أكد الدكتور عبد الكريم شبير، الخبير القانوني، أن الإعلام هو أحدى الوسائل الرقابية على السلطة التنفيذية، وهي ذات تأثير متمدنة، بأنها سلطة رابعة من سلطات الدولة.
وقال شبير: "في مؤتمر النيابة العامة المتعلق بقضية وفاة اسراء غريب، كان هناك كشف لبعض الحقائق التي اطلع عليها الإعلاميون والمواطنون كي يكون هناك ملاحقة لمن اقترف الجريمة، وأن يكون هناك تعاون في تحقيق العدالة وإنفاذ القانون".
وبين شبير أن مؤتمر النيابة العامة، هو خطوة رائعة، وكان بداية شراكة حقيقية بين النيابة العامة والمؤسسات الحقوقية، وخاصة الهيئة الفلسطينية المستقلة، التي يجب أن تكون دائماً بصورة الإجراءات التي تتبع في مثل هذه القضايا الخطيرة، والتي تشكل خطراً على أمن ومصير واستقرار المجتمع الفلسطيني.
في سياق ذي صلة، استندت النيابة العامة في مؤتمرها، على المادة 330 من قانون العقوبات، والتي تتضمن من ضرب أو جرح أحداً بأداة ليس من شأنها أن تفضي إلى الموت أو إعطاء مواد ضارة ولم يقصد من ذلك قتلاً قط، ولكن المعتدى عليه توفي متأثراً مما وقع عليه عوقب الفاعل بالأشغال الشاقة مدة لا تنقص عن خمس سنوات.
وتعقيباً على هذه المادة، أكد شبير، أن موقف النيابة في التكليف القانوني بقضية إسراء، فيه نوع من الاستغراب والاستهجان، لأن هناك جريمة قتل بتعمد وينطبق على ذلك المادة الخاصة بقتلها مع سبق الإصرار والترصد وليس المادة 330 لقانون العقوبات.
وطالب شبير، الهيئة المستقلة ومؤسسات حقوق الإنسان، أن يتم تحديد جلسة رسمية مع النائب العام، لكي يتم تدقيق التكليف القانوني، قبل أن تذهب لائحة الاتهام إلى المحكمة، معتبراً أنه من واجب النيابة أن تحافظ على الحق العام والخاص لأهالي الضحية الذين كان لهم دراية بكل ما حصل مع إسراء من اعتداء على جسدها وحقوقها الشخصية.
وشدد على ضرورة أن يكون هناك تكليف آخر وليست فقط 330، التي ستعطي مجالاً كبيراً في حال وجود ظروف مخففة بسنة او سنتين وليست بخمس سنوات، كما هو منصوص بالمادة ذاتها.
وقال: "جريمة إسراء، مع سبق الإصرار والترصد، ويجب إنزال العقوبة الشديدة لمن اقترفها"، مضيفاً: "انا لست مع المادة 330، لأن وقائع القضية التي تم الحديث عنها بالمؤتمر، سواء بالتصريح أو بالتلميح، أو بالمعلومات التي توفرت، بأن هناك جريمة اقترفت بحق إسراء مع سبق الإصرار والترصد".
وحول إعلان النائب العام خلال المؤتمر، بأن هناك بيانات سرية، أوضح الخبير القانوني، أنه لا يجوز للنائب العام أن يدعي في جناية خطيرة كقضية قتل إسراء، أن يكون هناك بيانات سرية"، لافتاً إلى أن هذه البيانات السرية تتعلق بالفضائح والأقارب والأصهار، والتصرفات التي تم اقترافها بحق إسراء، والاتصالات والفيديوهات، ومواقع التواصل الاجتماعي والصفحات الداخلية، معتبراً أن النائب العام لا يريد الكشف عن هذه المعلومات، وإنما يريد أن يحتفظ بها.
