بات مرور يوم دون وقوع أي جريمة قتل، هو الحدث في مجتمعنا، أو حتى دون وقوع أكثر من جريمة قتل، فجريمة قتل واحدة في اليوم، تعني أن الأمور هادئة وعلى ما يرام. شر البلية ما يُضحك.

بالأمس استفقنا على جريمة قتل في الطيرة ونمنا على جريمة في الفريديس، أول أمس في الناصرة وكفر قرع وعارة وشفاعمرو، قبله في جت، 123 جريمة منذ بداية العام، 123 جريمة في نصف عام، أكبر من عدد جرائم القتل في عام كامل في الأعوام الماضية، وكل شيء مستمر بشكل طبيعي، حتى مظاهرات كبيرة لا نرى، حتى احتجاجات واغلاق شوارع، لا نسمع عنها، حتى اعتصامات على مستوى البلدات، لا تحصل.

واذا كان هنالك من يظن أن 123 جريمة هو عدد الجرائم، فهو مخطئ، لأن عدد الجرائم أكبر بكثير، 123 أسفرت عن مقتل المصاب وفي مئات الحالات لم يمت المصاب لكنه بحالة خطرة، وما زال غالبًا مع عاهة مستديمة.

اليوم هنالك مظاهرة في طمرة وصلاة جمعة اعتصامية مشتركة في أم الفحم، واليوم ستكون هنالك جرائم أخرى غالبًا، ففي نهاية الأسبوع ترتفع وتيرة الجرائم عادة. وستستمر الحياة، ونستمر في عد قتلانا ونقل خيم العزاء من بلدة إلى أخرى ومن حي إلى آخر.

تتحمل اسرائيل بمؤسساتها مسؤولية تغول عصابات الاجرام وانتشار السلاح، ونتحمل نحن كمجتمع بقياداتنا ومؤسساتنا مسؤولية حالة التمسحة واللامبالاة التي وصلناها، وهذا أخطر بكثير من الجرائم نفسها، عندما تتحول الجرائم الى مشهد عادي وطبيعي، لا نفعل أي شيء حياله، مظاهرة هنا واحتجاج هناك ثم نعود الى روتيننا اليومي، روتين عد القتلى .. رغم أنه وأمام أعيننا نرى كيفية الاستمرارية في مظاهرات "اليهود" ضد حكومتهم، لكننا نتعامل كأن المشكلة في دار الجار البعيد، وهذا السلوك لا يمكن أن يحصل إلا في المجتمعات المفككة، ونحن ولتعاستنا كذلك، مجتمع مفكك، مجموعة قبائل وعائلات وافراد، تجمعنا اللغة والدين والمواطنة الاسرائيلية، وطبعًا المناطق الجغرافية، لك الشعور بالمجتمع، المسؤولية تجاه المجتمع، الانتماء للمجتمع والتعاطف، هذا الشعور فقدناه ونسيناه، تلاشى شيئًا فشيئًا إلى أن اختفى، فإذا كانت هذه مؤامرة علينا، وهي كذلك، فقد انتصرت. يا لخزاوتنا.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com