أربعة أيام تلخص فرحة المسلمين طوال العام، يأتي فيهم عيد الأضحى المبارك محملًا بكل المباهج والفرح، فما بين ثواب الأضحية وصلة الرحم مع الأقارب، وأيضًا فرحة الأطفال الصغار بالعيدية.

اختلفت تلك العادات فيما بينها حول العالم، فاختصت كل دولة بطقوس معينة ميزتها عن غيرها، ورغم ذلك اتفقت الدول العربية أيضًا في بعض العادات، مثل الأضحية التي تقوم بها كل الدول العربية في أول أيام عيد الأضحى ولكن بطرق متعددة.

"الدستور" تأخذ القارئ في جولة حول العالم خلال ذلك التقرير؛ للتعرف على أبرز تلك العادات، وغرائب طقوس دول العالم في الاحتفال بعيد الأضحى المبارك.

ليبيا:

يختلف عيد الأضحى في ليبيا عن باقي الدول العربية. في صباح أول يوم العيد وقبل ذبح الأضحية تقوم سيدة المنزل بتكحيل عينيه بالقلم الأسود أو الكحل العربي ثم تشعل النيران والبخور ليبدؤوا بعدها بالتهليل والتكبير.

يسمى عيد الأضحى في ليبيا بعيد "الفداء والتضحية"، فتحظى الأضحية بمكانة عالية لدى الشعب الليبي، فيقومون بتهيئة أنفسهم قبل العيد بـ 6 أيام لشراء الأضحية، ولكن البعض هناك يحط من مكانة الكبش، حيث يعتبرونه "الكلب الأسود" الذي يمتطيه الموتى إلى العالم السفلي حسب الأساطير الفرعونية لديهم.

تلك العادة منبعها هو الاعتقاد السائد بين الليبيين بأن كبش الأضحية سيمتطيه الشخص المسمى عليه، أي الذي سيطلق اسمه على الكبش إلى الجنة يوم القيامة وهو هدية إلى الله، فينبغي أن يكون صحيحًا معافى، ويجب أن يكون كبشا جميلًا قويًا أقرن لا عيب فيه إطلاقًا وكحيل العين.

وهناك بعض الشعائر التي يخص بها الليبيون أضحية العيد، فقبل الذبح تُعطى الشاه قليل من الماء، ويحرق نوع من البخور، ثم تحفر حفرة في الأرض، وبعدها يوضع الخروف على الأرض بحيث يكون رأسه قريب من الحفرة، ومتجه نحو القبلة، ويمسك أحدهم بيده اليسرى أرجل الكبش وبيده اليمنى عنق الضحية بحيث تتقاطع يداه ويقوم آخر بذبح الضحية.

فلسطين:

وتمتلك فلسطين أيضًا عادات خاصة بعيد الأضحى، حيث اعتاد الفلسطينيون الذهاب لزيارة موتاهم وتقديم الأكل لهم، ويتركون أطباق لحم الأضحية على حافة المقابر، إضافة إلى الحلويات، ثم يتلوا بعدها الصلاة على أرواحهم.

الجزائر:

يقوم الجزائريون بتنظيم مصارعة الكباش قبل حلول عيد الأضحى مباشرة، وسط حشود من المتفرجين، ويعد ذلك من أقدم العادات الجزائرية، ويفوز الكبش الذي يجبر الآخر على الانسحاب.

تقام تلك المصارعة في حي "صالونبييه" بالعاصمة الجزائرية، حيث ينظمون مصارعات للكباش، ويتصارع الكبشان بالرؤوس وسط حشد من المتفرجين المتحمسين ويفوز الكبش الذي يجبر الآخر على الانسحاب.

ورغم أن السلطات لا تشجع تلك العادة فما زالت مصارعة الكباش تتمتع بشعبية كبيرة بين الجزائريين في الأيام السابقة لعيد الأضحى، وينظم أطفال بعض المصارعات التي تشترك فيها خراف اشترتها أسرهم لذبحها صبيحة يوم العيد.

