كشفت معطيات صادمة خلال مؤتمر مديري الأقسام الباطنية الذي نظمه الاتحاد الإسرائيلي للطب الباطني نهاية الأسبوع، حيث تبين أن فقط 27% من المتدربين في الأقسام الباطنية بالمناطق الطرفية اجتازوا المرحلة الأولى من امتحان التخصص، مقارنةً بأكثر من 80% في مركز البلاد.

امتحانات التخصص في التخصصات الأساسية تُجرى على مرحلتين: امتحان كتابي يُعقد مرة سنويًا، وامتحان شفهي يُعقد مرتين في السنة. بحسب د. حفصي غرين، سكرتيرة الاتحاد ومديرة قسم باطني بمستشفى كابلان، حتى في الامتحان الشفهي كانت هناك فجوة كبيرة: 64.5% اجتازوه في الأطراف مقابل 93.5% في المركز.

تأثير تقليص المناوبات

رئيس الاتحاد، البروفيسور أفشاي أليس، انتقد خطة تقليص المناوبات التي بدأت قبل عام ونصف في مستشفيات الأطراف، مؤكدًا أنها فاقمت الأزمة في الأقسام الباطنية ووسعت الفجوة. بحسب الخطة، يعمل المتدربون في بعض مستشفيات الأطراف من الساعة 13:00 حتى 08:00 أو 10:00 صباحًا، أي مناوبات بين 19 إلى 21 ساعة، مقارنةً بمناوبات من 26 ساعة في المركز.

وأكد البروفيسور أليس: "لا يوجد تدريب كافٍ للمتدربين في الأطراف، ولا تعليم لأنه لا يوجد من يعلمهم. لا يوجد استمرارية في علاج المرضى، وكل يوم يراهم أطباء مختلفون. كبار الأطباء يعانون من الإنهاك".

وأضاف: "أنا مقتنع بأنه سيأتي يوم يتم فيه تشكيل لجنة تحقيق لفحص فشل التخصص في الطب الباطني في الأطراف".

أزمة حقيقية ونقص في الأسرة

من جانبه، قال البروفيسور ليونيد بارسكي، مدير الوحدة الباطنية في مستشفى سوروكا، إن الأقسام الباطنية تدهورت منذ بدء خطة تقليص المناوبات، مشيرًا إلى أنه لم تتم إضافة سرير واحد في 25 عامًا رغم وجود سبعة أقسام باطنية يعالج كل منها أكثر من 4,000 مريض سنويًا.

الخطة التي فشلت في جذب المتدربين

د. نزار حجازي، مدير قسم باطني في مستشفى "هعيمك"، أوضح أن الخطة فشلت في جذب المتدربين:

"أنهى أربعة متدربين التخصص عندي مؤخرًا، لكن لا أحد منهم يريد البقاء كأخصائي بسبب الظروف الصعبة، حيث لا يوجد متدربون في القسم صباحًا، ويعمل الأخصائيون فقط. لا منطق في هذا".

تقرير وزارة الصحة: فجوة في التأهيل وجودة المتدربين

وُثقت هذه الفجوات أيضًا في تقرير وزارة الصحة الأخير، والذي كشف أن نسبة كبيرة من الأطباء في الأطراف هم خريجو جامعات من خارج البلاد تم رفضهم بموجب إصلاحات "يتسيف"، التي تهدف لتنظيم جودة التعليم الطبي. ففي منطقة الشمال مثلًا، 52% من الأطباء الجدد هم من خريجي مؤسسات غير معترف بها.

تمثيل عالٍ للعرب بين الخريجين من الخارج

بحسب المعطيات، 72% من الأطباء الجدد في إسرائيل في عام 2024 تخرجوا من جامعات خارج البلاد، و90% من خريجي المؤسسات غير المعترف بها هم من المواطنين العرب، ومعظمهم رجال.

رئيسة قسم تخطيط القوى العاملة في وزارة الصحة، راحيل برنر-شاليم، صرحت:

"عندما يصل أشخاص متميزون إلى الأطراف، يدركون أنهم لن يجدوا آفاقًا مهنية قوية، وذلك ما نريد تغييره. هناك حلقة مفرغة من ضعف مهني نسبي في هذه المناطق".

فشل "نموذج التحفيز" وفوضى توزيع الميزانيات


خلال المؤتمر، أُعلن فشل "نموذج التحفيز" للأقسام الباطنية الذي أطلقته وزارات الصحة والمالية عام 2022. وأقر ممثل وزارة المالية، دانيئيل فادون، بأن الأموال لم تُخصص بحسب الأداء كما كان مخططًا، بل تم توزيعها بناءً على حجم الأقسام وضاعت داخل ميزانيات المستشفيات.

د. أسنات لب-تسيون كوراح، مديرة المركز الطبي "شامير"، انتقدت منح المستشفيات حرية توزيع وظائف الأطباء، مشددة على أن الوظائف التي تُخصص للأقسام الباطنية يجب أن تبقى لتلك الأقسام فقط.

كما أعلنت عن نيتها ترميم قسم باطني على حساب مصلحة اقتصادية واضحة، في دليل على إيمانها بأهمية الأقسام الباطنية.

وزير الصحة: الواقع لا يُحتمل

في ختام المؤتمر، قال وزير الصحة، أوريئيل بوسو: "الأقسام الباطنية هي نقطة تقاطع بين الطب ورؤية المريض. الواقع الحالي لا يُحتمل، الممرات ممتلئة، والضغط هائل".

وأشار إلى أن الوزارة تعمل على خطة جديدة لتنظيم مرحلة التدريب الطبي (الستاج')، وسيتم الإعلان عنها قريبًا على مرحلتين، بالإضافة إلى تحسين التخصصات في المجتمع.

وأعلن البروفيسور أفشاي أليس عن نيته الاستقالة من رئاسة الاتحاد بعد عشر سنوات في المنصب، مشيرًا إلى أنها كانت مهمة حياته.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com