بيّنت معطيات "مقياس النجاعة والنماء المدرسي" (ميتساف) للعام 2013/2014 حصول ارتفاع حاد في نسبة التعرّض العنف في المدارس العربية، حيث ارتفعت النسبة من 6% عام 2009/2010 إلى 11% العام الماضي، أي أنّ ثمة ارتفاع بنسبة 84% خلال أربع سنوات فقط. بينما انخفضت النسبة بين الطلاب اليهود من 15% إلى 11% في نفس الفترة، أي بنسبة 30%.
وبيّنت المعطيات أن نسبة الطلاب العرب الذين يشعرون بانعدام الأمان في المدارس، تبلغ ضعفين إلى ثلاثة أضعاف نسبتهم بين الطلاب اليهود.
ومن نافل القول أن ظاهرة انتشار العنف بشكل متزايد في الوسط العربي باتت مقلقةً لمختلف الفئات، كما باتت تلك الظاهرة تشل تهديدا حقيقيا للمواطنين العرب، في ظل تأثيرتها السلبية المتعاظمة عليهم. موقع "بكرا" ناقش المسألة مع الجهات المختصة في عرابة، وكيف يتم العمل على محاربة هذه الظاهرة في المجتمع العرابيّ.
وأجمع الأشخاص الذين التفاهم "بكرا"، أن العنف ظاهرة تهدد أجيالا بأكملها وتسوقهم نحو حياة مجهولة الهوية وهنالك ضرورة لوضع حد لها طارحين بضع الحلول والأفكار.
قلة المراكز الجماهيرية
الطالب الجامعي دوخي عبد الكريم طه، وهو مرشد القادة الشباب في عرابة، رأى أن أسباب تفشي العنف كثيرة، مؤكدًا أن قلة المراكز الشبابية والنوادي الترفيهية التي تستوعب أولئك الشباب لتفريغ طاقتهم هو أحد أهم أسباب تفشي العنف.
وتابع قائلا: بالنسبة للطلاب خصوصا المراحل ما قبل الثانوية، فهم يعيشون بضغط نفسي كبير، حيث يبدأ الطالب اكتساب شخصيته حسب تعامل الاخرين معه وهي قد تولد العنف لديه، إضافة إلى كثرة الحصص التعليمية وقلة الفعاليات اللامنهجية في المدارس، وأيضا الأساليب التي يستعملها المعلم مع الطالب في المدرسة كتعنيفه كلاميا أو حتى جسديا وهذا بالتالي قد يخلق لدى الطالب شخصية ملجأها هو العنف.
مشكلة في آليات التواصل بين الطالب والمعلم
ويرى دوخي عبد الكريم طه أن عدم توفر آلية تواصل صحيحة ما بين الطالب المعلم يمكن ان يؤدي إلى زيادة العنف.
وعن دوره كمرشد للقادة في منع العنف قال: نحن كمجلس شبيبة في عرابة نعمل على بناء العديد من البرامج وعلى مدار السنة ولأجيال مختلفة وتحديدا الإعداية لمحاربة ظاهرة العنف، ولكن هذا لا يكفي فيجب ان يكون هناك تعاون تام بين مجموعات الفعاليات اللامنهجية وبين المدارس وقسم التربية الاجتماعية.
أما الطالبة رغدة طه، في الصف الحادي عشر في مدرسة بن خلدون الشاملة (عرابة) ونائب رئيس مجلس الشبيبة البلدي، فترى أن ظاهرة العنف خطيرة جداً، وتجتاح المجتمع كاملاً، وأن أسباب انتشارها تتمثل في تدني المستوى الثقافي في نفوس شبابنا ونسيان القيم الاخلاقية والانسانية، وكذلك تنتشر جراء الضغوظ التي يعاني منها مجتمعنا والتي تؤثر سلباً على العلاقات بين الناس.
وتضيف رغدة أنه كلما زاد تدنّي مستوى المعيشة للانسان، زاد الضغط النفسي الذي يولّد انساناً جاهزاً لإطلاق طاقاته بشكلٍ سلبي، وأنه ولا بد من ذكر الجانب السياسي، حيث اننا كأقلية قومية في هذه البلاد، تُمارس ضدنا استراتيجيات لتضييق الخناق ودحر المجتمع، وكل هذه الاسباب تولّد انساناً في حالة تأهب على حافة العنف.
