نشرت وزارة الشؤون الاجتماعية مؤخرا معطيات خطيرة تشير الى انه حوالي 30% من النساء اللواتي يعملن ببيوت الدعارة قد أقدمن على الانتحار ووضع حد لحياتهن، ليلقي الضوء على ازمة غير مكشوفة تعاني منها النساء في البلاد فما الذي يجبرهن العمل في الدعارة ولماذا يقدمن على الانتحار وكيف بالإمكان حمايتهن.

ظاهرة عالمية

الطبيب النفسي محمد بكري رأى ان الانتحار ظاهرة عالمية اذ تقدر منظمة الصحة العالمية انه حوالي 800000 شخص سنوياً يضعون حدا لحياتهم وتختلف أسباب وطرق الانتحار ولكن الشعور بالعجر امام ضغوطات ومشاكل الحياة قد تعطي الشخص المنتحر شعور أن أمام مشكلة لا يوجد لها حل والحل الوحيد هو الانتحار للتخلص من الالم المستمر غير المحتمل.

وقال بكري: ظاهرة الانتحار تظهر أيضاً في مجالات اخرى من الحياة وبشكل كبير مثلاً في بيوت الدعارة فقد نشرت وزارة الشؤون الاجتماعية انه حوالي 30% من النساء اللواتي يعملن ببيوت الدعارة قد أقدمن على الانتحار ووضع حد لحياتهن. هناك نسبة كبير من النساء يعملن في بيوت الدعارة او خارجها ليس بمحض إرادتهن وإنما بالإجبار، ومنهن قد مروا في حياتهن بخبرات مؤلمة ومؤثرة جداً مثل اعتداء جنسي، جسمي، ومنهن من يعتبرنه عملا ومصدر دخل في ظل ظروف صعبة.

منهن من تشعر بانه يعتدى عليها

وأوضح ل "بكرا": تواجد النساء تحت هذه الظروف تؤثر جداً على نفسيتهم وخبراتهم فمنهن من تشعر بانه يعتدى عليها ومنهن من تشعر بالاستغلال وأنه ليس هناك قيمة لنفسها ولا لجسم المعتدى عليها من قبل الرجال. شعور النساء بأنهم غير قادرات على حماية أجسادهن وانفسهن التي فقدوا قيمتها بعد التعرض المستمر للاعتداءات قد تدخلهم الى ما يسمى اضطراب ما بعد الصدمة، الاكتئاب، القلق، التوتر، فقدان قيمة الجسم وعدم الشعور بالسيطرة على الامور مما قد يدفعهن الى السلوك الانتحاري ووضع حد لحياتهن التي فقدن اهميتها وقيمتها والسلوك الانتحاري بالنسبة لهن هو الحل الوحيد لحل المشكلة والتخفيف من الالم المستمر لديهن.

اعتداء جنسي ينتهي بالفتاة في سوق الدعارة

بدورها عبير عبد الحليم معالجة نفسية مختصة بالعلاج المعرفي السلوكي cbt والعلاج الجدلي السلوكي dbt المخصص لضحايا الاعتداءات الجنسية واضطرابات ما بعد الصدمة تطرقت الى الجانب الاجتماعي والسلوكي وقالت: موضوع "نساء في دائرة الدعارة" موضوع جدا هام طرحه على الاجندة، كونه يتطرق لشريحة من المجتمع مهمشة مع وصمة والم نفسي. دائماً انوه قبل الحكم على اي انسانة انحدرت لهذا العالم الموحش وقمتم بالحكم عليها، هل قمتم بسؤال انفسكم لماذا؟ كيف وصلت هذه الفتاة لبيع جسدها؟ هل هنالك فتاة قررت ان بتحقيق ذاتها بالانحدار لعالم الدعارة؟ كلا: 93% من الفتيات والنساء اللواتي ينحدرن لدائرة الدعارة تم الاعتداء عليهم جنسيا من أحد افراد عائلتهن بسن الطفولة المبكرة.

وتابعت: نعم الاعتداءات الجنسية من داخل العائلة ومن شخص يشكل للفتاه مكان الامان والحماية يوقع بها الماً جسدياً ونفسياً وصدمة تعصف بشخصيتها وخاصة عندما تكون تلك الفتاة مع حساسية مفرطة وحصانة نفسية متأرجحة لتزعزعها وتعصف بشخصيتها وتصورها لجسدها ولنفسها، وممكن ان تكون هنالك محاولات لأذية الذات وللانتحار بالذات بجيل المراهقة. عدم تفهم البيئة المحيطة للفتاة وتفسير التقلبات المزاجية والعاطفية كتمرد غير مقبول وكإنسانة سيئة التربية والاخلاق. لتصل للانحرافات ولأشخاص يستغلون ضعفها لإدخالها في دائرة مغلقة لا تستطيع الخروج منها. طبعا هذه قصة الكثير من الفتيات وقد نزيد عليها فتيات يخرجن من دائرة العنف والفقر المادي، المعنوي والعاطفي. فتيات من عائلات مفككة تعرضوا منذ نعومة اظافرهم للإساءة والاستغلال والتحرشات.

اعداد محاولات الانتحار لفتيات انحدرن للدعارة مقلقة للغاية

واسهبت قائلة: اعداد محاولات الانتحار لفتيات انحدرن للدعارة مقلقة للغاية وتشير لان سن قانون اعتبار ممارسة الدعارة في اسرائيل جريمة تعاقب عليها القانون والذي تم سريانه في شهر تموز 2020 هو قانون مهم جدا، نتمنى ان تكون له نتائج ايجابية في تقليص هذه الظاهرة. ولكن من ناحية اخرى فرض القانون لوحده ليس كافياً، نحتاج لمبادرات توعية، ولطواقم متعددة التخصصات للعمل مع شريحة الفتيات والنساء الموجودات في دائرة الدعارة لإعادة تأهيلهن. من ناحية اخرى نحتاج لحملات توعية وتثقيف بكل موضوع الجنسانية بشكل عام والتحرشات والاعتداءات الجنسية بشكل خاص.

واختتمت حديثها بالإشارة الى ان المعطيات مقلقة للغاية منوهة: مع انها لا تفاجئني وبالذات بالظروف الحالية، ومع تسليط الضوء على الفتيات في الدعارة هنالك ايضا اعداد ونسب مخيفة من الشباب العرب في الدعارة وايضا هم عرضة للأذى النفسي وللانتحار. نتكلم عن اعداد ونسب أكبر بكثير من المجتمع اليهودي وتعود الاسباب بالأساس للفقر وايضا لأشخاص مع اضطرابات في الهوية الجنسية او ميول لنفس الجنس والذين ينبذون من قبل محيطهم بجيل صغير 13-17 عام ليصلوا للمدن المختلطة او لتل ابيب والقدس ليكونوا فريسة للاستغلال الجنسي وتعاطي الكحول والمخدرات.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com