قامت محكمة الصلح مؤخرًا بتمديد اعتقال الشاب أنس خطيب البالغ من العمر 19 عامًا، من مدينة شفاعمرو، لتاريخ 26 نوفمبر، حتى انتهاء الإجراءات القضائية ضده، حيث نسبت له النيابة العامة تهمة التحريض على العنف من خلال موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وجاءت لائحة الإتهام بمصادقة المستشار القضائي للحكومة.

في اعقاب ذلك توجه "بكرا" لحقوقيين للحديث وتوضيح الحد الفاصل بين التحريض وحرية التعبير عن الرأي على صفحات التواصل الاجتماعي خاصة في المرحلة الحالية وفي ظل الأجواء الساخنة التي تشهدها البلاد.

محمد زيدان: حرية التعبير والكتابة والتفكير توضع بخانة امنية، اذا كانت تتعلق بعربي

محمد زيدان مدير مؤسسة حقوق الانسان قال لـ"بكرا": عملية الرقابة المشددة الموجودة على وسائل التعبير ووسائل التواصل الاجتماعي قد وضعت حدود جديدة لمفهوم حرية التعبير حيث انه اصبح الحديث باتجاه مخالفات جنائية لدى العرب اكثر من حرية التعبير.

وقال: اليوم نرى ان حرية التعبير والكتابة والتفكير توضع بخانة امنية، اذا كانت تتعلق بعربي، في حين انه لدى اليهود الامر مفتوح بشكل اكبر وينظر اليه كحرية تعبير في حال لم يتم تنفيذ شيء عملي ناتج عن هذه التصريحات.

وتابع: في الاطار النظري حرية التعبير تكون عندما لا تشمل تحريض على العنف بشكل واضح ولم تحمل دعوة للعنف او الكراهية او العنصرية بشكل واضح فانها تبقى ضمن سقف حرية التعبير، حيث انها حتى لو كانت مخالفة للاجماع فانه من المفروض ان يتم التعامل معها كحرية تعبير، وفي اللحظة التي تحمل هذه الكتابات بشكل واضح دعوة للتحريض على العنصرية او الكراهية واستعمال العنف، عندها ممكن النظر اليها كوسيلة تحريض ممكن ان تؤدي الى انتهاكات حقوق الانسان ويجب ان تتم المحاسبة عليها.

وأوضح: من ناحية اخرى فانه في البلاد عندما يكون التصريح من عربي فانه يتم النظر اليه بشكل امني وكل تلميح يفسر في اعقاب الأجواء السائدة على انها دعوة للتحريض على العنف، ويتم معاقبة العربي عليها، بالمقابل فانه ينظر الى المصرح اليهودي من زاوية حقوقية وحرية التعبير ويتم التسامح معها.

في ظل الأجواء الموجودة فان الرقابة أيضا تكون وسيلة قمع

وأشار زيدان لـ"بكرا": الرقابة على هذه الوسائل جيدة اذا احسن استعمالها وتم استعمالها بروح الحفاظ على الحقوق وفتح المجال للحريات والتعبير بدون فتح المجال للتحريض او العنف، ولكن في ظل الأجواء الموجودة فان الرقابة أيضا تكون وسيلة قمع، ويتم استعمالها ليس فقط لقمع الحريات وانما دعم الجو العام الذي ينظر للعرب وتصريحاتهم وكتاباتهم بنظرة امنية وليس حقوقية، كما ان الدولة لديها حدود واسعة جدا بالتدخل بهذه الأمور، كما انها تختار متى تتدخل، والمشكلة ليست بالرقابة انما بعدم المساواة في تعاملها بين العرب واليهود، وعلى مدار العام وليس فقط في مناسبات فيها أجواء تحريضية او تجاوبا لدعوات حريات التعبير والتنظيم للعرب كما شاهدنا خلال الفترة السابقة حيث تم استعمال الرقابة لقمع واعتقالات مسبقة لنشطاء قاموا بالدعوة لمظاهرات قانونية لا تحوي تحريض على عنف او عنصرية وتم اعتقالهم فقط لانهم حاولوا تنظيم المظاهرة مما يشير الى ان عملية الرقابة هي تستعمل لقمع الحقوق وليس لتنظيمها.