وتطالب دوخي عبد الكريم طه، باتّخاذ استراتيجيات اكثر صرامة للوقوف بوجه العنف، مثل تكثيف البرامج الاجتماعية والثقافية، والعمل على الجانب التوعوي اتجاه هذه القضية، وكذلك التعاون بين الجهات المختصّة مثل الشرطة او الجمعيات.
وتقول عن مساهتمها في وقف العنف: دورنا كمجلس شبيبة بلدي يتمثل في توعية الشباب بقضايا مجتمعية هامة ومنها العنف، وكذلك زرع القيم الاجتماعية والثقافية في ذوات شبابنا وطلابنا، حيث أننا من خلال برامجنا في المجتمع العرابي، نحرص على وجود نتائج مثمرة مثل انخفاض ظواهر غير اخلاقية في بلدتنا، ورأيي بشكل شخصي ان المجتمع العربي يعاني من مصائب اخلاقية واجتماعية عدة التي ستودي به الى الهاوية، لذا يتوجب علينا العمل معاً للتغلب على هذه الآفة المجتمعية والعمل على الارتقاء بالانسان.
أبو جازي: المدارس لا تملك آليات التصدي لظاهرة العنف
في سياق متصل، قال مدير مركز محمود درويش الثقافي عرابة الاستاذ محمود ابو جازي، إن ظاهرة العنف بمجتمعنا العربي تتفاقم وتزداد وذلك لأسباب كثيرة، لاسباب تتعلق بسياسة التمييز العنصري الذي يعيشه مجتمعنا العربي في دولة اسرائيل، ولتأزم الوضع الاقتصادي نتيجة هذه السياسة العنصرية تجاه مجتمعنا العربي، وكذلك لضعف التربية وحسن التصرف، خصوصا أن الأطراف المسؤولة كرؤساء سلطات محلية ومدراء مدارس وهيئة تدريسية ومسؤولين من مختلف الاطر لا يقومون بالدور المطلوب منهم لوضع حد لهذه الظاهرة.
وفيما يتعلق بقدرة المدارس على وضع حد للعنف قال جازي: إن المدارس لا تملك هذه الأليات التي تعمل على خلق أجواء مناسبة لدى الطلاب وما زالت تنقصها العديد من البرامج التي قد تساهم بشكل او بأخر في الحد من ظواهر العنف، وايضا الاساليب التي تستعمل من قبل المعلم تجاه طالب او الاهل تجاه طالب، فمنهم يستعمل لغة شتم الطالب او ببعض الاحيان ضربه، فهذا اسلوب يكفي لجعل الطالب ينحرف بمسار تفكيره نحو طريق العنف .
وقال أيضا إن التعامل مع الطالب وكأنه أله لحفظ المعلومات والضغط عليه من قبل المعلم والاهل وبصورة غير طبيعية وبالتالي هذا يؤثر سلبا على شخصيته، وهنا يجب اخترام احساس الطالب وافكاره والى ماذا يطمح ولا يجب التركيز فقط على تحصيله العلمي وبالتالي هذا قد يساعده على الوصول الى نتائج افصل في التحصيل العلمي دون اللجوء الى اسلوب الضغط النفسي عليه.
دور المجلس المحلي
بدوره قال مدير قسم التقدم العلمي في المدارس بمجلس عرابة المحلي ماضي ماضي عن دور المجلس المحلي في مكافحة العنف: نحن في المجلس المحلي اقمنا العديد من المشاريع التي من شأنها الحد من هذه الظواهر، فمثلا مشروع الملاعب المضاءة التي تفتح أمام الشباب في ساعات المساء لممارسة العديد من النشاطات الرياضية وايضا قمنا بالعمل على تبني دوريات مختلفة لجميع الحارات، وعلى صعيد المدارس اقمنا مشروع النوايديات في اماكن مختلفة موزعة في القرية والتي تستوعب العديد من الطلاب ومساعدتهم على تطويرهم من الناحية العلمية وايضا مشاركتهم بفعاليات مختلفة.
وتابع قائلا: ورغم ذلك ما زالت هناك العديد الامور التي ما زالت ناقصة ويجب العمل عليها، ونحن الآن نعمل حسب الامكانيات المتوفرة لدينا كسلطة محلية وكقسم مسؤول عن التقدم العلمي في المدارس.
bokra.editor@gmail.com
أضف تعليق