كثيرة هي امراض الشتاء التي تداهم الانسان في موسم لربما يعتبر من أكثر المواسم خيرا وبركة على مدار العام كله، هذه الامراض التي يتزامن موعدها لربما مع أجمل فصول السنة لتجعله للبعض منا موسما عصيبا نتمنى لو يمضي ليعود فصل الربيع بشمسه الدافئة وأجوائه الزاهية.

ومع دخولنا الى أكثر شهور السنة برودة أي شهري كانون المعروفان ببردها القارص، يعاني الكثير من المرضى الذين يتأثرون بهبوط درجة الحرارة خاصة ممن يعانون من امراض المفاصل.

وعن هذا المرض الشائع تحدث الدكتور فراس صباح اخصائي علاج الروماتيزم والأمراض المفصلية ومدير قسم المفاصل في المركز الطبي تسافون بوريا، تحدث في البداية مشيرا لوجود نوعين من مرض التهاب المفاصل، الأول المعروف باسم الفصال العظامي وهو مرض شائع يتطور مع التقدم في السن حيث انه وبحسب الاحصائيات الطبية فان ما بين 60% حتى 90% ممن هم في جيل 65 عاما يعانون من الفصال العظامي. اما النوع الثاني المعروف باسم التهاب المفاصل والذي ينقسم أيضا الى عدة أنواع منها التهاب المفاصل الروماتويدي، الذئبة الحمراء، وتصلب الجلد وأنواع اخرى

وأضاف د. صباح في هذا السياق وقال:" المفصل هو عضو مهم في الجسم يساعد على الحركة والتنقل. المفصل نفسه مكون من العظم وفي آخر العظم يكون الغشاء الغضروفي. بين العظمة والأخرى يوجد سائل زلالي (السائل السينوبيالي وهو سائل لزج. اما البطانة الداخلية للمفصل فتتكون من الغشاء الزلالي، بحيث ان كافة هذه الأعضاء مغطاة بغلاف واحد تجعل المفصل كله كجزء واحد بحد ذاته،

التهاب المفاصل هو التهاب بالغشاء او البطانة الزلالية الداخلية للمفصل وإذا كنا نتحدث عن الفصال العظمي فنحن نقصد حدوث ضرر بالغشاء الغضروفي، وهذا التلف قد ينجم لعدة أسباب منها، التقدم في الجيل وهو السبب الاكثر انتشارا، مع العلم انه في جيل 65 تقريبا يعاني ما يقارب 60%-90 % من الأشخاص من هذا المرض.

اما عن التهاب المفاصل فسببه العوامل الوراثية والجيل والعوامل البيئية مثل التدخين وهو مرض أكثر شيوعا عند النساء ويتسبب أيضا بفضل السمنة الزائدة (الوزن الزائد يزيد من الضغط على المفاصل وبالتالي بزيد من حدة الألم).هذه العوامل كلها تؤدي الى تطور هذا المرض بحسب كافة الأبحاث التي أجريت في هذا المجال خاصة اذا كنا نتحدث عن دمج بين التدخين والسمنة الزائدة، الامر الذي يزيد من احتمال تطور التهاب المفاصل.

وفي حديثه عن عوارض ومؤشرات هذا المرض قال د. صباح ان الألم والتيبس في المفصل (أي صعوبة استعمال المفاصل وتحريك اقسام الجسم) بالإضافة الى التورم (أي انتفاخ المفصل واحمراره) تعتبر كل هذه من اهم العوارض التي تشير الى انه هنالك التهاب في المفصل.

هنا يجب الإشارة الى ان ألم المفصل النابع من التهاب وليس من مرض الفصال العظمي يتميز بالشعور بتيبس المفصل وعدم القدرة على تحريكه، هذا الشعور الذي يتلاشى شيئا فشيئا مع الحركة. اما بالنسبة لمرض الفصال العظمي الناجم عن تلف في المفصل فنتحدث عن ألم في المفصل الذي يأخذ في التزايد مع الحركة خاصة اثناء صعود الدرج، او تغيير من وضعية الجلوس الى الوقوف، حيث يشعر المريض باحتكاك بالمفاصل والم شديد خاصة إذا كنا نتحدث عن الركبتين.

