مع اقتراب الانتخابات الإسرائيلية الثالثة بدأت تبرز ما يسمى بتكتيكات انتخابية مباشرة من خلال تصريحات مثيرة للجدل يدلي بها سياسيون عرب ويهود يقودون قوائم مرشحة تجعل وتبقي جمهور المتابعين والمحللين والمصوتين على اطلاع دائم ومتابعة بصورة مشوقة للعبة السياسية المستمرة منذ أشهر في أروقة الكنيست الإسرائيلي.

استقطاب مصوتين من قطاعات عينية

الخبير في الشؤون الإسرائيلية عودة بشارات قال حول الموضوع: يجب وضع الأمور في نصابها الصحيح، من بدأ برفض الآخر هو قائمة غانتس "كحول لافان" حيث عبروا بشكل واضح بأنهم لن يتعاونوا مع القائمة المشتركة ولن تكون القائمة المشتركة جزءا من ائتلافهم في حال تمكنهم من إقامة حكومة وبالتالي المشتركة تعلن بشكل واضح انها امام هذه العنصرية وامام اقصاء العرب لن تكون جزءا من هذا الائتلاف الذي بالضرورة سيعتمد على حزب ليبرمان "يسرائيل بيتينو" وكذلك من الممكن ان يعتمد على الليكود ولكن بدون نتنياهو.

وتابع بشارات: اذا تحدثنا عن الآفاق المستقبلية وستكون فعلا بعيدة عن الانتخابات وعن الحشد الانتخابي لكل الأطراف فان هناك إمكانية حقيقية لإقامة حكومة وحدة وطنية بين كحول لافان والليكود وخاصة ان نتنياهو سيواجه بشكل واضح محكمة ستبدأ في نيسان على اكثر حد وبالتالي سيكون منشغلا وهذا الامر سيلقي بظلاله على إمكانية ان يعمل في السياسة بشكل عام وبالأخص ان يكون رئيسا للحكومة وبذلك هذا احد السيناريوهات، اما الثاني فان كل هذا الكلام الذي قال عشية الانتخابات ان يصبح غير جدي بعد الانتخابات بحيث يتم الاتفاق بين حزب ليبرمان الذي وعد بانها ستكون الأخيرة ولن يذهب الى الرابعة وان تقوم المشتركة بدعم هذه الحكومة من الخارج مع انه يظهر ان هذا الامر صعب ولكن اذا كان غانتس يريد الحكومة وليبرمان يريد اسقاط نتنياهو هما مضطران لهذا السيناريو اما السيناريو الثالث فهي انتخابات رابة اذا لم يتم حسم الأمور بهذا الاتجاه وطبعا حصول نتنياهو على 61 عضو كنيست منهم الأحزاب اليمينية والحريديم فسيكون هذا سيناريو رابع ولكن كما يظهر انه امر بعيد المنال بالنسبة لنتنياهو.

القيادي محمد دراوشة قال ل "بكرا": بتقديري ان حديث ما قبل الانتخابات ينفع للحملة الانتخابية والدعائية فقط لاستقطاب مصوتين من قطاعات عينية لا أكثر. غانتس وحزبه كاحول لاڤان يسعون لإغراء مصوتين من قطاع ما يسمى اليمين-المعتدل، ان صحت التسمية. ولذلك فهم يخاطبونهم بلغة اليمين التي تتناسب مع ذوقهم السياسي الذي يعادي المجتمع العربي وخاصةً السياسيين العرب ومندوبينا في الكنيست. من جهةٍ اخرى يتحاور مندوبي المشتركة في خطابهم المتشدد مع قواعدهم الحزبية لحشدها حولهم، ومن ناحية اخرى لقطع الطريق امام حزب كاحول لاڤان وأحزاب اخرى من اصطياد أصوات من داخل المجتمع العربي، لتكون المشتركة هي المنتفع الوحيد من هذه الأصوات.

كاحول لاڤان بحاجة الى أصوات المشتركة للتوصية عند رئيس الدولة

وتابع دراوشة: لا جدوى وقيمة لغالبية هذه التصريحات ما بعد يوم الانتخابات التي ستجري بعد ثلاثة أسابيع. وستحكم علاقتهم المصالح الخصوصية لكل طرف. حزب كاحول لاڤان بحاجة الى أصوات المشتركة للتوصية عند رئيس الدولة وسيسعى لمصالحة سريعة، ربما خلف الكواليس مع المشتركة. في حين ان غالبية مركبات المشتركة تريد ان يكون لها تأثير على حكومة غانتس في حالة استطاع الأخير من تركيبها. فلذلك ستكون لهم مصلحة بالنزول عن السلم، مقابل ثمن معين يحفظ لهم ماء الوجه. والثمن سيكون وعود بتحقيق إنجازات او سياسات تهم المشتركة وجمهورها، وخاصةً في القضايا الحياتية التي تهم المواطن العربي، إضافةً لموقف معتدل من طرف غانتس بخصوص اعادة مسار التفاوض مع الفلسطينيين.