وقال: "إذا تم الكشف عن هذه المعلومات، فسيكون هناك موقف آخر للنيابة العامة، وللمحكمة في المادة 330، لأنها لا ينطبق على هذه القضية الخطيرة"، مضيفاً: "التهمة المناسبة للاشخاص الثلاثة هي الاشتراك في القتل مع سبق الاصرار والترصد، فهناك فاعلون أصليون بالجريمة، وليس فقط شركاء، والتخطيط والاعداد لها وتنفيذها، بالاتفاق المشترك بين الثلاثة".
ورأى شبير، أن المادة التي تنطبق على المجرمين الثلاثة، هي التي تتحدث عن القتل المتعمد، منوهاً إلى أنه كان يجب على النائب العام، أن يكون له وقفة فيما يتعلق بنتائج تقرير الطب الشرعي، أمام الإعلاميين والجمهور، ولكن للإسف فإن هذا التقرير لم يعط حقه في التوضيح، وما هي النتائج المتمخضة عنه.
وقال: "يجب أن تكون النيابة حيادية وشفافة ونزيهة وتمثل الحق العام، حفاظاً على أمن المواطن واستقرار المجتمع الفلسطيني"، مضيفاً: "الحكم على المجرمين الثلاثة، سيكون بناء على ما سيترتب بناء على استماع المحكمة للبينات وقناعتها فيها"، مطالباً المحكمة أن تدقق في تقرير الطب الشرعي، وفي المعلومات السرية التي تدعيها النيابة العامة، وفي الوقائع التي حصلت، وتم تنفيذها بحق المغدورة إسراء، وفي الاتصالات التي تمت بين من قاموا بتنفيذ الجريمة.
وحول ذكر أسماء المتهمين الثلاثة بالرموز، أوضح شبير، أنه طالما لم يتم تحضير لائحة اتهام ضدهم، لا يجوز له أن يفصح عن الأسماء، حتى لا يكون تحت طائلة المسؤولية، لافتاً إلى أنه يتم الإعلان عن أسماء منفيذي الجريمة بعد أن يتم تحضير لائحة الاتهام.
وفي ذات الجانب، وقعت دولة فلسطين في عام 1989، على بروتوكول، يقضي بإلغاء قرار تنفيذ حكم الإعدام.
وحول هذا الموضوع، قال شبير: "هذه قضية قديمة جديدة، فعندما كانت الإدارة الأردنية تدير الضفة الغربية والإدارة المصرية تدير قطاع غزة، كان حكم الإعدام موجوداً، ولكن عندما جاء الاحتلال الإسرائيلي والإدارة المدنية، أصدروا أوامر عسكرية بوقف عقوبة الإعدام وأصبح المؤبد، ولكن عندما جاءت السلطة الوطنية الفلسطينية، وفي عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات، أصدر قراراً بإلغاء الأوامر العسكرية، ومنها قرار إيقاف عقوبة الإعدام، وبالتالي أصبح هناك هذه العقوبة".
وأضاف: "بعد ذلك، كان لفلسطين مشاركة في الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، ومحاولة رفع عقوبة الإعدام من هذه الاتفاقيات، ولكن فلسطين حتى الآن لم توقع على ذلك"، مبيناً أن عقوبة الإعدام تتم شنقاً للمدنيين، ورمياً بالرصاص للعسكريين.
وفي سياق آخر، أكد الخبير القانوني، أن القتل على خلفية الشرف، هي أن يجد أحد الأقارب من الدرجة الأولى، أن هناك جريمة مورست بحق زوجة أو أخت أو ابنة، أو شخص قد مارس جريمة الزنا مع إحداهن، وقد تفاجأ في ذلك، ويقدم على قتلها.
وقال: "في هذا الوضع، نعتبر أن هذه الجريمة لها ظروف مختلفة، ولا ينطبق عليها عقوبة الإعدام أو المؤبد، حيث إن المادة 330 تنطبق على هذه الحالة، بأن يكون هناك عقوبة مخففة، لا تزيد مدتها عن خمس سنوات".
وبين أن في قضايا القتل على خلفية الشرف، يتم الحكم على الجاني، إما بسنتين أو سنة ونصف، بشرط ألا تزيد عن الخمس سنوات.
bokra.editor@gmail.com
أضف تعليق