وعن تأثيرات التهاب المفاصل مع اشتداد البرودة خلال موسم الشتاء قال د. صباح بهذا الصدد ان درجات الحرارة والبرودة تؤثر على تطور مرض التهاب المفاصل، خاصة اننا إذا كنا نتحدث عن تلف بالغشاء الغضروفي، الذي يغطي العظم مما يؤدي الى انكشاف الاعصاب الموجودة في العظم مما يؤدي الى حساسية أكثر كبيرة لتغييرات الطقس خاصة البرد ويزيد من الألم. بالإضافة الى ذلك في المفصل يوجد ما يسمى بالسائل السينوبيالي، الموجود بكمية قليلة والذي يساعد المفصل على الحركة ويمتع احتكاك العظام مع بعضها البعض. فعند اشتداد البرد يصبح هذا السائل أكثر سماكة واقل سيولة وأكثر خشونة، هذا الخشونة تؤدي الى تكون الألم في المفصل الذي يصبح قاسي للحركة. أضف الى ذلك فان درجة الحرارة الباردة تؤدي الى انكماش وتمدد العضلات والاوتار والمفاصل في الجسم مما يؤدي الى التسبب بالألم. بالإضافة الى ذلك فان البرد يؤدي الى تقلص كمية الدم التي تتدفق للأطراف مما يؤدي الى اوجاع أيضا في المفاصل. فبالحالتين تتسبب البرودة بالألم في المفاصل خاصة في موسم الشتاء.

كذلك يجب الإشارة ان خلال فصل الشتاء وغياب اشعة الشمس، وعدم تعرض الانسان لها، مما يؤدي الى انخفاض نسبة فيتامين "دي" في الجسم. انخفاض نسبة هذا الفيتامين تساهم في زيادة ألم المفاصل والعضلات، لذا من المهم ان نعمل على زيادة نسبة هذا الفيتامين، من خلال التغذية الملائمة (اللحمة الحمراء السلمون التونا السردين الاجبان وصفار البيض) او بواسطة التعرض للشمس.

وعن سبل الوقاية من عوارض هذا المرض يوصي د. صباح تدفئة الجسم عن طريق لبس ملابس كافية مثل القبعة القفازات الجوارب وتدفئة المنزل عامة وايضا ممارسة الرياضة الخفيفة مثل المشي اليوغا والايروبيكا التي تحافظ على قوة ومرونة العضلات وتخفف من خشونة المفاصل في الحركة.

وشدد د. صباح انه خلال فترة الشتاء يجب على من يعانون من مرض التهاب المفاصل تلقي التطعيمات ضد الانفلونزا الموسمية وضد التهاب الرئتين، اذ ان مرضى المفاصل يتلقون ادوية تخفف من فعالية جهاز المناعة، مما يجعلهم أكثر عرضة للالتهابات، خاصة التهاب الرئة الذي بدوره من الممكن ان يؤدي الى تفاقم مرض التهاب المفاصل، لذلك هنالك أهمية في الحصول على التطعيم المسبق كي نحمي المريض من تفاقم مرض التهاب المفاصل.

وأشار أيضا الى بعض المشروبات التي تساعد في تخفيف حدة الألم لدى المرضى منها شرب الشاي الأخضر والزنجبيل او تناول مكملات الأغذية مثل الكركم، زيوت الأسماك او المعروفة باسم اوميجا 3 والزنجبيل.

وفي نهاية حديثه تطرق د. صباح الى خاصية المجتمع العربي بما يتعلق بالإصابة بهذا المرض وقال انه ووفقا لكافة المعطيات الأخيرة فان المجتمع العربي يتميز بالسمنة الزائدة من جهة، ونسبة التدخين العالية من جهة أخرى، وهذا كله يساهم في تطور مرض التهاب المفاصل لدى أبناء هذا المجتمع، بدون أدنى شك بذلك، وعليه يتوجب علينا التعامل مع هذان العاملان كمسبب لهذا المرض والتخفيف من وطأتهما. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com