عبير بكر: القانون الإسرائيلي لا يكتفي بالتحريض وانما احتمال القيام به

من ناحيتها المحامية عبير بكر قالت في هذا السياق لـ"بكرا": على الجميع ان نتذكر بأنه وفقًا للمنطق القانوني السائد والمتعارف عليه يسمح للفرد القيام بأي عمل طالما بأن العمل غير محظور بقانون عيني. بمعنى أنه يحق لنا التفوه بكل ما نريده الا اذا تواجد حظر يعني لنوع معين من التفوهات. يمكنني أن ادلي رأيي بكل شخص شريطة الا يحوي التصريح عبارات تشهير ضد الشخص عندها حرية التعبير عن الرأي لن تحميني.

وتابعت موضحة: أما بالنسبة لحظر قانون التحريض فنص القانون الجنائي الاسرائيلي يعرف التحريض على العنف على سبيل المثال بأنه كل من يدعو للقيام بعمل من أعمال العنف أو الارهاب أو من يمدح أو يشجع أو يتماثل مع أعمال عنف وارهاب بحيث يشترط أن يكون امكانية كبيرة لأن يؤدي مضمون هذه الدعوة (اي دعوة الفرد) والظروف التي قيلت بها أن تؤديا للقيام بأعمال العنف. أي أن القانون لا يكتفي فقط بالمقولة نفسها بل باحتمالات تأثيرها على من يحيط بالشخص وتشجيع الاخرين بالقيام بمثل هذه الأعمال.

بدأ استعمال الاعتقالات الادارية بسبب مقولات فيسبوكية ذلك لأن القانون لن يتيح الادانة في مثل هذه الحالات

وأضافت: لذا بدأ في السنوات الأخيرة التعامل مع الفيسبوك كأداة تكمن فيها امكانية كبيرة للتأثير بسبب رواجها. الا أنه علينا أن نتذكر انه لا يمكن مقارنة مقولة معينة صدرت عن شاب قاصر لم يسمع عنه أحد وليس لديه تأثير على أحد مع مقولة صادرة عن قائد قد يلبي العديد من مؤيديه ما يقوله أو يتأثر من أقواله. على أرض الواقع اصبحت سهولة مفرطة بالاعتقال على أساس واه ولا عجب بأنه بدأ استعمال الاعتقالات الادارية بسبب مقولات فيسبوكية ذلك لأن القانون لن يتيح الادانة في مثل هذه الحالات ولذا من الاسهل الزج بالشباب واسكاتهم دون الحاجة لاثبات خرقهم القانون!.

نموت وتحيا فلسطين مقولة تحريضة تضع قائلها خلف القضبان

وعن التمييز بين العرب واليهود في قضية الاعتقالات الفيسبوكية على خلفية مقولات عقبت: طالما اعتدنا على سياسة انتقائية بتطبيق القانون الجنائي بين العرب واليهود. ما يميز هذا النوع من التهم هو التفسير المبالغ في حدته الذي يعطى للمقولات باللغة العربية والذي عادة نابع من ترجمة لغوية ليست دقيقة وخارجة عن السياق الثقافي والسياسي الفلسطيني. "نموت وتحيا فلسطين" على سبيل المثال هو شعار نشأنا وكبرنا عليه وأصبح جزء من ثقافتنا السياسية-الرومانسية لحب فلسطين وحب الوطن. الان أصبحت هذه المقولة تحمل سياقات أبعد بكثير من التي نعنيها فعلا وهنا خطورة ما يحدث. وبما ان المؤسسة بطابعها وجوهرها وثقافتها يهودية فعندها تميل لتفسير مقولات عنصرية صادرة عن يهود بشكل ملطف ومخفف مستندة الى الخلفية الثقافية التابعة لها على الرغم من أننا كفلسطينيين نرى فيها تحريضًا ارعنًا علينا.

الجهاز القضائي أداة بيد الشرطة والرأي العام الإسرائيلي..

وتابعت: صلاحية الشرطة بالاعتقال تأتي لتخدم اغراض معينة حسب القانون. ولا أعلم ما الحاجة باعتقال شخص ادلى بأقواله وانتهى بذلك التحقيق بقضيته. تمديد الاعتقالات استند الى تقديرات واهية من الشرطة بحيث الهدف كان واضحًا وهو تفويض الاحتجاج وابعاد الناشطين عن الساحة.

وعن تعامل الجهاز القضائي ومصداقيته مع هذه الاعتقالات قالت: الجهاز القضائي عودنا انه بمثل هذه الايام يكون اداة طيعة بأيدي الشرطة والنيابة ويعمل وفقًا لمعايير ارضاء الرأي العام الاسرائيلي الذي عادة ما يكون مستشرسًا ضد العرب وضد اي قرار متساهل معهم.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com