وفقا للاعلام الاسرائيلي فإن الاتفاق الامني بين اسرائيل وسوريا والذي تسعى ادارة ترامب الى توقيعه يوم 29 ايلول 2025 في على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للامم المتحدة بلقاء ثلاثي، ليس نهائيا بعد، يجمع ترامب بكل من نتنياهو والشرع.
فيما جرى لقاء تمهيدي يوم 22 الجاري بين وزير الخارجية السوري ووزير الشؤون الاستراتيجية الاسرائيلي، كما نوّهت وسائل الاعلام الاسرائيلية نقلا عن الاندبندت العربي السعودية الى ان ادارة ترامب تمارس ضغوطات على نتنياهو لعقد الاجتماع الثلاثي في التاريخ المذكور.
تحدث ترامب في خطابه امام الجمعية العمومية يوم 23/9 عن سبعة صراعات مسلحة تم حلها بفضله، وليست جميعها دقيقة، فيما اشار الى ذلك يؤهله للفوز بجائزة نوبل للسلام. بينما اشار توم باراك السفير الامريكي لدى تركيا والمبعوث في الملفين السوري واللبناني الى اعتقاده بأن السلام بعيد كل البعد عن المنطقة ولن يحصل، وبأن الاتفاقات الامنية بدورها لا تصمد بحد ذاتها، فيما شدد في مقابلة مطولة مع سكاي نيوز عربية على ان الولايات المتحدة لن تقوم بحروب الاخرين وهذه عقيدة مترسخة لدى ترامب. بينما يشكل ابرام الاتفاق الامني بين سوريا واسرائيل حل الصراع الثامن وفقا لترامب.
في الواقع السوري والتجاذبات الاقليمية والدولية فإن اسرائيل ليست معنية بالتطبيع لما فيه من استحقاقات غير معنية بها، فيما تعارض تركيا وبشدة اية امكانية لانضواء النظام السوري تحت الاتفاقات الابراهامية نظرا لما فيها من تحالف أمني مع اسرائيل. فيما امريكيا فإن الاتفاق الامني قد يتطور لاحقا نحو اتفاق سياسي شامل وسلام دائم بين البلدين، مع الاشارة الامريكية الى أن اسرائيل لن تنسحب من سوريا لا من قمم جبل الشيخ وبالتأكيد ليس من الجولان المحتل عام 1967 والخاضع لقانون الضم الاسرائيلي.
في تطرقه في المقابلة المذكورة يؤكد باراك في الشأن اللبناني بأن اسرائيل لن تنسحب من النقاط الخمس التي تسيطر عليها منذ الحرب الاخيرة، كما ان الوجهة نحو هزيمة حزب الله هي الجيش اللبناني بصفته "في غالبيته من السنّة" في مواجهة الحزب الشيعي وفقا له. واعتبر تركيبة الجيش الطائفية والمذهبية عاملا اساسيا في نزع سلاح حزب الله وعلى اساس عقائدي هوياتي. هذا التوجه يتماشى مع بنود الاتفاق مع سوريا بشأن حظر استخدام اراضيها من قبل ايران، وهوية الجيش السوري الطائفية والمذهبية وفقا لاسرائيل والولايات المتحدة، ما يعني السعي لتخصيص دور وظيفي للنظام السوري في الملف اللبناني الداخلي ولحسم الاوضاع وفقا للمصلحة الاسرائيلية والامريكية في هذه الحالة.
تعتمد الادارة الامريكية مبدأ الدبلوماسية بالقوة، وفعليا وبما انها لا تسعى للقيام بحروب الاخرين في المنطقة، فإنها تهدد كلا من سوريا ولبنان بالقوة العسكرية الاسرائيلية وبأن تترك البلدين لسطوة التدخل الاسرائيلي وهو ما يحصل فعليا وحصريا من قبل سلاح الجو الاسرائيلي الى جانب التدخل البري.
يبدو أن اسرائيل كما يرشح من تصريحات، على استعداد لابداء ليونة في مسألة استخدام الاجواء السورية عسكريا وحصريا لضرب ايران او لمنع انتقال الاسلحة عبر اراضيها، وكذلك لفرض توازنات مقابل تركيا في سوريا وسعيا لتقاسم النفوذ بالشروط الاسرائيلية. تأتي "الليونة" على ضوء امتلاكها وفقا لواشنطن لقدرات استراتيجية تعوّضها عن ذلك، ناهيك عن انها لن تتنازل عما اعتمدته مع النظام السوري السابق بصدد "المعركة بين الحروب" ومفادها استهداف مسبق لاية قدرات قد تهددها لاحقا وتضطرها لمواجهة حربية.
من شروط الاتفاق الامني ايضا توسيع جوهري لحدود المنطقة العازلة داخل الاراضي السورية قياسا باتفاقية وقف اطلاق النار من العام 1974، ومنع نقل اسلحة سورية ثقيلة جنوب دمشق، بالاضافة الى تسوية سورية تتوافق مع شروط اسرائيل تقوم على إدماج النظام السوري لمجموعات "الاقليات" – الدروز والكرد وفقا لاسرائيل – في النظام السياسي السوري، وتسوية حصرية بشأن منطقة السويداء، فيما هي صيغة غير محددة المعالم بينما تنقل وسائل الاعلام الاسرائيلية بأن اسرائيل تقوم بتمويل نحو ثلاثة الاف عنصر في السويداء وبمساعدات عسكرية وهي من يقف وراء رفع الاعلام الاسرائيلية ووراء مطالبة بعض الاوساط من السوريين الدروز بالانفصال عن سوريا وتقرير المصير. في هذا الصدد لا يوجد اجماع اسرائيلي داخلي بل يوجد خلاف حول التوجهات، بكون التوجه الانفصالي بين جناح في الدروز السوريين سيجعل اسرائيل تتورط للمدى البعيد وبأنها ملزمة للدروز مواطنيها وليس لمواطني سوريا، وتوجّه يقول بأن على اسرائيل اللعب على وتر ترسيخ الهويات السورية المتصارعة وحصريا الدروز والكرد بما يخدم السياسة الاسرائيلية سواء بالتنازل عن التحالف مع "قسد" لصالح تركيا في شمال شرق سوريا، بينما تتمسك بنفوذها في منطقة السويداء بموافقة تركية على تقاسم النفوذ.
في الخلاصة، تستغل اسرائيل وبدعم امريكي ضعف النظام السوري داخليا وتفتيشه عن شرعية دولية من اجل فرض اتفاق أمني بشروط اسرائيلية مطلقة بما فيه الابقاء على احتلالها وترسيخ نفوذها في سوريا. في ذات الوقت تنتهج اسرائيل مبدأ عدم الصدام الحربي مع تركيا بل فرض تقاسم النفوذ في سوريا بالابقاء على نفوذها المطلق في منطقة السويداء وعلى حساب الكرد.
الاتفاق الامني الثلاثي يمنح اسرائيل نفوذا أمنيا غير مسبوق وبمصادقة دولية في سوريا. كما انه يقوم على تحجيم النفوذ الفرنسي في الملفين السوري واللبناني.
وفقا للتقديرات، فقد يمنح الاتفاق الامني النظام السوري نوعا من الاستقرار لكن على حساب السيادة الوطنية وبهذا المفهوم فهو أبعد من اعتبارها أمنيا فحسب.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com