في مقابلة خاصة مع موقع "بكرا"، علّق المحلل السياسي وخبير العلاقات الدولية، د. ثائر أبو راس، على فوز زهران ممداني في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي لرئاسة بلدية نيويورك، قائلاً:

"بطبيعة الحال، الحديث اليوم يدور في كافة الأوساط السياسية والإعلامية حول فوز زهران ممداني، لما يحمله هذا الفوز من عنصر المفاجأة. فجميع استطلاعات الرأي كانت ترجّح فوز منافسه، أندرو كومو، بسهولة – أولًا لكونه حاكم الولاية السابق، وثانيًا بسبب الدعم الكبير الذي حظي به من قبل مؤسسة الحزب الديمقراطي وقياداته، بدءًا من بيل كلينتون وجو بايدن، وصولًا إلى قيادات الصف الثاني والثالث. حتى الرئيس الأسبق باراك أوباما لم يتخذ موقفًا حياديًا، بل دعمه بشكل مباشر."

مرشح شاب... يساري... وداعم لفلسطين
وأضاف د. أبو راس: "من تغلّب على كل هذا الزخم السياسي لم يكن سوى مرشح شاب في الثالثة والثلاثين من عمره، ينتمي إلى التيار اليساري داخل الحزب الديمقراطي، والذي يُعدّ تقليديًا التيار الأضعف. الأهم من ذلك أن ممداني معروف بدعمه العلني للقضية الفلسطينية، وتأييده لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS)."

وتابع: "هذا الفوز يحمل رمزية خاصة لسببين أساسيين: أولًا، لأن نيويورك تُعدّ أكبر مدينة يهودية في العالم، حيث يقيم فيها أكثر من مليون يهودي. وبالتالي، فإن انتخاب شخصية معادية للصهيونية – أو ناقدة لها بشدة – كرئيس لبلدية هذه المدينة، يحمل دلالة عميقة. وثانيًا، لأن الولايات المتحدة تشهد منذ سنوات محاولة لربط معاداة الصهيونية بمعاداة السامية، رغم أن معاداة السامية هي فكرة عنصرية بحتة، بينما معاداة الصهيونية هي موقف سياسي مشروع. فوز ممداني يضعف هذا الربط، ويُعزّز التمييز بين الموقف السياسي والتمييز العنصري."

تقدّم التيار التقدمي داخل الحزب الديمقراطي
وفي السياق الأوسع، يرى د. أبو راس أن لهذا الفوز بُعدًا سياسيًا مهمًا أيضًا، موضحًا: "ما نشهده هو نمو تدريجي للتيار اليساري التقدمي داخل الحزب الديمقراطي، وهي ظاهرة بدأت تتبلور منذ حملة بيرني ساندرز عام 2016، حين كاد أن ينتزع الفوز في الانتخابات التمهيدية. منذ ذلك الوقت، بدأنا نلحظ دخول وجوه جديدة إلى الكونغرس ومجلس الشيوخ تمثل هذا التيار – تيار يساري، تقدمي، وداعم لفلسطين."

وأردف: "فوز ممداني في الانتخابات التمهيدية في نيويورك يُشكّل دفعة معنوية كبيرة لهذا التيار، ويُعزز من حضوره وثقله داخل الحزب."

المرحلة المقبلة: هل يترشح أندرو كومو كمستقل؟
وختم د. أبو راس حديثه بالإشارة إلى المرحلة القادمة، فقال: "صحيح أن ممداني فاز فقط في الانتخابات التمهيدية، لكن بالنظر إلى أن مدينة نيويورك تُعتبر معقلًا ديمقراطيًا تقليديًا، فإن فرص فوز مرشح غير ديمقراطي في الانتخابات العامة تكاد تكون معدومة. ورغم ذلك، بدأت تلوح في الأفق إمكانية أن يترشح أندرو كومو كمستقل، في محاولة منه لاستقطاب رؤوس الأموال اليهودية وأجزاء من قاعدة الحزب الديمقراطي. ولكن حتى الآن، تُظهر معظم استطلاعات الرأي أن ممداني هو المرشح الأوفر حظًا للفوز برئاسة بلدية نيويورك في الانتخابات التي ستجري في شهر تشرين الثاني/نوفمبر القادم."

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com