في حديثٍ للدكتور نجيب نصر الله من مستشفى الناصرة الإنجليزي، حول عمل قسم الطوارئ حدثنا عن عمل الطواقم العاملة في المستشفى وخاصةً قسم الطوارئ وهو أخصائي أطفال - ومدير قسم الطوارئ في مستشفى الناصرة الإنجليزي، قائلاً: "بدون أدنى شك أنه في فترة العطلة الصيفية، فلا يخرج الأبناء إلى المدارس والروضات والحضانات، ويقضون جُلّ وقتهم في البيت، سواء في بيت العائلة، أو لدى بيت الأجداد، أو في ساحة البيت".

اغلب الحوادث تحدث في البيت 

د. نصر الله: "نعرف أنّ أغلب الحوادث البيتية فوق الـ 35% عند الأطفال لغاية جيل 5 سنوات، تحدث في البيت، من هذا المنطلق وحسب استطلاع بسيط في المدرسة أو الحضانات نسبتها أقل من 10%، في البيوت تكون النسبة فوق الـ 30%، وللأسف نحنُ نقول أنها ترتفع لدى الأطفال خاصة في المجتمع العربي".

يتابع: "كما نعرف أنّ كثرة الحوادث لدى الأطفال ناتجة عن الإهمال، لكن لا يسعني أن أشير إلى المذنب، فالحوادث التي نراها مروّعة ويصعُب على الأهل رؤية ابنهم وهو في وضعٍ صعب نتيجة إصابة أو حادثة، كما أنّ قسم كبير من الحوادث تتعلّق بنا نحن كأهل ومسؤولين وبطريقة تصرفاتنا في حياتنا اليومية".

يقول د. نجيب: "جرى بحث بين الأعوام 93 و95، وتبيّن أنّ ثلاثة آلاف طفل مكثوا في مستشفى رمبام من شمال البلاد، وأجريت مقارنة بين العرب واليهود، فوجدوا أنّ 66% من الأطفال الذين مكثوا في المستشفى هم من العرب، وهذا يُشير إلى 1000 إصابة، وهي نسبة مُقلقة، والأكثر صعب لنا، أنّ الأولاد الذين تواجدوا في العلاج المكثف الذي كانوا بحاجة للتنفس الصناعي 95% من المجتمع العربي، ولا شك أنّ لدينا الكثير من العوامل المُسببة، مثل طريقة البناء، السقوط من البلكون، من السقف، تبني بيتًا بدون حديد، وطفل صغير لديه حب استطلاع، يمكن أن يميل برأسه ليسقط".

من هنا تأتي ضرورة الوقاية في المنزل، وكل موضوع المراقبة الفعالة، جزء من الثانية كفيل بأن يعرّض الطفل لحادثٍ خطير.

يتابع: "نحنُ نتحدث عن أهمية أن يكون الأهل يقظين، وحريصين ومراقبين، لأنّ الطفل لغاية 4 سنوات لا يمكنه أن يفكر ويعرف خطورة المكان القريب منه، هذا واجبنا، السؤال أين يقف الأمر؟! مثلاً عندما أضع السيارة في المصف، ويخرج طفل إلى ساحة البيت لا يراه الأهل، ومن الممكن أن يكون الأب هو الذي دهسه أو عمه، وهذه من الحوادث المؤلمة جدًا، للطبيب أيضًا، صعب جدًا".

ويواصل قائلاً: "في العادة نتحايل على القانون، لكن في النهاية نصحو على واقع صعب، وحسب رأيي الأمر يجب أن يكون معكوسًا، ومنذ البداية يجب أن يكون هناك تدخُل، نحنُ لدينا لجنة سلامة الطفل التي يجب أن تتدخّل أكثر، ويجب أن تكون هنالك برامج للتوعية للأهل، برامج توعية حتى في المدارس، أكثر المواضيع المهمة مؤخرًا الدخول إلى المدارس وتمّ الشرح لكل موضوع حزام الأمان، أصبح الطفل يقول للوالد، أبي ضع حزام الأمان، إذ هناك ضرورة ملحّة".

ذكرت الشريحة العمرية التي نتعاطف معها، وهي شريحة الأطفال التي تصل إلى غرفة الطوارئ لغاية 5 سنوات أو أكثر بقليل، حيثُ تتعرض لضربات شمس أو سقوط من علو، أو غيرها من الإصابات.


"صحيح أنّ أكثر الضربات والصدمات التي تصلنا هي نتيجة حوادث طرق والوقوع عن ارتفاع، طبعًا هناك حوادث اخرى ناتجة عن جفاف، لدغات أفاعي، لدغة عقربة، لكن الكثير من الإصابات هي كسور، كميات كبيرة من الأولاد، يقود الدراجة أو الدراجات الكهربائية، والتي تصل سرعته إلى 40كم في الساعة، وهي مشكلة كبيرة، لطفل 10-11 سنة، ولا يوجد جدال أن النهاية معروفة وهي رخصة إصابات، أعطي لإبني رخصة إصابة".

