التوقيت المتناغم لعمليتا الهدم التي حصلتا في صور باهر في منطقة القدس وبلدة عارة في المثلث الجنوبي اعادتا أزمة التخطيط والبناء وأزمة البناء الغير مرخص في المجتمع العربي الى أجندة الرأي العام العالمي والمحلي، فبالرغم من ان أسباب الهدم اختلفت في الحالتين الا ان النتيجة والمقصد واحد وهو تضييق الخناق على الفلسطينيين العرب داخل الخط الأخضر حتى واذا لم تكن هذه المناطق تحت السيادة الإسرائيلية كما في صور باهر ضمن سياسات حكومية فاشية ممنهجة لبث اليأس في قلوب الفلسطينيين تضاف الى سن قوانين صارمة لا تأخذ بالحسبان خصوصية وضعهم ومكانتهم مثل قانون "كامينتس" وسط صمت واضح لقيادات الصف الأول من العرب.

اقترحت تعديلا قانونيا لحل ازمة التخطيط والبناء والقيادات تجاهلته!

الخبير الاقتصادي والناشط الاجتماعي والسياسي الدكتور وائل كريم قال بدوره: ان المواطن العربي يقبع بين مطرقة الغرامات الباهظة على البناء الغير مرخص من ناحية والضائقة السكنية النابعة من شح الأراضي الصالحة للبناء ومناطق النفوذ البلدية التي لا تصل الى الحد الأدنى لتنفيذ تخطيط يضمن وجود ما يكفي لحاجات المجتمع الإسكانية.

وتابع يقول: عمليات الهدم والتشريد التي تمارس ضدنا أصبحت اشبه بعملية ترحيل او هي مقدمه لذلك، دون ان نتقدم نحن بخطه مدروسة للمطالبة بمعادله تنفذ في جميع البلدات والمدن توصي بحد أدني من الأراضي الصالحة للبناء في كل بلد يراد فيه تنفيذ قانون كامينتس او القيام بهدم البيوت التي لم تحصل على ترخيص. واقترح كريم تعديلا قانونيا يساهم بتنظيم التخطيط والبناء وقال: لقد قدمت ورقة عمل الى أعضاء الكنيست العرب عشية المصادقة على قانون كامينتس، أوصيت به ان نقوم بتعديل القانون على النحو التالي: يحدد مفتاح أفقي لتنفيذ بنود القانون الجزائية في كل بلده عربيه او يهودية لديها تخطيط وأراضي صالحه للبناء بمعدل ادناه 250 م. م لكل فرد بالغ ولا يملك شقه سكنيه بملكيته الكاملة. اي ان كل بلد ليس لديها هذا الحد الأدنى فهي لا تستطيع تنفيذ القانون ولهذا فهي تستثنى من تنفيذه.

علينا ان نبدأ عمليه نضاليه واسعة النطاق تحرك الرأي العام محليا واقليميا لتغيير القانون او تعديله

واوضح: من هنا نوجد حافز ملزم للجان التنظيم والبلديات وسلطات التخطيط على وضع برنامج عمل لتنفيذ التخطيط البلدي بحيث يضمن وصول البلدية الى هذا الحد الأدنى كي يحق لها تنفيذ القانون الصارم " قانون كامينتس" على كل البناء الغير مرخص. من ناحية اخرى ينفذ القانون بحزم ضد البناء الذي يتعارض مع التخطيط العام القائم في البلدية إذا كان هذا التخطيط قائم أصلا. هذا التعديل في القانون كان يمكن من خلاله ايجاد آليه لفرض التخطيط البلدي ووضع لجان التخطيط في حاله من التنشيط الدائم لمواكبة المستجدات والحاجة الملحة للتحضير المسبق لأراضي صالحه للبناء تضمن عبورها الحد الأدنى المذكور أعلاه كي تستطيع من ناحية اخرى فرض المخالفات وحتى هدم البناء الغير مرخص بكونه غير مبرر.

وختاما نوه كريم: للأسف الشديد فإن القيادات العربية لم تتعامل مع ورقة العمل بجديه حتى انها لم تعرض على لجنة كامينتس كصيغه توافقيه تلائم القانون مع مستوى الإجحاف القائم عند العرب بكل ما يتعلق بشح الأراضي وقلة التخطيط. من هنا فلم يبق لنا الا ان نبدأ عمليه نضاليه واسعة النطاق تحرك الرأي العام محليا واقليميا لتغيير القانون او تعديله وفرض المعادلة المذكورة أعلاه كآلية عمل أساسيه ملزمه لتنفيذ القانون.

