بوزيتانو لؤلؤة الساحل: حين تصل اليها سيبهرك جمالها الطبيعي وسترى مشاهد خلابة جديرة بأن تكون موضوعا لصورة رائعة وضوء القمر هناك يجعلك تحس بالشعر والموسيقى والعاطفة والراحة، لذا قصدها الفنانون والأدباء من كل حدب وصوب فمن الرسامين بيكاسو وبول كلي، ومن الكتاب تينيسي وليامز وتقاعد فيها عازف البيانو الالماني الشهير للموسيقى الكلاسيكية ولهلم كمف عاما وكان يعطي دروسا خاصة عن طريقة عزف موسيقى بيتهوفن حتى وفاته عام 1991 ، ومن المغنين مايك جاغر من مجموعة رولنغ ستون الذي كتب اغنية "الهائم على وجهه في منتصف الليل" واصفا مقاهيها المنتشرة في كل مكان. تبعد بوزيتانو 55 كيلومترا الى الجنوب من نابولي (أو 265 كم عن روما) وتصلها بالسيارة من روما بواسطة الطريق السريع رقم واحد الذي يصل شمال البلاد بجنوبها ثم الطريق المتفرع عنه رقم 145 الذي يتحول في ما بعد الى رقم 163 أو تصلها بالحافلة من مدينة سورنتو اذا جئت بالقطار الى نابولي ثم أخذت القطار المحلي من نابولي الى سورنتو. يبلغ عدد سكانها أربعة آلاف نسمة فقط وكانت قرية لصيادي السمك وميناء معروفا في جمهورية أمالفي خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر، لكن حالتها تدهورت في القرن التاسع عشر وهاجر نصف سكانها الى اميركا ثم عاد اسمها للظهور عام 1953 حين كتب جون ستانبيك مؤلف "عناقيد الغضب" مقالا عنها في مجلة هاربرز الاميركية قائلا "انها مهبط الاحلام، اذ لا تصدق العين ما تراه من جمال حين تزورها لكن ذاكرتك ستومئ لك بذلك بعد مغادرتك لها". رآها الكثيرون في أفلام السينما مثل فيلم "أنت فقط " (عام 1994) بطولة الممثلة الاميركية بوني هنت التي شاركت ستيف مارتن في فيلمه المحبوب "أرخص بالدزينة" وفيلم "تحت شمس مقاطعة توسكانا" (عام 2003) بطولة ديان لين التي مثلت في فيلم "العاصفة المثالية" مع جورج كلوني، كذلك سمعوا عن احتفالات الأعراس التي تقام فيها لمن يعتبر نفسه من المشاهير أو المتميزين بالأناقة والذوق الرفيع لكن القلائل يعرفون أن بوزيتانو تطورت قبل أربعين سنة من قرية متكاسلة الى مركز للموضة على مستوى ميلانو وباريس. حين زرتها لأول مرة في أوائل الثمانينات كانت الملابس فيها تتميز بالبساطة والالوان الزاهية والتصاميم المحلية مع نفحة من الذوق الاوروبي الرفيع التي تجمع ما بين الزهور واللون الابيض الحافل بالتطريز اليدوي والتخريمات، أما الآن فأغلب السياح يبحثون عن تلك الملابس لكنهم يكتشفون بسرعة أنها أصبحت مصنوعة في الصين بطريقة تجارية ترضي الأذواق الشعبية وبقيت أسعارها مرتفعة كما كانت الحال حين كانت تصنع محليا من أجود أنواع الأقمشة والحرير والكتان. نصيحة خاصة لمن يزورها للمرة الاولى: اجلب معك حذاء مريحا وعلى السيدات نسيان الكعب العالي تماما لان التجول فيها ورؤية منازلها المتأثرة بطراز العمارة العربي منذ القرن العاشر أو الاستمتاع بالشاطئ يعني صعود وهبوط عشرات وربما مئات الأدراج مرارا من أعالي الهضبة الى مستوى البحر.

على طريق الجمال: رافيللو: ساحل أمالفي حافل بالجمال أينما ذهبت والمسافات بين القرى والمدن السياحية لا تتجاوز رحلة بالسيارة لمدة نصف ساعة وبالقرب منه تجد جزيرة بركانية خلابة هي أسكيا، لكن الكنز الثمين تجده في قرية رافيللو الساحلية البديعة المسماة "بلدة الموسيقى" لأن الموسيقار الالماني الخالد فاغنر أتم تأليف اوبرا "بارسيفال" (أو: رسالة الغفران) في رافيللو كما كتب الموسيقار النرويجي غريغ موسيقى القطعة التي أتته بالشهرة "بيرغنت" وهو يتأمل البحر الازرق المنبسط أمامه والشمس الساطعة تلون بأشعتها الجذابة المنازل ذات الطابع العربي الصقلي حيث امتزج العرب في صقلية مع النورمان القادمين من اسكندنافيا. لعل هذا الجو الهادئ المريح هو الذي أوحى لفاغنر بكتابة مشهد الفارس بارسيفال وهو يحاول دخول الحصن العربي في الاندلس كما ألهم غريغ بتخيل بطله لقصة حب وقع فيها أثناء زيارته للمغرب وفيها " رقصة عائشة " المدهشة بإيقاعاتها العربية. أما الكاتب الروائي الفرنسي أندريه جيد الحائز على جائزة نوبل للأدب عام 1947 والذي أثرت مؤلفاته على تفكير الكتاب الوجوديين مثل جان بول سارتر وألبير كامو فقد زار رافيللو وساحل أمالفي في الثلاثينات باحثا عن الالهام لمسرحياته ورواياته.


 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com