قصة انسانية من الدرجة الأولى تروي معاناة اسرة من الاسر الفلسطينية التي تعاني ويلات الحرب في غزة الصامدة خطت اسطرها دماء الشهيد علي شاهين ابن الخمسة عشر ربيعا، والذي استشهد فجر الثلاثين من شهر تموز بعد اختراق قذيفة اسرائيلية غاشمة لصدره، وصمود اب يحاول بكل قواه ان يتماسك امام اسرته التي ما زالت تلملم جراح خسارتها لابنها علي.

الطبيب احمد شاهين من غزة طبيب اطفال فقد ابنه الكبير علي جراء الحرب على غزة، يحاول الظهور بشكل صامد امام اسرته بعد استشهاد ولده امام عينيه، حتى يحثهم على الاستمرار في الحياة. شاهين ومنذ استشهاد ولده علي يقوم يوميا بكتابة مدونة يخاطبه فيها ويخبره عما يجري.

كيف استطاع الطبيب شاهين الصمود؟

عن صموده حتى الآن في ظل تشرده وأسرته من بيته وفقدانه لفلذة كبده وإصابة زوجته بجروح بالغة، قال د. شاهين لـ"بكرا": خلال النهار لا أتذكر ولدي الشهيد علي ذلك بسبب انشغالي بأسرتي الكبيرة ولأنني لست ملك نفسي، حيث انه لدي ابن مريض، يعاني من شلل دماغي بسبب التطعيمات التي تلقاها عندما كان صغيرا ابن الستة أشهر.

وقال: الشهيد علي هو الوحيد الذي كان قادرا على القيام مساعدة أخيه المريض، عثمان، كان يحمله ويساعده وينقله إلى الحمام، ويوفر له حاجياته، أم اليوم فلا أحد يستطيع القيام بهذا الدور كما كان علي يقوم به.

"في الليل أحاول مخاطبة ابني علي ولا أجده، أصاب بالانهيار والهبوط بعض الشيء، لكنني أعود في النهار لأتماسك أمام أسرتي وأظهر لهم أن استشهاد علي لن يؤثر بي، وأنه ليس نهاية الحياة بالرغم من أن علي ترك جرحا كبيرا جدا يصعب شفاءه، بالتالي يجب أن أكون قويا أمام أسرتي وابني المريض عثمان، وان أمدهم بالدعم النفسي بان الحياة ستستمر والتاريخ لن يتوقف عند موت علي ابني"- قال الأب المكلوم.

ظننت أنهم لن يقصفوا منازل الأطباء وعيادتهم لكن ذلك حدث معي وفقدت ابني

وتابع د. شاهين لـ"بكرا": منزلي يتكون من طابق ارضي توجد فيه عيادة طبية للأطفال، حيث كنت أتطوع لمعالجة ضحايا الحرب والعدوان الإسرائيلي، وذلك لصعوبة الوصول إلى المستشفيات وعدم وجود المواصلات بسبب القصف الإسرائيلي، على اثر ذلك شرد ما يقارب الـ 50 شخصًا معظمهم من النساء والأطفال وجاءوا للاحتماء في بيتي لان بيتي كان آمنا بسبب العيادة.

وعن الحادث قال: كان ولدي علي يساعدني في التخفيف من روع المحتمين في عيادتي، ويساعد الأشخاص المتواجدين في المنزل، وهو على ثقة بأنه كان يؤدي دور أنساني ويخدم الأشخاص الذين شردوا من الخوف ومن آلة الحرب الإسرائيلية، وعند الخامسة صباحا من فجر الثلاثين من تموز، إذ كنا نجلس ما يقارب ال 15 شخصا في غرفة بيت الدرج في المنزل وهي أكثر غرفة أمنة فيه، وكان علي يجلس بيننا، وإذ بقذيفة تخترق سقف المنزل المتين جدا، مباشرة على صدر ابني علي، وقامت بتمزيق صدره، حيث تفتت الجهة اليمنى من صدره، كما توزعت شظايا القذيفة على جميع الموجدين في الغرفة من بينهم زوجتي التي تلقت شظية في رأسها أجرت على إثرها عملية وهي تحتاج الآن إلى زراعة الجزء العظمي الذي تكسر في جمجمة رأسها، كما أصيبت بشظايا في مناطق مختلفة من جسدها وتفتت أصبعها، وقد تركت الشظايا عدة جروح في جسدها تحتاج إلى أشهر حتى تلتئم.

وأضاف: ورغم القصف المتواصل على المنزل والمنازل المجاورة خرجنا من بين الركام، وبعد ما يقارب العشرين مترا لاحظت بأنني لم اسمع صوت علي، فعدت أدراجي إلى المنزل وإذ به ملقى على ظهره ويعاني سكرات الموت بسبب اختراق القذيفة لصدره، كان ذلك مذهلا، تمالكت نفسي وقمت على الفور بالاتصال بسيارات الإسعاف لكنهم رفضوا القدوم بسبب شراسة القصف الإسرائيلي، وبدون أي تفكير قمت بوضع علي في سيارتي، وسرت إلى المستشفى إلا انه عند وصولي للمستشفى كان قد فارق الحياة.

الطبيب يتساءل: أين منظمات حقوق الإنسان؟!

يتساءل الطبيب أين منظمات حقوق الإنسان الدولية مما يجري حاليا في غزة، وقال:"أوجه رسالة لأحرار وشرفاء العالم أن يتدخلوا لوقف مأساة غزة وأن يضعوا حدا للإبادة الجماعية التي تمارس بحق مليوني فلسطيني في منطقة صغيرة، وأطالب المؤسسات الحقوقية والمنظمات الحقوقية أن يدينوا إسرائيل بشكل واضح على إجرامها بحق شعب اعزل، فانا مجرد قصة من قصص كثيرة وعائلات فقدت أبناءها وأخرى مسحت من السجل المدني.

وكانت جمهورية البوسنة قد نعت الشهيد علي شاهين ابن الخمسة عشر عاما كونه يحمل الجنسية البوسنية، وطالبت بمحاكمة من قتل الشهيد علي في المحاكم الدولية المختصة.

مدونات د. شاهين لولده الشهيد علي

مما يكتبه الطبيب احمد في صفحته الخاصة على الفيس بوك لولده علي: الليلة الثامنة في رحاب الله والله يا بابا ما زلت مرهق وتعبان مش حقدر اكتبلك حاجه بس بدي أذكرك بهاذي الصورة يوم العيد قبل استشهادك بيوم واحد عندما طلبت مني و صممت إلا أن نذهب إلى الشجاعيه وذلك بعد أن أتمنى زيارة اسر الشهداء لترى الدمار الذي خلفه العدو الصهيوني في شعبنا ...في أمان الله حبيبي

صفحة الطبيب على الفيس بوك لمتابعته: :https://www.facebook.com/ahmed.shahen.798?hc_location=timeline

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com