هناك حالات يصل بها شخص واعٍ، ويكون المرافقين مرعوبين ومذعورين، في هذه الحالة هل هناك توصية لهؤلاء الأشخاص؟

طبعًا، عندما يرى الشخص ابنه أو ابن أخيه، أو قريب عائلة، تعرّض لدهس، أو لجرح، أو إصابة، أو نزيف، عندها يدخل الأهل في حالة صعبة، يدخلون بعصبية وضغط، وهذا الأمر لا يُساعد فالمُعالِج يحتاج إلى هدوء، وفي العادة نقترب من المصاب، نهدئ الأهل ونؤكد لهم أن كل شيء على ما يُرام. وحسب رأيي التخفيف في اللقاء الأول، هي عبارة عن تهدئة، يشعر الأهل أنّ الأمور تحت السيطرة، وإذا كانت هنالك إصابات صعبة، لا نتعامل مع الإسعاف، نأتي بالسيارة الخاصة، شخص تعرّض لصدمة أو ارتفاع، قد يكون لديه كسر في العمود الفقري، هذا الأمر نادر، لكن يكفي أن يكون تعرّض لكسر ونقوم بتحريكه، بطريقة خطأ، فيمكن للإنسان ألا يتحرك".

غرفة الطوارئ

"إنّ الوصول إلى غرفة الطوارئ، أن يمروا بدورة إرشاد، وهذه الدقائق كفيلة بإنقاذ حياة طفل أو بالغ، والتعامل مع أول ساعة مع المصاب تؤثِر على حياته إلى الأمام ولا جدال إذا ما أعطينا العلاج، وبسرعة كافية فإننا نوفر على الشخص الكثير من العذاب".

ظروف طبيب غرفة الطوارئ:

د. نجيب: "إذا ما دخلت إلى البيت قبل الساعة العاشرة، يسألونني ماذا تفعل هنا؟ ليست سهلة، لأنّ مهنة الطبيب، صعب أن تعرف أنّ هناك كثيرون لم يتم فحصهم بعد، وأنت في البيت، ننهي الوردية في التاسعة وقد تمكث حتى العاشرة، حب الوضعية، لكن لا شك أنّ الإثارة في غرفة الطوارئ أنك تنقذ أناس ليس لها مقابل بالساعات وبالدفع، وإنما الثمن كبير جدًا والاستكفاء الذاتي أمرٌ جدًا مُهم".

د. نجيب أنّ هناك عتب على الأطباء، لأنّ البعض يجهل الضغط النفسي الذي يمر به الطبيب، وبالذات الذي يعمل في غرفة الطوارئ، يفقد من إنسانيته بعض الشيء ولا يمنح المصاب الوقت الكافي، مفهوم قسم الطوارئ، فيه إشكالية، وأبسطها، المرضى الذين يصلون إلى قسم الطوارئ، أكثر من 30% لا حاجة أن يكونوا في الطوارئ، جاء القسم لإنقاذ أكبر عدد من المحتاجين للإنقاذ، أنتظر في الطوارئ، شخص أصيب بجلطة أو حادث طرق انتظر شخص تعرض لمياه في الرئة، لذا مَن يصل إلى قسم الطوارئ، أنصحهم بالتحلي بالصبر والهدوء. أحاول أن أفحص الأكثر حاجة للعلاج، عملي ليس أن أكون لطيفًا، وإنما أن أنقذه، ولذا هناك أولويات".

ويتابع: "نحنُ في قسم الطوارئ نقوم بمساعدة الشخص لإنقاذ حياته، ولا يمكن الكشف عن "السرطان" مثلاً. كما أنّ معدل الإصابات التي تصل إلى غرفة الطوارئ بين 160-170 مريض، وفي بعض الحالات يصلنا 200 مريض في 24 ساعة، وبعض المرضى تحتاج إلى الكثير من المساعدات.

وحول النواقص في غرف الطوارئ- يقول د. نجيب إنّ الثروة الإنسانية هي التي تصنع النجاح، ونحنُ بحاجة لأناس مع تجربة وهذا الأمر يحتاج إلى ثمن. مع ذلك فإنّ هناك بعض النجاحات الملموسة، مثل: استطلاع وزارة الصحة- الذي أكدّ حصول مستشفى الناصرة الانجليزي على المكان الثاني في البلاد. بينما حذّر دكتور نجيب من حالات الغرق، مشيرًا أنه بداية العام وقعت 39 حالة غرق لأطفال.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com