في ظل التصعيد الأمني الذي تشهده إسرائيل، تتضح فجوات مقلقة في وسائل الحماية بين البلدات العربية واليهودية، ما يعرّض مئات آلاف المواطنين العرب لخطر مباشر دون الحد الأدنى من وسائل الأمان.

تشير المعطيات إلى أن 46% من المواطنين العرب في إسرائيل، أي نحو 550 ألف شخص، يعيشون في منازل تفتقر إلى غرف محصنة (ממ"ד) أو ملاجئ، مقارنة بـ26% فقط من عموم السكان في الدولة. في بلدات تقع ضمن مناطق التهديد المباشر، مثل رهط، لا يوجد أي ملجأ عام، رغم أن عدد سكانها يتجاوز 80,000 نسمة وتقع على بعد 30 كيلومترًا فقط من غزة.

الوضع أكثر خطورة في القرى غير المعترف بها في النقب، حيث يعيش نحو 120,000 شخص دون حماية تامة. في هذه القرى لا توجد ملاجئ، ولا غرف محصنة، ولا صافرات إنذار، وغالبية البيوت مبنية من الصفيح أو مواد غير مقاومة. خلال الهجوم الإيراني في أبريل 2024، أُصيبت الطفلة أمينة الحصوني من قرية الفرعة بشظية في رأسها، وكانت الحالة الوحيدة المسجلة من الوسط العربي، في مكان لا يملك أي حماية، ولا حتى صافرة إنذار.

تشير تقارير وزارة التربية والتعليم إلى أن نحو 130,000 طالب عربي يدرسون في مدارس لا تحتوي على حماية كافية. في النقب، 21% من المدارس في المجتمع البدوي لا تحتوي على أي وسيلة مخصصة للحماية. في بعض المجالس الإقليمية مثل "الكسوم" و"واحة الصحراء"، تبلغ هذه النسبة 48%.

الجليل

في الجليل الأعلى والشمالي، تتكرر المشكلة. بلدات مثل دير الأسد، فسوطة، حُرفيش، وباقي القرى العربية القريبة من الحدود اللبنانية، تعاني من نقص كبير في الغرف المحصنة والملاجئ العامة. في المسافة التي تبعد 9 كيلومترات عن الحدود، 60% من السكان غير المحصنين هم من المواطنين العرب. و70% من السكان الذين يفتقرون للحماية ضمن المسافة التي تصل إلى 40 كيلومترًا من الحدود هم أيضًا من العرب.

أظهر استطلاع للرأي أجراه "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" أن 59.5% من المواطنين العرب يعتقدون أن الدولة لا توفّر لهم حماية مساوية لما تقدّمه لليهود، بينما أعرب معظمهم عن قلقهم المتزايد على سلامتهم وسلامة عائلاتهم في ظل الوضع الأمني. في قرى كثيرة، السكان لا يسمعون صافرات الإنذار، ويشتكون من أن منظومة "القبة الحديدية" لا تعترض الصواريخ الموجهة نحو مناطقهم، إذ تُصنَّف تلك المناطق كـ"أراضٍ مفتوحة" وليس كمناطق مأهولة.

مشاريع حكومية

رغم وجود خطط حكومية لتحسين الحماية، مثل خطة "مَغِن צָפון" وقرار الحكومة 922، لم تُنفذ هذه المشاريع في معظم البلدات العربية، وبعضها تعرّض لتقليصات كبيرة في الميزانيات. في رهط مثلًا، لا يزال نحو 25,000 مواطن دون أي حماية، رغم طلبات متكررة من رئيس البلدية لتوفير ملاجئ متنقلة.

تشير البيانات الرسمية إلى أن نحو ثلث المباني السكنية في المجتمع العربي بُنيت قبل 1992، أي قبل سريان القانون الذي يُلزم بوجود غرفة محصنة في كل منزل جديد. في المقابل، معظم المباني في البلدات اليهودية، خاصة القريبة من الحدود، خضعت لمشاريع تدعيم ومُتاحة فيها ملاجئ ومراكز طوارئ.

تُظهر هذه المعطيات أن الفجوات في الحماية ليست ناتجة فقط عن تحديات جغرافية أو عمرانية، بل تعكس تفاوتًا هيكليًا في توزيع الموارد وفي اتخاذ القرارات، ما يجعل المجتمع العربي مكشوفًا للخطر بشكل مستمر، دون أفق واضح لمعالجة هذا الإهمال المتراكم.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com