وختاما: الكل يحفظ خياراته وأوراقه قريبه جداً من صدرهم، ولن تنفرج العلاقات الا بعد معرفة نتيجة الانتخابات المقبلة علينا. وعلى المواطن العربي فهم الصورة بهدوء، والأهم ان يأخذ دوره الحقيقي في هذه الانتخابات من خلال المشاركة الفعالة في التصويت، وعدم انتظار حدوث تطورات وهو يقوم بدور المتفرج فقط.

هدية لغانتس!

المحلل السياسي إيهاب جبارين عقب قائلا: بدون أدنى شك ان الفوضى في الحلبة السياسية الأخيرة لها تداعياتها، بتأخير ملحوظ وتخبط داخلي صرحت المشتركة مؤخرا على استحياء أن دعمها لغانتس سيكون مشروط وأنها ليست في جيبة أحد. من جهة هذا الأمر بدون أدنى شك بمثابة هدية لغانتس، والذي يغازل ويخاطب أصوات اليمين، وإن كان بالبداية يعاكس اليمين مركز فعينيه الآن صوب اليمين المتشدد أكثر، وبتصريحات بينت الأخيرة، تشدد من غانتس على التمسك بموقفه، وبالتالي انتفاضه من المشتركة سيكون بمثابة ترجمة لأصوات أخرى من اليمين.

ونوه: لكن يجب أن نؤخذ بعين الاعتبار أنها ليست مجرد تصريحات انتخابية، غانتس يريد حكومة قوية وثابتة، راهن بمرحلة معينة على اليسار، رهانه خسر، والان يعلم ان مركز ثقله لإقامة حكومة جديدة قوية وفي ظل نتنياهو الضعيف من جهة واليسار الأضعف يكون بالرهان على اليمين وأحزابه، ولذلك أستبعد، كما رأينا في الانتخابات الثانية كذلك أن يبني ثقله على المشتركة، بل هذه المرة سيكون أكثر حزما من البداية، السؤال هل ستثبت المشتركة في ظل كل تخبطاتها الداخلية على موقف عدم الدعم، ام سترهن الدعم بشروط. اي كان موقفها، فغانتس سيتنصل مرة اخرى منها غالبا.

تصريح غانتس بشأن المشتركة يشير الى ضائقة ومأزق أكثر

المحلل السياسي والخبير عبد اللطيف حصري قال ل "بكرا": في انتخابات نيسان الماضي وكذلك في أيلول شكلت المشتركة معضلة حقيقية لكتلة ما يسمى "يسار – الوسط"، تماما كما شكل نتنياهو معضلة لكتلة اليمين، فلا "يسار - الوسط" قادر على تجاوز عنصريته وابتلاع المشتركة وطروحاتها السياسية، ولا اليمين قادر على تجاوز نتنياهو رغم عجزه عن تشكيل حكومة لمرتين متتاليتين. من الواضح أو على الأقل هذا ما تشير اليه الاستطلاعات، ان أنماط التصويت لن تتغير في آذار. العرب يصوتون للمشتركة، واليهود الاشكناز يصوتون لأزرق أبيض، بينما اليهود العرب يصوتون لليكود، واليهود الروس يصوتون لحزب ليبرمان، كذلك الأمر في جانب المتدينين، الحريديم العرب يصوتون لشاس والحريديم الاشكناز يصوتون ليهودوت هتوراة، أما بالتصويت الايديولوجي فان فاشيو الاستيطان الصهيوني يصوتون لليمين الجديد، وما يسمى اليسار الصهيوني واليسار الاجتماعي يصوتون لحزب العمل وميرتس.

وتابع: لكن الجديد في هذه الدورة من الانتخابات، أن المشتركة باتت معضلة الكتلتين ومحور حملتهما الانتخابية، وكلاهما يدرك أنه لا حسم الا بنسب التصويت، فاذا ما رفع العرب نسبة تصويتهم الى مستوى النسبة العامة، وتجاوزت المشتركة حاجز الستة عشر مقعدا، ستشهد اسرائيل تغييرا غير مسبوق وانهيارا لليمين الفاشي الذي هيمن على المشهد السياسي بالعقد الأخير.

ونوه: تصريح غانتس بشأن المشتركة يشير الى ضائقة ومأزق أكثر مما هو موقف سياسي. إذ يدرك غانتس ان الذهاب الى انتخابات رابعة من موقع رئيس حكومة سيكون أفضل من موقع المعارضة، فمحاولة التغلب على نتنياهو بالمزاودة اليمينية تفضح الجوهر العنصري والاستعماري لما يسمى باليسار الصهيوني، وتكشف الاجماع الصهيوني بكامل عريه العنصري والمعادي للعرب. اما تصريح أيمن عودة بشأن عدم التوصية على غانتس يشير الى أن المشتركة تدرك مصادر قوتها، وهذا ما ينبغي استثماره بنجاعة، فرفع نسبة التصويت بالوسط العربي وزيادة التمثيل العربي، تعني إرباك الخارطة السياسية في اسرائيل وضرب الاجماع الصهيوني بالصميم.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com