لم تعد الرياضة في القارة الأوروبية مجرد منافسة على البطولات والألقاب، بل تحولت إلى ساحة سياسية وأخلاقية تختبر مواقف الدول والمنظمات الدولية. ففي أيار 2024 اعترفت إسبانيا رسميًا بدولة فلسطين، لتعود اليوم إلى الواجهة مع دعوة رئيس وزرائها بيدرو سانشيز إلى استبعاد إسرائيل من جميع المسابقات الرياضية الدولية، في خطوة أثارت نقاشًا واسعًا بين السياسة والرياضة.
سباق إسبانيا.. الشرارة الأولى
الجدل تصاعد بشكل لافت خلال سباق إسبانيا للدراجات، بعد احتجاجات واسعة ضد مشاركة فريق "إسرائيل–بريمر تيك". آلاف المتظاهرين اصطفوا على طول مسار السباق، ما أدى إلى تعطيل بعض المراحل وتهديد رياضيين بالانسحاب. وعند وصول السباق إلى مدريد، نشرت السلطات أكثر من ألف شرطي لتأمين المرحلة الأخيرة.
سانشيز استغل المشهد ليصرح: "لا مكان لإسرائيل في المنصات الرياضية ما دامت الوحشية في غزة مستمرة"، مضيفًا: "روسيا استُبعدت بعد غزو أوكرانيا، فلماذا لا تُستبعد إسرائيل بعد غزوها لغزة؟".
السياسة الخارجية الإسبانية
خطوة سانشيز جاءت منسجمة مع توجهات حكومته الأخيرة التي وضعت القضية الفلسطينية في صلب أولوياتها، سواء عبر الاعتراف بالدولة الفلسطينية أو عبر فرض قيود على الإمدادات العسكرية لإسرائيل.
مواقف متباينة
ورغم هذا الزخم، لا يزال الموقف الدولي من استبعاد إسرائيل بعيدًا عن الحسم. فاللجنة الأولمبية الدولية جددت تمسكها بمبدأ "الحياد الرياضي"، مؤكدة أن إسرائيل وفلسطين تتمتعان باعتراف متساوٍ وحقوق كاملة في المشاركة بالفعاليات الكبرى، كما حدث في أولمبياد باريس 2024.
في المقابل، تتصاعد الدعوات داخل أوروبا لمعاقبة إسرائيل رياضيًا. فقد طالب الاتحاد النرويجي لكرة القدم ورابطة مدربي كرة القدم الإيطالية بإقصائها من المنافسات، وأعلنت عدة أندية رغبتها في عدم مواجهة فريق مكابي تل أبيب احتجاجًا على الوضع في غزة.
ضغوط متزايدة
مع تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة بسبب الحصار والقصف الذي أودى بحياة الآلاف، من بينهم مئات الرياضيين الفلسطينيين، تزداد الضغوط من أوساط رياضية وشعبية لفرض عقوبات رياضية على إسرائيل، على غرار ما جرى مع روسيا.
وبينما تواصل إسبانيا الدفع باتجاه عزل إسرائيل، يبقى السؤال: هل تتمسك المنظمات الدولية بالحياد الرياضي، أم تتجه نحو مقاطعة شاملة تعيد إلى الأذهان تجربة روسيا؟
bokra.editor@gmail.com
أضف تعليق