وصل عام 2016 إلى فصله الأخير مع اقترابنا من لحظة الوداع التي سنكتب فيها نهاية عام لن يتكرر بسهولة فكمّ المفاجآت الرياضية الذي شهدناه هذا العام أصبح يدفعنا للتفكير بأن كل حدث منطقي هو أيضاً مفاجأة بحسب مجريات وسياق هذه السنة الغريبة الأطوار لكن الأكيد هو أننا كعشاق للرياضة وبشكل خاص كرة القدم استمتعنا بمشاهدة هذه الظواهر الجدلية بغض النظر عمّا ألحقته بنا من سعادة أو خيبة بسبب تتويج فرقنا أو خصومنا لكن لماذا حضر كل هذا الكم من المفاجآت عام 2016؟ وما هي أبرز لحظات هذا العام؟

ليستر والمعجزة الكبرى:

أن تنجح بالتخطيط بشكل سليم لبطولة من 6-7 مباريات وتتوّج بلقبها بالنهاية فإن هذا يصنّف بخانة الإنجاز لكن ما فعله ليستر في 38 جولة بالدوري الإنجليزي يستحق تصنيف "المعجزة الكروية" لأن الدوري يحتاج دائماً لتركيز وإيجاد حلول دائمة وبدلاء وكل هذا توفر بليستر الموسم الماضي رفقة حماس المجموعة التي دافعت عن حلمها حتى الساعة الأخيرة من الدوري مستغلة تراجع القوى التقليدية بإنجلترا وفتحها الطريق لظاهرة جديدة غير متوقعة.

البرتغال والسطر الأول بكتاب المجد:

لم تبدأ البرتغال منافسات أمم أوروبا بشكل مقبول على الإطلاق ولم يستقر فيرناندو سانتوس على تشكيلة حتى بداية الدور الثاني من البطولة بعد أن اختار إقصاء العديد من الأسماء من قائمته خاصة بالوسط لكن رغم ذلك تمكن المدرب من إيجاد توليفة تكتيكية ناجحة مدعومة بعناصر كتبت مجدها ومجد بلادها مثل رونالدو وسانشيس ليحتفل البرتغاليون بلقبهم الكبير الأول بتاريخهم بعد أن كان الفريق خارج دائرة التوقعات قبل بداية البطولة.

عقدة تشيلي:

لم يكُن ربما أشد المتشائمين من الجمهور الأرجنتيني يتوقع فشل منتخبه التهديفي للنهائي الثالث على التوالي لتسقط الأرجنتين للعام الثاني على التوالي ضحية أمام تشيلي التي أكدت أحقيتها بأن تكون بطلة لكوبا أميريكا بعد أن قضت نصف عام من التخبط بعد رحيل المدرب الرمز سامباولي.

بيريز من المكروه للبطل:

لو عدنا بالذاكرة لبداية عام 2016 يمكننا ببساطة متابعة حجم التكهنات التي تحدثت عن قرب رحيل بيريز عن إدارة ريال مدريد ففضيحة تشيريشيف ومن بعدها حرمان الصفقات ومن ثم البداية السيئة لبينيتيز جعلت الأصوات تتعالى بوجه رئيس ريال مدريد لكن زيدان بدا كأنه هو عصا بيريز السحرية حيث أعاد ترتيب البيت وأنهى موسماً مضطرباً بلقب دوري الأبطال قبل أن يقود فريقه لتحطينم رقمه القياسي بأطول سلسلة من دون هزيمة إضافة لتصدره الدوري مع مباراة ناقصة إلى جانب تمكن الإدارة من إيجاد حل يخفف عقوبة الإيقاف عن التعاقدات وبالتالي تحول بيريز من منظر الهارب من الباب الخلفي إلى البطل رافضاً التشبّه بمرحلة الاستسلام عام 2006 ومفضلاً التركيز على الشأن الرياضي عوضاً عن الاقتصادي.

لايبزيغ ونيس:

قبل أن تغيب شمس 2016 انتقلت ظاهرة ليستر بالعدوى إلى ألمانيا وفرنسا فنجح لايبزيغ بأول موسم له بالبوندسليغا بالحفاظ على الصدارة حتى الجولة 14 من الدوري لكنه تلقى هزيمتين بآخر 3 جولات وتراجع للمركز الثاني بإنجاز أيضاً لا يمكن التقليل منه أما نيس بفرنسا فمع بعض التعاقدات والتغييرات الطفيفة وبوجود مدرب رائع مثل لوسيان فافري ومهاجم مشاغب مثل بالوتيلي تمكن من تصدر الدوري الفرنسي أمام موناكو وسان جيرمان الذان تصدرا مجموعتيهما بدوري الأبطال.

العدوى وصلت للفيفا:

سلسلة التغيرات الكبيرة هذا العام لم تتوقف عند حدود الدوريات والبطولات فحتى الاتحاد الدولي أعلن عن تقلّد أول إيطالي لمنصب الرئاسة وبحسب المقربين من جياني إنفانتينو يبدو أن هذا التغيير قد ينجح بإعادة الرياضة لمسارها الصحيح بعد أن كثر الحديث عن صفقات تحت الطاولة بعهد بلاتر وهافيلانج وهو ما شاهدناه فعلياً من خلال الإصرار على إدخال الفيديو لمباريات كرة القدم إضافة لسلاسل التحقيقات الكبيرة التي فُتحت حول قضايا فساد مختلفة بحملة لم يسبق للفيفا أن شهدها على الإطلاق بكل تاريخه.

أولمبياد قياسي وأرقام أخرى:

دورة الألعاب الأولمبية لم تكُن أقل إثارة من حيث التغيرات الجديدة فأنهت البرازيل دهر الصيام وحصدت ذهبيتها الأولى بكرة القدم بوقت كان فيه فيليبس يحتفل بذهبيته الـ23 ليكون الأفضل بتاريخ الأولمبياد على الإطلاق بظاهرة تستحق الكثير من الاحترام بعد أن كان الأمريكي يرغب بالاعتزال قبل البطولة.

بسباقات السيارات أيضاً أصبح نيكو روزبيرغ أول ألماني بالتاريخ ينجح بالتتويج ببطولة العالم للفورمولا 1 مع فريق ألماني قبل أن يفاجئ العالم بقرار اعتزاله المبكر.

السرّ خلف حماية البنوك لأندية محددة في سوق الانتقالات

مفاجآت 2016 طغت على جميع الرياضات تقريباً لكنها أجبرت الكبار بذات الوقت على كسر غرورهم والعمل بجد من جديد على غرار ما حدث من ثورة بالدوري الإنجليزي هذا الموسم إضافة لعودة بايرن وتغيير أسلوبه في حين قد يطيح نيس بأوناي إيمري مبكراً من باريس فهل تكون نهاية المعجزات هي بنهاية هذا العام؟ أم أن فصول العجائب لم تنتهي بعد؟ 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com