صوت دم أخيك صارخ من الأرض - يقول الله لقابيل بعد أن قتل هابيل.
صوت دماء جيرانكم ومواطنيكم تصرخ من باطن الارض، اصرخ امام اصدقائي وصديقاتي اليهود. امام من بقي لنا ان نصرخ؟ امام الحكومة؟ امام الشرطة؟ امام من؟
156 قتيل. 156 انسان. ذهبت قدسية حياة. حياء رجال ونساء، اولاد وبنات. الكثير منهم ابرياء، دفعوا ثمن حياتهم على فقدان قيمة حياة الانسان. كيف اصرخ، والحياة المقدسة تذهب بهذه القسوة.
هل كل شيء هو سياسي؟ كيف من الممكن البقاء غير مكترثين لصراخ البنت التي فقدت والدها، والولد الذي فقد والدته، هل هاذان الولد والبنت يفكران بانه لو لم يكونان عربيان ربما الجريمة كانت من الممكن ان يتم منعها؟ هل هذا هو المجتمع الذي نريد العيش به؟
لذلك سيكون هناك من سيقولوا إنها ثقافتنا، أو سيكون من سيلقي اللوم على ديننا، وربما هناك عدد غير قليل ممن لا يشعرون بالحزن على الإطلاق نزف الدم العربي. كيف فقدنا إنسانيتنا – هل لم نعد نهتم بحياة الإنسان؟
عندما سمعت عن عملية الهجوم المروع الذي قُتلت فيه بت شيفاع نيغري رحمها الله، لم أستطع التوقف عن البكاء. كم شعرت بالألم تجاه أم شابة أُزهقت حياتها بهذه القسوة. وعلى ابننتها البالغة من العمر 12 عامًا التي كانت شاهدة على كل شيء. لم أستطع النوم. ومن بعدها قرأت خبر مقتل الدكتور عبد الرحمن قشوع، مدير عام بلدية الطيرة واصابتني الصدمة. قُتل قيادي جماهيري، إمام مسجد. يقتل هكذا؟ أمام مركز الشرطة. إلى أين وصلنا؟
قبل حوالي أسبوعين كنت من بين المبادرين لمسيرة الموتى في مدينة تل أبيب. حمل شبان وشابات عرب 147 نعشًا، وكان الكثير من اليهود الذين ساروا معنا. وإلى جانب الحزن الكبير، كان لدينا أيضًا أمل في أننا لسنا وحدنا. لكن بالنسبة لأفراد العائلات والأيتام واليتيمات، الأمر لا يكفي. في كثير من قضايا القتل فان اسر الضحايا تعيش الى جانب اسر القاتل لكنه غير متهم هذا القاتل لانعدام الادلة بشكل قاطع. فكروا بالواقع بان قاتل حقير حرًا طليقًا يسير الى جانب افراد عائلة ضحية القتل. في أي مجتمع انساني من الممكن ان يحدث هذا.
لقد سرنا في المظاهرة نطالب بما هو مفهوم ضمنًا. اليوم أنا لا أطالب فقط، لو كان بإمكاني تقديم لائحة اتهام ضد حكومة إسرائيلي ورئيسها لعدم احترام حياتنا، كنت سوف أفعل ذلك. بعد أحداث العنف الصعبة في ايار من عام 2021، حذر الكثير من - ناشطين اجتماعيين وتربويين - من أن الشباب الخامل الذي ليس لديه ما يفعل، الذي يقعون في فك الجريمة، ستحول الاسلحة الجنائية الى اسلحة على خلفية قومية. كنا قد حذرنا من كمية الاسلحة الكبيرة، وحذرنا من عدم وجود اطر تربوية كافية وعدم اطر توجيهية او لتشجيع التعليم ولتعزيز القيم.
عندما اختار الدكتور منصور عباس - رئيس القائمة العربية الموحدة- الانضمام إلى الحكومة التي ترأسها نفتالي بينيت، برر الخطوة الشجاعة بإمكانية التأثير من الداخل بسبب القلق الوجودي لوضعنا. وبالفعل، خلال مدة حكومة التغير القصيرة، رأينا براعم الأمل. لكن للأسف، لم يستمر أي شيء مما بدأ بعد ذلك منذ عودة نتنياهو إلى الحكم. على ما يبدوا فان من يدعي بان حكومة اليمين معنية بان نقوم نحن العرب بالاستمرار بالعيش في مستنقع العنف والقتل.
في مسيرة الموتى في تل أبيب، برز في حضورهم العديد من اليهود المتدينين، جزء منهم من يضعون القلنسوة السوداء او متعددة الالوان على رؤوسهم، واغطية الرأس المختلفة، الشباب وكبار السن، الكثير منهم توجهوا الي محرجين او فخورين، وحدثونوا عن مدى خجلهم من الوضع، وكم يشعرون بالخجل من عدم قيام الحكومة بأي شيء. إذا كان لدي القليل من الأمل، فمن هؤلاء المواطنين الذين ينضمون إلينا، ويعبرون عن آلامهم، والذين أناشدهم، لمساعدتنا في الوصول إلى قاداتكم، لهؤلاء الحاخامات الذين قد يؤثرون على مرتدي القلنسوة في الحكومة. الذين يقرأون الدرس الديني الاسبوعي في الكنيس ويعرفون - سواء في اليهودية أو في الإسلام - أن إيذاء الإنسان هو إيذاء الله. ولا توجد جريمة اصعب منها خطورة.
أنا أخشى أن الصوت الذي اصرخ ضده قد يوجه الرصاصة نحوي. لكني أرفض الاستسلام لليأس. على استعداد للمخاطرة بالنضال من اجل حياة الانسان. لذلك لا تتركوني وحدي
bokra.editor@gmail.com
أضف تعليق