كشفت شهادات جديدة لجنود وضباط إسرائيليين نجوا من هجوم السابع من أكتوبر 2023، عن تفاصيل صادمة حول الفشل الأمني والعسكري الذي رافق عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، ضد مواقع ومستوطنات إسرائيلية متاخمة لقطاع غزة.
الهجوم، الذي اعتبرته إسرائيل "الأسوأ في تاريخها"، بدأ فجر ذلك اليوم عندما اخترق مقاتلون فلسطينيون الحدود البرية والبحرية والجوية، وسيطروا مؤقتاً على قواعد عسكرية ومستوطنات في غلاف غزة، في عملية غير مسبوقة أربكت الجيش الإسرائيلي وأجهزته الاستخبارية.
ووفق الروايات التي نشرتها وسائل إعلام عبرية، فإن الجنود في مواقع مثل ناحال عوز وإيرز وزيكيم وصوفا واجهوا حالة من الارتباك التام، وسط غياب القيادات الميدانية وانقطاع الاتصالات. وقال أحد الضباط الناجين من موقع ناحال عوز:
"لم نكن على قدر المهمة... فشلنا، القاعدة سقطت في الساعات الأولى".
تشير التحقيقات إلى مقتل 1538 إسرائيلياً في الساعات الأولى للهجوم، بينهم 286 عسكرياً، وأُسر 248 شخصاً، ما شكل صدمة عميقة للمؤسسة الأمنية.
"زيكيم" و"يفتاح": انهيار القيادة وارتباك ميداني
في قاعدة زيكيم الجوية، قتل سبعة جنود بعد أن نجح مقاتلو القسام في اختراق التحصينات. أحد القادة الإسرائيليين قال إن معظم قادة السرية "إما قُتلوا أو أصيبوا"، فيما قاتل مجندان جديدان بأيديهما العاريتين.
أما في معسكر يفتاح، فكانت المشاهد أكثر قسوة: "صرخات، فوضى، ودماء في كل مكان"، بحسب شهادة أحد الناجين الذي وصف كيف قُتل زملاؤه أثناء محاولتهم صد الهجوم دون قيادة واضحة.
"إيرز" و"بيغا": فشل استراتيجي وسقوط في الميدان
في معبر إيرز، اعترف تحقيق عسكري بأن "المهمة الدفاعية لم تنفذ كما يجب"، فيما تحدث قائد ميداني عن شعوره بالعجز الكامل أمام المقاتلين الفلسطينيين الذين باغتوا القاعدة من البحر والبر.
أما في موقع بيغا، فقد قاتل 25 جندياً من الكتيبة 13 ضد أكثر من 150 مقاتلاً فلسطينياً. أحد الجنود قال:
"قائدنا قال لنا: نحن الكتيبة 13، وسنقاتل حتى آخر رصاصة".
ناحال عوز وصوفا: رمزان للفشل والانهيار
كانت ناحال عوز الأكثر دموية، حيث قتل 53 جندياً وأُسر عشرة. التحقيقات وصفت ما حدث بأنه "فشل استخباراتي وعملياتي ذريع". أحد الضباط قال إنه ظن أن النيران مصدرها وحدات إسرائيلية، ولم يدرك أن المقاتلين الفلسطينيين داخل القاعدة بالفعل.
أما في موقع صوفا، فقد قُتل 14 جندياً من وحدة "سييرت ناحال"، فيما فقدت القيادة السيطرة الميدانية بالكامل. وقال أحد الضباط:
"سمعت عبر اللاسلكي أن القمة سقطت... أدركت أن القائد قُتل، ولم يعد أحد يعطينا الأوامر".
كرم أبو سالم وأوريم وريعيم: مواجهة حتى الرمق الأخير
في كرم أبو سالم، صمد سبعة جنود فقط ضد عشرات المقاتلين، قبل أن تتدخل مروحية قتالية وتنقذ من تبقى منهم. أما في ريعيم، فاضطر قائد الوحدة إلى إصدار أمر "اهربوا من الفلسطينيين"، بعدما اخترق نحو 60 مقاتلاً القاعدة.
وفي أوريم، قُتل ثمانية جنود بعد اشتباك عنيف، بينما انسحب المقاتلون الفلسطينيون بعد أن حققوا هدفهم التكتيكي.
"طوفان الأقصى".. حدث أعاد رسم الصراع
تُجمع الشهادات على أن ما جرى في السابع من أكتوبر لم يكن مجرد هجوم عسكري، بل نقطة تحول في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. فقد أظهرت العملية هشاشة منظومة الأمن الإسرائيلية، وأعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام الإقليمي والدولي بعد سنوات من التراجع.
يقول أحد المحللين الإسرائيليين في ختام التقرير:
"لم تكن الكارثة في عدد القتلى فقط، بل في سقوط أسطورة الجيش الذي لا يُقهر... في تلك الساعات، انهار كل ما بُني خلال عقود".
bokra.editor@gmail.com
أضف تعليق