قال المحلل السياسي محمد دراوشة في حديث خاص لـ"بكرا" إن إعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس يشكّل "ضرورة إنسانية عاجلة" بعد الدمار الكبير الذي شهدته غزة، لكنه شدّد على أن ما حدث "ليس سلامًا بل إدارة مؤقتة للأزمة". وأوضح أن الاتفاق لا يعالج جذور الصراع، بل يعيد تنظيم قواعد الاشتباك من جديد: من يدير المعابر؟ من يشرف على الإعمار؟ من يضمن الأمن؟ مؤكدًا أن هذه الأسئلة تُطرح في سياق لا يسعى إلى إنهاء الاحتلال، بل إلى تثبيت واقع هش يُبقي الفلسطينيين في حالة انتظار دائم.
وحول تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي دعا فيها أمام الكنيست إلى منح عفو لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، قال دراوشة إن "التصريح خطير جدًا"، مشيرًا إلى أن "طلب رئيس وزراء متهم بالفساد من رئيس دولة أجنبية التدخل في مسار العدالة الداخلية يُعد مساسًا مباشرًا باستقلال القضاء"، مضيفًا أن "استجابة ترامب لهذا الطلب علنًا، في قلب المؤسسة التشريعية الإسرائيلية، تُكرّس ثقافة الإفلات من العقاب وتُضعف ثقة الجمهور بالمؤسسات الديمقراطية".
حل سياسي؟!
وفي ما يتعلق بإمكانية وجود نية حقيقية لدى الحكومة الإسرائيلية الحالية للتوجه نحو حل سياسي، أكد دراوشة أن حكومة نتنياهو، المدعومة من تحالف يميني متطرف، "لا تُبدي أي استعداد للانخراط في مسار سياسي جاد"، بل "تستغل اللحظة لتوسيع الاستيطان وفرض السيادة على مناطق واسعة من الضفة الغربية في إطار مشروع ’أرض إسرائيل الكبرى‘"، الذي "لا يترك أي مجال لحل الدولتين ولا يعترف بالحقوق الوطنية الفلسطينية".
وحول العقبات التي تحول دون تحويل التهدئة إلى سلام دائم، عدّد دراوشة أربع نقاط أساسية: أولًا، غياب الأفق السياسي للفلسطينيين، إذ لا توجد أي ضمانات بأن التهدئة ستقود إلى إنهاء الاحتلال أو الاعتراف بالحقوق الوطنية. ثانيًا، انعدام الثقة في الحكومة الإسرائيلية، التي أثبتت مرارًا أنها تفضّل السيطرة على الأرض على حساب السلام. ثالثًا، الانقسام الفلسطيني الداخلي الذي يُضعف الموقف التفاوضي ويُعطي إسرائيل ذريعة لتجاهل المطالب الوطنية. ورابعًا، الوساطة الدولية المنحازة، إذ تدير الولايات المتحدة الصراع وفق مصالحها وتقدّم التهدئة كإنجاز دبلوماسي دون إلزام إسرائيل بأي تنازل جوهري.
المجتمع الدولي
أما عن دور المجتمع الدولي، فقال دراوشة إن عليه أن "يتجاوز منطق إدارة الأزمة ويتجه نحو فرض حل عادل"، مؤكدًا أن "وقف القصف لا يكفي، بل يجب إنهاء الاحتلال واستعادة الكرامة والعدالة".
وفي ختام حديثه، رأى دراوشة أن الأمل ما زال قائمًا في وعي الشعوب وقدرتها على الصمود والمطالبة بحقوقها، مشددًا على أن الفلسطينيين بحاجة إلى "رؤية استراتيجية جديدة وإعادة ترتيب البيت الداخلي وتفعيل الحراك الدبلوماسي والشعبي"، لأن "الصراع لم ينتهِ، لكنه دخل مرحلة جديدة من التعقيد تتطلب يقظة سياسية وموقفًا نقديًا حازمًا".
bokra.editor@gmail.com
أضف تعليق