بقلم: بديعة خنيفس، مستشارة النهوض بمكانة المرأة في شفاعمرو
في عام 2000، أُقر قانون يلزم السلطات المحلية بتعيين مستشارة لتطوير مكانة المرأة، بهدف تحسين أوضاع النساء وتعزيز دورهن في المجتمع. ورغم أهمية هذا القانون، إلا أن تطبيقه ما زال يشوبه القصور، حيث تغيب هذه الوظيفة في العديد من السلطات المحلية. هذا الواقع يطرح تساؤلات حول الأسباب الحقيقية لهذا الإهمال: هل يعود الأمر إلى غياب رقابة فعّالة وعقوبات رادعة؟ أم أن القانون ذاته لم يكن سوى خطوة رمزية دون نية جدية لإحداث تغيير جذري في واقع المرأة؟
تلعب المستشارة لتطوير مكانة المرأة دورًا محوريًا في السلطات المحلية، حيث تعمل جنبًا إلى جنب مع رئيس السلطة المحلية لتقديم مقترحات لمشاريع وبرامج تهدف إلى تمكين النساء في جميع المجالات. لكن مع تعقد الأوضاع السياسية والاقتصادية في السنوات الأخيرة، تغيّرت أولويات المستشارات، خاصة في ظل تصاعد ظاهرة العنف الأسري نتيجة الأزمات المتتالية، الضغوط النفسية، وغياب الشعور بالأمان. الحرب الأخيرة، على سبيل المثال، سلطت الضوء على الحاجة إلى تدخلات سريعة للتعامل مع العنف المتزايد في العلاقات الزوجية.
وفقًا لدراسة أجرتها مبادرة "خطوط حمراء" بالتعاون مع وزارة الرفاه واللجنة الوزارية المشتركة، فإن واحدة من كل عشر نساء ورجل من بين كل عشرة رجال في إسرائيل يتعرضون للعنف الزوجي، سواء كان جسديًا أو نفسيًا أو اقتصاديًا. وتشير البيانات إلى أن 5.3% من النساء تعرضن لعنف جسدي خلال العام الماضي، بينما تعرضت 3.6% منهن لعنف جسدي شديد، و8% منهن واجهن عنفًا جنسيًا. في المقابل، يعاني 9% من النساء و9.8% من الرجال من مظاهر عنف غير جسدية، مثل القيود على العلاقات الاجتماعية أو التحكم في حركتهم. العنف الاقتصادي أيضًا يُعتبر أحد الجوانب البارزة، حيث تعرضت له 4% من النساء مقابل 3% من الرجال.
في المجتمع العربي، تظهر إحصائيات العنف والجريمة صورة مقلقة بشكل خاص. في العام الماضي وحده، قُتل 230 مواطنًا ومواطنة عربية في ظروف تتعلق بالعنف والجريمة، وفقًا لتقرير منظمة "مبادرات إبراهيم". يشكل الشباب العرب، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و40 عامًا، الفئة الأكثر تضررًا، حيث إن 89 ضحية كانوا في الفئة العمرية 18–30 و72 آخرين في الفئة 31–40. المقلق أن هذه الفئة تمثل عمود المجتمع العربي الفقري. علاوة على ذلك، أسفرت هذه الجرائم عن يتم 200 طفل عربي في العامين الماضيين، مما يعمق الأثر السلبي الاجتماعي لهذه المأساة.
دور المستشارات في هذا السياق يتجاوز التوعية التقليدية ليشمل معالجة قضايا العنف المستشري في المجتمع العربي. من خلال تنظيم حملات توعوية، والتعاون مع اختصاصيين اجتماعيين، وتقديم الدعم النفسي للأسر المتضررة، تسعى المستشارات إلى تقليل العنف وإعادة بناء الثقة بين أفراد المجتمع.
كمستشارة لتطوير مكانة المرأة، أتعامل يوميًا مع قضايا تمس حياة النساء والأسر في مجتمعنا. أدعو جميع النساء في بلداتهن إلى الاستفادة من الموارد التي توفرها المستشارات، والمشاركة في الأنشطة والبرامج التي تهدف إلى تمكينهن وتعزيز ثقتهن بأنفسهن.
بإمكاننا جميعًا، عبر العمل الجماعي والتكاتف، أن نساهم في بناء مجتمع أكثر أمانًا واستقرارًا، خالٍ من العنف. تعزيز دور المستشارات، تفعيل القوانين، والعمل على رفع الوعي المجتمعي هي خطوات أساسية لكسر دائرة العنف وتحقيق مستقبل أفضل للجميع.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com