن هذه المشكلة تمثل تهديدًا مستقبليًا على المجتمع الإسرائيلي بأكمله، قائلًا: "الشباب اليوم هم الجنود والأطباء والمعلمون وقادة المستقبل. إذا لم نتدخل الآن ونوفر لهم الدعم اللازم، فإن هذه الأزمة ستترك أثرًا لا يُمحى على الأجيال القادمة".

في ظل هذه المعطيات المقلقة، أطلقت الجمعية حملة لجمع التبرعات لضمان استمرار مشاريعها الداعمة للشباب. بيرون وجه رسالة واضحة إلى الأهالي مفادها أن الأزمة قريبة من الجميع، قائلًا: "لا تفكروا أن 'هذا لن يحدث لأولادنا'. هذه الأزمة قد تكون أقرب مما تتخيلون".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com