اليمن:

أما في اليمن يقوم رب الأسرة مع الأولاد من دون الأم بزيارة حمامات البخار الشعبية، وذلك قبل حلول العيد بيوم واحد، كما يقوم عادة اليمنيون قبل قدوم العيد بترميم المنازل، وطلاء القديم منها حتى تبرز بشكل جميل ومظهر لائق، وكأنها ارتدت لتوها حلة من حلل العيد، وبعد الصلاة يقوم اليمنيون بزيارة أقاربهم ثم يتم الخروج للصيد باستخدام الأسلحة النارية لتعليم الأولاد "النيشان".

البحرين:

من التقاليد والطقوس المتعارف عليها في مملكة البحرين، احتفال الأطفال بإلقاء أضحيتهم الصغيرة المدللة في البحر مرددين أنشودة "حية بيه راحت حية ويات حية على درب لحنينية عشيناك وغديناك وقطيناك لا تدعين على حلليني يا حيتي".

و"الحية بية" عبارة عن حصيرة صغيرة الحجم مصنوعة من سعف النخيل ويتم زرعها بالحبوب مثل القمح والشعير، يعلقونها في منازلهم حتى تكبر وترتفع حتى يلقونها في البحر يوم وقفة عرفات تكون وجبة الغداء عبارة عن "الغوزي".

المغرب:

يقوم شعب المغرب بعادات غريبة خلال عيد الأضحى، أشهرها على الإطلاق تلك العادة التي انتقلت مؤخرًا إلى مصر، وهي غمس اليد في الدماء، أو شربها لأنها تمنع الحسد، وعقب ذبح الأضحية يرمون الملح في المصارف وعلى الأرصفة أو ملء فم الخروف بالملح، كما يضعون الحنة على جبهة الخروف لطرد الجن منه.

بعض الناس في دولة المغرب يحتفظون بـ"مرارة" الكبش في المنزل؛ لأنها تشفي من بعض الأمراض، كما يشتركون مع الجزائر في نثر الملح على دم الأضحية.

ارتبط عيد الأضحى في المغرب بتعليق ملصقات إعلانية كبيرة لقروض تسمى "المُغرية"، وتحمل هذه الملصقات صورًا لكباش، حيث تتبارى شركات الإعلان في عرض صور متباينة للكباش لجذب الزبائن، منها "اشترِ خروف وخذ معه دراجة هدية"، وتعلق في شوارع المدن المغربية قبيل عيد الأضحى.

الأردن:

توارث الأردنيون تقليدًا يختلف عن كثير من الدول العربية والإسلامية، حيث يبرز اهتمامهم بتقديم "كعك العيد" طوال أيام العيد، وحتى في عيد الأضحى لا يهتمون باللحمة قدر اهتمامهم بالكعك.

ويفضل الأردنيون صنع الكعك بأنفسهم في المنازل، ويتجمع أهل المنزل لتناول بعض مما تعده ربة المنزل، وهم يكبرون ويهللون بفرح.

الصين:

"خطف الخروف" أحد الألعاب الصينية التي تمثل واحدة من أهم مظاهر احتفال مسلمي الصين بأول أيام عيد الأضحى المبارك، حيث يتأهب أحدهم وهو ممتط جواده، ثم ينطلق بأقصى سرعة صوب هدفه المنشود، يلتقطه ببراعة تخطف الأبصار ودون أن يسقط من فوق ظهر جواده.

بعدها يفعل الأمر ذاته ثان وثالث وآخر، لتنتهي اللعبة بإعلان فوز من استغرق أقل وقت في عملية اختطاف خروف العيد من على الأرض.

وبعد الفوز بالخروف يجتمع ذكور الأسرة حوله، ثم يشرعون في قراءة أدعية وآيات قرآنية لمدة تصل خمس دقائق، بعدها يقوم كبير الأسرة أو إمام المسجد بذبح الخروف، ثم يتم تقسيمه بواقع ثلث للتصدق، وثلث للأقرباء، والثلث الأخير لإطعام الأسرة المضحية.

