الذهب يتراجع بضغط قوة الدولار وإعادة تموضع المستثمرين بعد خسائر الأسهم الحادة

بقلم سامر حسن، محلل أول لأسواق المال في XS.com

يستمر تراجع الذهب اليوم ليتجه إلى أدنى مستوياته منذ قرابة 20 يوماً مع بلوغه مستوى 2860 دولاراً للأونصة في المعاملات الفورية.

خسائر الذهب تزامن مع انتعاش الدولار من جهة بدعم تصاعد التوتر التجاري ما بين الولايات المتحدة من جهة والصين وكندا والمكسيك من جهة أخرى. كما أن خسائر سوق الأسهم الأمريكي الحادة الأمس قد لعبت دور في إجبار المتداولين على تصفية مراكزهم في الأصول الأخرى لتغطية مراكزهم.

كما شهدنا خفوت زخم تدفق الأموال نحو صناديق الذهب المادي في وول ستريت بعد التدفقات الهائلة في الأيام الأخيرة لتتحول إلى النطاق السلبي مما قد ساهم في تغذية الضغط الهبوطي على المعدن الأصفر. ففي الفترة ما بين 18 و25 من فبراير الجاري، سجل كبرى صناديق الذهب SPDR Gold Trust (GLD) وiShares Gold Trust (IAU) ما اقترب مجموعه من 5 مليار دولار قبل أن تنعكس إلى تدفقات سلبية بقرابة 160 مليون دولاراً في الجلستين الفائتتين.

حيث تراجع ترامب عن تأجيل فرص الرسوم الجمركية على كندا والمكسيك إلى مطلع أبريل القادم كما أنه سيفرض رسوم إضافة بنسبة 10% على الواردات الصينية. إذا دخلت هذه التعرفات حيز التنفيذ فعلاً، فإن ترامب سيكون أقرب أكثر إلى تنفيذ تهديداته السابقة. إضافة إلى ذلك، فقد يلجأ ترامب لزيادة الضغوط على الصين لانتزاع تنازلات مما قد يهدد لتصعيد هذه الحرب التجارية، وفق نيويورك تايمز.

هذا التصعيد ذو آثار متباينة في الذهب. من جهة، فإن المخاوف حول زيادة الضغوط التضخمية مع فرض التعرفات قد تؤدي إلى تقوية الدولار – هذا ما نشهده منذ يوم الأربعاء – وهي ذاتها التي كانت تقود ارتفاعاته خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الفائت. من جهة أخرى، فإن عدم اليقين الاقتصادي في الولايات المتحدة والعالم من قد يضمن للذهب إمكانية استئناف الاتجاه الصاعد مجدداً.

إضافة إلى عدم اليقين المتدفق من التصعيد التجاري، فإن المخاوف من فقدان الوظائف لدى الموظفين والمتعاقدين الفيدراليين في الولايات المتحدة قد تضغط على معنويات المستهلكين وقد تدفعهم إلى خفض إنفاقهم، وفق تقرير من Apollo Global Management.على الرغم من أن التقرير أيضاً أكد على المعنويات الإيجابية تجاه الاقتصاد الأمريكي، إلا أنه تحدث عن ضرورة مراقبة البيانات القادمة بحذر للعثور على علامات تدل على انعكاس في دورة الأعمال.

كما أن المسوحات الأخيرة سواء من مؤشر ثقة المستهلك ومديري المشتريات من S&P Global تعكس تراجع ملحوظ للمعنويات سواء للأفراد أم الأعمال.

علامات الضعف الأخيرة تلك للاقتصاد الأمريكي كانت قد عززت من فرضية خفض الاحتياطي الفيدرالي لسعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مؤية قبل نهاية العام الحالي وهذا ما أقد يبقي للذهب قدرته على استئناف الاتجاه الصاعد.

وفق أرقام CME FedWatch Tool، تبلغ إحتمالية أن يخفض الفيدرالي النطاق الحالي بمقدار 25 نقطة أساس أكثر من 53% في يونيو كما أنه هناك فرصة بحوالي 75% بأن ينتهي اجتماع ديسمبر المقبل ونكون قد شهدنا خفضاً واحداً على الأقل بعد الخفض المرتقب في يونيو.

في حين أن أرقام مؤشر أسعار الإنفاق الشخصي الاستهلاكي (PCE) التي ستنشر اليوم قد تساعد الأسواق على تعزيز التوقعات حول مسار السياسة النقدية لبقية هذا العام. إلا أن القراءة الأقوى من المتوقع خصوصاً في القراءة الأساسية قد تعطي المزيد من القوة للدولار بما قد يشكل المزيد من الضغط على الذهب للتخلي عن مكاسبه.

العامل الجيوسياسي قد يلعب دوراً سلبياً بالنسبة للذهب اليوم، وذلك مع حديث دونالد ترامب عن قرب إتمام اتفاق المعادن مع أوكرانيا والذي قد يتم التوقيع عليه اليوم مع زيارة الرئيس فولوديمير زيلينسكي لواشنطن. في حين أن توقيع هذا الاتفاق قد يضع الولايات المتحدة في موقف أكثر التزاماً للسعي نحو وقف الحرب بدلاً من التصعيد الاستفزازي الذي شهدناه سابقاً، وهذا ما من شأنه أن يعطي بعضاً من الراحة للأسواق في رأيي.

في المقابل، فلا نجد إلى الأن ما يضمن على نحو حتمي التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب، وحتى إن تم التوصل إليه فلا ضمانات إلى الأن على استمراريته وهذا ما قد يساعد على إبقاء علاوة التوتر الجيوسياسي في الأسواق. حيث قال ترامب أنه لديه "ثقة" بأن الاتفاق سيصمد في حال التوصل إليه كما قال إنه سيقدم ضمانات أمنية، إلا أن اتفاق المعادن لا يحتوي على بنود صريحة لضمان الأمن في أوكرانيا، وفق وول ستريت جورنال.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com