بقلم: د حسين الديك
أن كافة المؤشرات الحالية تدفع باتجاه التوصل إلى هدنة مؤقتة في قطاع غزة تمتد لمدة 60 يوماً، في ظل استمرار الاجتماعات التفاوضية الجارية في الدوحة، والتي تركز على تذليل العقبات المرتبطة بتحفظات المقاومة الفلسطينية لضمان الوصول إلى هذه التهدئة، حيث قدمت المقاومة الفلسطينية ثلاثة مطالب رئيسية لإنجاح هذا الاتفاق، وهي: انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، وآلية توزيع المساعدات الإنسانية وضمان وصولها، إضافة إلى ضمانات حقيقية تحول دون تجدد الحرب بعد انقضاء مدة الستين يوماً. ويشير الديك إلى أن النقاشات الحالية تتركز على توضيح هذه النقاط الثلاث بشكل أكبر حتى تكون مقبولة لجميع الأطراف.
وفي الحقيقة أن الجهد القائم حالياً لا يستهدف وقف إطلاق نار دائم، بل هدنة محددة بمدة زمنية، على أن يتم بحث إمكانية تحويلها إلى وقف إطلاق نار دائم خلال فترة الستين يوماً نفسها في حال توافرت ظروف سياسية وأمنية مناسبة، ولا زالت الضمانات التي تطالب بها حماس غائبة فعلياً، ولا وجود لها إلا في شكل تعهد شخصي من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأمر الذي يعزز قناعة أن التوجه هو لهدنة مؤقتة وليس لاتفاق دائم.
ان انتفاء البدائل الأخرى لدى الطرفين يجعل خيار الهدنة مصلحة مشتركة لكليهما، موضحاً أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يرى في هذه الهدنة فرصة لتحسين شعبيته الداخلية خاصة بعد مواجهة إيران الأخيرة، إلى جانب رغبته في تحقيق تقدم في استطلاعات الرأي عبر صفقة تبادل أسرى ومحتجزين من غزة.
أن تقديم نتنياهو مبادرة لترشيح إسرائيل ترامب لجائزة نوبل للسلام، هي خطوة تؤكد التوافق الكامل بين الطرفين على دفع الأمور باتجاه إبرام هدنة مؤقتة، وتشكل تصريحات ترامب ونتنياهو الأخيرة تعزيز لهذه الفرضية حول الهدنة المؤقتة فقط، فترامب تحدث بوضوح عن منح الفلسطينيين حرية مغادرة القطاع أو البقاء فيه، بينما أكد نتنياهو أن السيطرة الأمنية ستبقى بيد الجيش الإسرائيلي، وعندما سئل عن حل الدولتين لم يقدم جواباً حاسماً، وهو ما يشير إلى غياب أي أفق سياسي حقيقي لما بعد التهدئة.
فمن الواضح أن أحد السيناريوهات التي تتداولها الصحافة العبرية حالياً يتمثل في جعل محور موراج الحد الفاصل الأساسي لغزة، مع انسحاب القوات الإسرائيلية من فيلادلفي والتمركز في محور موراج، وهو ما قد يؤدي إلى تركيز أكثر من نصف سكان غزة في المنطقة الفاصلة بين المحورين، ما يسهل تحريك جزء من السكان باتجاه مصر ويزيل عقبة التنقل بين رفح الفلسطينية ورفح المصرية.
ولا يغيب النموذج اللبناني عن الحضور في تلك المفاوضات وقد يكون الفرضية الأقوى التي ستطبق في غزة، بمعنى استمرار إسرائيل في عملياتها العسكرية مع بقاء سيطرتها الأمنية، و في الوقت ذاته إلى أن إمكانية الوصول إلى وقف إطلاق نار دائم بعد انتهاء فترة الستين يوماً تبقى احتمالاً غير محسوم وقد تتحقق أو لا تتحقق، حسب المعطيات على الأرض.
...
bokra.editor@gmail.com
أضف تعليق