تضج مواقع الإعلام الإسرائيلية مُنذ يومين بأخبار ومُقابلات مع أهالي المنطقة المُحاذية لقطاع غزة، مُبتعدة بذلك عن جوقة صناعة الأبطال والنَصر المُتّخيّل، لتُحوّل عناوينها ولهجتها كلها إلى حالة خيبة من فشل القيادة الإسرائيلية بتحقيق الأمن لهم !

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي خرج في خطاب "تاريخي" خلال الأسبوع الماضي، هُو ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيمين نتنياهو، طلب فيه من سكان جنوب إسرائيل القريبين من قطاع غزة والذين تعرضوا للقصف خلال الشهر الماضي في عملية (الجرف الصامد – من وجهة النظر الإسرائيلية) أو (العصف المأكول – من وجهة النظر الفلسطينية)، مؤكدًا لهُم أن القصف انتهى وأن الأنفاق ما عادت تُشكل خطرًا على حياتهم.

الجمهور الإسرائيلي الذي ترك بلداته العادية وبلداته التعاونية، هاربًا من صواريخ المُقاومة إلى مركز إسرائيل وشمالها، إلى فنادق ومُنتجعات أو إلى بيوت أقاربٍ لهُم، تاركين عملهم وحياتهم العادية، عادوا خلال الأيام الأربعة الماضية مُتنفسين الصعداء، واثقين بأوامر القيادة، ولكن ما أن وضعوا أمتعتهم وتفقدوا البيت ومُحيطه ومسحوا الغبار عن أثاث المنزل، وإذا بصفارات الإنذار تُدوي، لتقُض مضاجعهم من جديد وتُجبرهم للنزول والعيش في الملائجئ من جديد، في عيشة يصفون أنها لا تُطاق .. وعلى الرغم من أن وتيرة الصواريخ قلّت كثيرًا عن ما كانت عليه أيام العدوان "الرسمية"، وعلى الرغم مَن أن الناظر من بعيد قد يظن أن الحديث عن رشقات متفرقة من الصواريخ يُمكن التعايُش معها، إلا أن مُجمل حديث مواطني الجنوب في إسرائيل يرون أن الأمر ليس كما يظن البعض، وأن الخوف والهلع يصل ذروته مَع كُل صفارة إنذار جديدة !

مواطنون إسرائيليون في الجنوب فضلوا عدم العودة إلى بيوتهم حتى تضمن لهُم القيادة الأمن في بيوتهم، مُعربين عن قلقهم وعن شعورهم أن القيادة فشلت في تحقيق ما أعلنت عنه من أهداف الحرب على غزة، ولم تكن صادقة عندما قالت أن بإمكانهم العودة إلى بيوتهم وأن الأمن قد حَل في تلك المناطق !

يُذكر أن آلاف جنود الاحتياط الإسرائيليين قد عادوا إلى بلداتهم والدبابات بدأت بالعودة إلى قواعدها ومخازنها في شمالي البلاد بعد الإعلان عن الهدنة وبدئ المُفاوضات "المُتعثّرة" في مصر، ولكن أهالي جنوبي إسرائيل يكتشفون أن الحرب لم تضع أوزارها بعد ومسألة "الأمن" بعد كُل هذا العدوان والقتل والصواريخ والقنابل من الجو والبحر والبر والدخول الأرضي للجنود إلى تخوم غزة لم تُحظي الإسرائيليين بنوم هادئ ! 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com