أَتَانِي جُوعُهَا تَائِهًا
أَوْقَفَنِي جُنُودُ الحَاجِزِ
تَمَّتِ الشَّمْسُ مَرَّتَيْنِ
وَزَارَتْنِي كِلَابُهُمْ مَعَ جُوعِهَا
يَتَكَلَّمُ حُرَّاسُهُمْ بِالسَّيْفِ
لا أقلامَ في جيوبِهِمْ
يَرْكَبُونَ المَوْتَ
لا حياةَ في قلوبِهِمْ
وَيَصُرُّونَهُ شُرْبًا لِأَشِعَّةِ الشَّمْسِ.
قَالَ المُغَنِّي:
"غَنَّيْتُ مَرَّتَيْنِ
عِنْدَمَا عَلِقْتُ فِي السِّجْنِ،
وَعِنْدَمَا اسْتَلْقَتْ أُمِّي عَلَى الشَّاهِدِ مَرَّتَيْنِ
نَقَشْتُ اسْمَهُ مَرَّتَيْنِ
فِي غُرْفَةِ القَلْبِ"
مَاذَا يَعْنِي المَوْتُ بِالسُّمِّ
أَوْ بِالقَتْلِ
سَأَسْرِقُ رَغِيفَ خُبْزٍ
فِي صَبَاحِ الغَدِ الغَدْرِ
وَأَشْتَرِي عَفْوًا ـَسْرِقُ بَيْضَتَيْنِ:
وَاحِدَةً لِي
وَالثَّانِيَةَ لِأَيَّامِ الجُوعِ فِي الحَرْبِ
تَنْزِفُ خَاصِرَتِي
مِنْ قَصِيدَتِي النَّاقِصَةِ الكَلامِ
تَحْمِلُهَا الأَوْجَاعُ عَلَى الأَوْهَامِ
وَتَأْخُذُهَا إِلَى رُجُوعِيَّاتِ الصَّمْتِ
وَإِلَى عَنَاقِيدِ الجُفُونِ الدَّامِعَةِ
تَوَارَى الحُزْنُ فِي عَتْمَةِ النُّزُوحِ
وَيَسْخَرُ مِنْهُ غُبَارُ العَائِدِينَ مَعَ التَّخَيُّلِ
وَهُمُومُ أَطْرَافِ الأَصِيلِ
تَنْتَصِبُ خَيْبَاتُ الجَحِيمِ
تَعَلَّقُ نَفْسَهَا تَحْتَ مَشْنَقَةٍ مَوْهُومَةٍ
أَرَاهَا وَلَا أَرَاهَا
لَنْ أَقْصِفَ نَفْسَ الوُرُودِ
وَلَنْ أَقْطِفَ خَجَلَهَا مِنَ العُيُونِ
سَأُغَنِّي أُغْنِيَةَ الفَرَحِ
أُغَنِّيها لِعَنَاقِيدِ البَلَحِ
وَعِنْدَمَا يَمُرُّ المَوْتُ
لِيَدْفِنَكَ عِنْدَ شُقُوقِ الأَرْضِ
سَأَرْفُضُ طَعْمَ السُّمِّ
وَأَسْتَقِيمُ مَعَ الصَّبْرِ وَالحَقِّ
أُفَجِّرُ قَلَقَ يَنَابِيعَ لِلصَّبْرِ
وَأَعُودُ مَعَ العَادِيَاتِ مِنَ النَّصْرِ
يَنْتَابُهَا الغُمُوضُ وَالنُّعَاسُ
وَيَعُودُ حُضُورُهَا مَعَ الوَجَعِ المُنْسَابِ
وَدَفْعُ خَاصِرَةٍ يَنْقُشُهَا فِي بَرْدِ الكَلَامِ
كَقَصِيدَةٍ لِمَحْمُودٍ دَرْوِيشٍ
يَحْفَظُهَا الهَوَى
يُرْغِمُهَا عَلَى الكِتْمَانِ
حَتَّى اكْتِمَالِ القَصِيدَةِ
الَّتِي لَمْ تُكْتَبْ
مزعومٌ هوَ الاكْتِمالُ
وَتَخْرُجُ مِنْ صَوْمَعَةِ الإِيقَاعِ
يَدْغَدِغُهَا رَحِيقُ عَنَاقِيدِ الخَلِيلِ
وَبُرْتُقَالُ يَافَا المُسَافِرُ إِلَى البَعِيدِ
مِنْ ظِلَالِ الأَسَى
وَمَرَاكِبُ الأَعْدَاءِ السَّارِقِينَ
وَوَهْمُ الخُرُوجِ مِنَ الأَسْرِ قَمَرَ الجَلِيلِ
مَعَ زَئِيرِ بُحَيْرَةٍ تَنْقُصُهَا المِيَاهُ
وَنِيلٍ يَعْشَقُهُ الفُرَاتُ
أَعْتَلِي فَجْرًا
بِقَطَرَاتِ النَّدَى
وَعَوْدَةِ الصَّدَى
أَغْتَلِي بِأُغْنِيَاتِ الصُّوفِيِّينَ
وَأُغَنِّي أُغْنِيَاتِ العِشْقِ القَدِيمِ
لِيَنَامَ طِفْلُنَا بَيْنَ العُبُورِ وَمَعَ النُّورِ
لَيْلَى تَعُودُ مِنَ العِرَاقِ
إِلَى ضِفَافِ الِارْتِقَاءِ
كَشْفِيَّةً بِلَا دَوَاءٍ
يَا لَيْتَنِي كُنْتُ المُغَنِّي فِي العِرَاقِ
أَحْمِلُ إِيقَاعَاتِ الشِّفَاءِ
وَأَذْرِفُ خَجَلِي مِنَ الأَنْهَارِ
ليتَني بيّاعَ وردٍ في الجزائرِ
قدْ لا أكونُ ولا يشتري منّي أحدٌ
لكنْ
سَتَكُونِينَ مَا تُرِيدِينَ
وَلَنْ أَكُونَ إِلَّا مَا أُرِيدُ
وَأَنْتِ لنْ تَكُونِي إلّا مَا تُرِيدِينَ
يُعَانِقُنَا الحَقُّ وَالصَّبْرُ
يُعَانِقُنَا النَّصْرُ

أب 2025

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com