تشهد إسرائيل أزمة عميقة في قطاع العمالة الأجنبية، مع نقص يُقدّر بنحو 200 ألف عامل في المهن غير الماهرة، بحسب ما أفاد به مدير عام وزارة الاقتصاد مؤخرًا. الأزمة تفاقمت بعد اندلاع حرب "سيوف من حديد"، التي أدت إلى تقييد دخول العمال الفلسطينيين، ودفعت العديد من القطاعات إلى حافة الجمود، من البناء والصناعة إلى الزراعة والمطاعم والفنادق.
عوز ساغي، نائب المدير العام لشركة "نِيما" للخدمات المالية للعمال الأجانب، قال إن "الطلب على العمال الأجانب ليس محصورًا بالبناء، بل يمتد إلى المطاعم، الزراعة، والمصانع. حتى شبكات الغذاء الكبرى بدأت باستقدام عمال أجانب لتغطية النقص". وأشار إلى أن "تكلفة استقدام طاهٍ من تايلاند مثلًا تصل إلى عشرات آلاف الشواقل"، وأن ارتفاع التكاليف يُحمَّل مباشرة على المستهلكين، ما يرفع الأسعار في السوق.
قطاع البناء
في قطاع البناء، يقول إلداد نيتسان، رئيس اتحاد شركات التوظيف، إن "القطاع انهار من 120 ألف عامل إلى 70 ألفًا فقط، بعد أن رفضت دول كثيرة إرسال عمال خلال الحرب"، مضيفًا أن "الوضع يتحسن ببطء بعد التوصل إلى اتفاقات جديدة مع دول مثل الهند وسريلانكا". رغم ذلك، يقدَّر العجز الحالي بنحو 40 ألف عامل إضافي.
شركات صناعية كبيرة مثل "تمبو"، و"فنيسيا غلاس" تلقت مؤخرًا مئات العمال المهرة عبر شركة "ديناميك" الهندية، التي توسّعت في السوق الإسرائيلي منذ نوفمبر 2023. رئيس الشركة، سمير كوشلا، أعلن عن نية استقدام 2000 عامل إضافي حتى نهاية العام.
القطاعات الأكثر طلبًا تشمل مشغلي آلات، فنيي صيانة، عمّال صناعة الغذاء، عمّال مخازن، مهندسين، وفنيين. ويؤكد كوشلا أن "العمال الهنود معروفون بانضباطهم العالي، والعمل لفترات طويلة دون انقطاع، ما يعوّض التكاليف المرتفعة التي يتحملها المشغِّل".
التأثير على الأسعار
وزارة المالية من جهتها تشير إلى أن التأثير على الأسعار ليس موحّدًا بين القطاعات. في حين أن البناء يعتمد على نسبة عالية من العمال الأجانب، فإن قطاعات أخرى كانت تعتمد منذ البداية على نسب ضئيلة منهم، مما يجعل تأثير النقص على الأسعار الكلية محدودًا نسبيًا.
مع ذلك، تحذر شخصيات في القطاع من غياب التخطيط الاستراتيجي. "لا يوجد أي كيان رسمي يخطط خمس سنوات إلى الأمام، ويراقب النقص في الأيدي العاملة"، قال عوز ساغي، داعيًا إلى إنشاء جسم حكومي يتولى إدارة الأزمة وتوزيع الحصص والموارد بشكل فعّال.
في السياق ذاته، حذّر ساغي من غياب أي استعداد لتغطية وظائف حيوية في السنوات القادمة، كأعمال النظافة والصيانة في المستشفيات. "الذكاء الاصطناعي لن ينظف أسِرّة المستشفيات، ولا أحد يفكر في من سيقوم بهذه الأعمال بعد سنتين"، أضاف.
وزارة المالية أكدت أن الحكومة تعمل على تسريع استقدام العمال الأجانب من خلال تخفيض الرسوم، تقليل البيروقراطية، وزيادة الموارد، مشيرة إلى أن الفجوة قد تُغلق بحلول نهاية 2025 إذا استمرت الجهود على هذا النحو.
bokra.editor@gmail.com
أضف تعليق