تفعيل عمل قضائي جاد مكون من التماسات للمحاكم وشكاوى للجهات الرسمية المحلية والدولية

‎المحامي قيس ناصر المختص في قضايا التخطيط والبناء قال: ان عمليات الهدم الاخيرة في البلدات العربية هي تجسيد وتطبيق واضح لتعديلات قانون التنظيم والبناء وابرزها تعديل "كامينيتس" والذي عززت دولة اسرائيل من خلاله آليات واساليب الهدم، وهو يمنع تجميد اوامر الهدم ويسلب المواطنين حقوقهم الاساسية في المسكن والعيش. وعلينا ان ننبّه اولا ان ادعاء دولة اسرائيل القائل ان هناك تغييرا في مجال التخطيط الهيكلي في البلدات العربية بعد ان تمت المصادقة في العقد الاخير على عدد من الخرائط الهيكلية الشاملة لبعض البلدات العربية، هو ادعاء بعيد عن الواقع ويهدف الى اتهام المواطنين العرب بالبناء دون الرخصة قصدا. ذلك ان اغلب الاراضي الزراعية الخاصة في البلدات العربية ما زالت تنتظر منذ عشرات السنين مخططات هيكلية تفصيلية لا يمكن دونها البناء على اراضي المواطنين العرب. وعليه فان الشرط الذي تطلبه المحاكم الاسرائيلية حتى تجمد هدم بيت، وهو ان صاحب البيت سيحصل على رخصة بناء خلال أشهر قليلة فقط، هو شرط تعجيزيّ ومنافٍ للواقع. من جهة اخرى، أجد ان تعاملنا كمجتمع عربي مع قضية هدم بيت في عارة او قلنسوة او سخنين قضية فردية محلية تخص صاحب البيت نفسه او البلد التي يسكنها فحسب، هو تعامل غير سليم ويضعف موقف المجتمع العربي تجاه قضية هدم البيوت الحارقة التي تتعلق بجوهر وصلب وجود المجتمع العربي والتعامل الحكومي العنصري نحوه. زد على ذلك ان المواطن العربي أصبح لا يجد جدوى في طرق التعامل مع هذا الملف والتي اصبحت روتينية تتمثل بشكل اساسيّ بعقد اجتماع شعبيّ او مظاهرة عامة بعد ان يتم الهدم دون وضع برنامج عمل واضح وخطوات عملية ودون متابعة، ليصحو المجتمع العربي كل مرة على عملية هدم اخرى في بلد اخرى ويكرر سيناريو التعامل نفسه!

‎وأضاف واضعا آليات للتعامل مع القضية: عليه اجد ان سبيلنا حتى نمنع الهدم القادم هو بالتخلي عن الاساليب التقليدية المتبعة حتى اليوم وابتكار اساليب جديدة تتحدى سياسات الهدم وشرعيتها وتتحدى المنظومة السياسية والقضائية التي تقف وراءها. ومن هذه الاساليب انصح بالخطوات التالية، اولا، علينا إلزام الوزارات المختصة ومؤسسات التخطيط والبناء على تأمين المخططات الهيكلية التفصيلية الناقصة في البلدات العربية، وذلك من خلال تفعيل عمل قضائي جاد مكون من التماسات للمحاكم وشكاوى للجهات الرسمية المحلية والدولية. هذا يتطلب تبني طاقم قضائي وطاقم مستشارين مختص في قضايا الارض والمسكن وحقوق الانسان والعمل وفق خطة قضائية حقوقية ومهنية.

على المجتمع العربي التعامل مع قضية الهدم كملف وجودي عام وليس كقضية فردية

‎وتابع مفصلا: ثانيا، على المجتمع العربي التعامل مع قضية الهدم كملف وجودي عام وليس كقضية فردية لصاحب البيت. هذا يتطلب في نظري تدويل قضية الارض والمسكن وهدم البيوت في المجتمع العربي، وذلك من خلال إثارة هذه القضية امام كل الجهات الدولية الرسمية كالأمم المتحدة، الاتحاد الاوروبي، والمؤسسات الرسمية للدول العظمى صاحبة التأُثير على سياسات اسرائيل، كالولايات المتحدة وروسيا والصين والدول الاوروبية. ثالثا، يجب العمل على إلزام الكنيست تغيير القوانين الجائرة الاخيرة في مجال التنظيم والبناء واهمها "قانون كامينيتس" وهو قانون عنصري غير ديموقراطية. يتمثل فساد هذا القانون ليس بانه يسلب المواطن حقه في المسكن والعيش فحسب بل هو يبطل صلاحيات المحاكم مراعاة الحالات الانسانية ويمنعها من تجميد الهدم الا في حالات نادرة جدا وباي حال لا تستطيع المحكمة تجميد امر هدم أكثر من سنة وهو امر غير واقعي بالنظر الى التخطيط العالق في البلدات العربية. يجب العمل على في الكنيست وفي المحافل الدولية على ابطال هذا القانون العنصري الذي يبشّر بالمزيد من الهدم والترحيل في البلدات العربية. رابعا، يجب العمل على خلق "صندوق التخطيط والبناء في المجتمع العربيّ". يهدف هذا الصندوق الى تحريك المخططات الهيكلية التفصيلية الناقصة في البلدات العربية ومؤازرة اصحاب البيوت المهددة بالهدم ودعمهم ماديا وفنيا للدفاع عن بيتوهم. يمكن استغلال الصندوق ايضا لتعيين طاقم مهني لإثارة قضية هدم البيوت في الاعلام المحلي والعالمي وفي اروقة المؤسسات المختصة في اسرائيل ودوليا.

‎خامسا، يجب خلق آليات تواصل وتشبيك بين اصحاب البيوت المهددة بالهدم وبين المحامين الذين يمثلونهم وذلك من اجل القيام بخطوات استباقية تمنع الهدم والعمل سويا وبكل طاقات وملكات شعبنا لمنع الهدم القادم في المسارات الشعبية والاعلامية والسياسية.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com