وإلى جانب خطف الخروف، فهناك أيضًا أجواء احتفالية أخرى، مثل الذبائح وصناعة الحلويات وإعداد الأكلات الشعبية، وهي تعتبر عادات المناطق ذات الكثافة المسلمة العالية ويحرصون أيضًا على إقامة صلاة العيد في المسجد، تنظيف وتزيين المنازل وارتداء الملابس الجديدة.

باكستان:

ينفرد الباكستانيون بعادة تميزهم عن الشعوب الأخرى في احتفالهم بعيد الأضحى، وهي عادة تزيين الأضحية قبل العيد بحوالي شهر كامل، كما يصومون العشرة الأيام الأولى من شهر ذي الحجة وحتى يوم العيد.

ومن أهم الأكلات التي يتناولونها في العيد لحم النحر"، وهو الطبق الرئيسي في وجبة الغداء على مدار أيام العيد ولا يتناولون الحلوى في عيد الأضحى.

مصر:

وفي مصر يحتفل المصريون بعيد الأضحى في أجواء من الخشوع والبهجة، وتمتلئ المساجد والساحات والشوارع المحيطة بها المصلين وهم يكبرون تكبيرات العيد، وثم يبدأ الصغار بملابسهم الجديدة شراء البالونات الملونة، وأدوات اللعب.

وتمتلئ مدن الملاهي والحدائق العامة وحدائق الحيوانات بالزوار، ووتنطلق المراجيح في الهواء تدور حاملة فرحة الأطفال والكبار بعيد الأضحى، فيما تهادت المراكب بأشرعتها الملونة في رحلات ترفيهية على صفحة نهر النيل حيث تتجمع الأسر والأقارب.

عمان:

تشكل مناسبة عيد الأضحى في سلطنة عمان فرصة يستحضر فيها الجميع القيم والتقاليد الدينية، حيث تبدأ الاستعدادات لقدوم العيد اعتبارًا من صباح يوم السابع من شهر ذي الحجة المبارك حيث يقام سوق الحلقة؛ لتوفير لوازم العيد من رؤوس الأغنام والأبقار وملابس الكبار والصغار.

ويقومون بشراء الأضحية كذلك إقامة الأهازيج و الرازحات الفلكلورية، إضافة إلى إحياء شعيرة صلة الرحم بين الأقارب خلال هذه الأيام المباركة، ففي اليوم الأول يقوم الأهالي بتقديم تهاني العيد لبعضهم البعض، ويلبسون الملابس البيضاء تيمنا بحجاج بيت الله الحرام.

السعودية:

يقضي معظم السعوديون يوم العيد الأول في منزل العائلة، وتحضير الطعام "كالكبسة ؛ الهربس؛ الهريس؛ المرقوق؛ المراهيف؛ المصابيب ؛المراصيع"، ويجتمع السعوديون في استراحات مجهزة بمجالس ملاعب، مسابح، أماكن خاصة للرجال والنساء، يجتمع فيها أفراد العائلة والأصدقاء، حيث يتم ذبح أضحية العيد وإعداد طعام الغداء، يتناولونه ثم يتوجهون للعب والسباحة والاستمتاع بوقتهم حتى منتصف الليل وأحيانًا للفجر.

اندونيسيا:

من داخل دولة إندونيسيا تطل علينا إحدى غرائبها في الاحتفال بعيد الأضحى، فلا يقوم الشعب الإندونيسي بذبح الأضاحي أمام المنازل أو بالطرقات كباقي الشعوب، بل تجمع أضاحي المنطقة الواحدة جميعًا ويتم ذبحها في ساحة المسجد أو في الساحات الأمامية أو الخلفية وسط جو من الاحتفالات الجماعية.

نيجيريا

وفي أحد البلاد الإفريقية وهي نيجيريا، نبتعد عن الأضحية وطقوسها، وننتقل إلى الملابس، حيث اعتاد شعب نيجيريا ارتداء زى موحد لصلاة العيد في الأدغال أو إقامة مباريات للمصارعة الحرة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com