من الاعلانات المضحكة المبكية التي اراها واسمعها في كل مكان: هل لديك دين في الحساب الجاري؟ الحل هو قرض.

وبالعادة الحديث عن الحصول على قرض حتى 50 الف شاقل بدون عوائق تّذكر خلال يومي عمل للاشخاص الذين لم يعانوا من مشاكل مع البنوك في الخمس سنوات الاخيرة.

للاسف هذه الاعلانات التي تحث الاشخاص على حل مشاكلهم او تسهل عليهم الوصول الى "أحلامهم" موجودة في كل مكان, نراها عند تصفحنا في الفيسبوك او عند استخدام تطبيق يسمح بنشر الاعلانات او عند تصفحنا لموقعنا المفضل او حتى خلال مشاهدتنا لنشرة الاخبار.

البنوك وشركات بطاقات الاعتماد تعمل جاهدة لكي تربط بين وصولنا الى اهدافنا (بالعادة الحديث ليس عن اهداف حقيقية انما عن رغبات مثل عطلة ذات تكلفة مرتفعة) وبين حصولنا على قرض, ومن بعد ذلك تسّهل علينا الامر بحيث اصبح الامر متوفرا من خلال مواقع البنوك على الانترنت.

بالمقابل من المتوقع ان ينشر بنك اسرائيل حتى نهاية السنة معطيات مفصلة عن الدين العام للعائلات في سنة 2015 والذي وصل الى 475 مليارد شيكل وهو رقم غير مسبوق ويمثل ارتفاع بنسبة 6.7 عن سنة 2014. ثلثي الدين مكون من قروض سكنية والبقية هي قروض لكل هدف موزعة بين البنوك وبين شركات بطاقات الاعتماد. الملف للنظر هو ان الدين العام للعائلات يرتفع بشكل طردي من سنة لاخرى ولا يوازي الارتفاع في الانتاج الاجمالي العام او الارتفاع في معدل الاجور, مثلا من سنة 2008 حتى 2015 ارتفع الدين العام ب 65% وبالمقابل ارتفع الناتج الاجمالي ب 48% ومعدل الاجور ارتفع ب 18% فقط.

جميع ما ذكرت هي معطيات عامة وتم نشرها في الصحافة المختصة ولهذه المعطيات تأثير مباشر على حياتنا وفي الغالب الحديث عن تأثير سلبي لأن كثرة استهلاك القروض تعني الاقبال على شراء السلع وبالتالي ارتفاع سعرها ومؤخرا كثر الحديث عن المشاكل المتوقع حدوثها بسبب الدين العام خاصة مع الحديث عن الارتقاع المبالغ فيه في اسعار الشقق السكنية.

هنا يأتي السؤال هل فعلا نحن بحاجة لاستهلاك هذا الكم من القروض البنكية؟ صحيح ان المعطيات هي معطيات عامة عن المجتمع الاسرائيلي لكني سأخص تساؤلاتي بالمجتمع العربي الذي يّعّرف اكثر من نصفه على انهم يعيشون تحت خط الفقر, هل من المُبرر الانفاق على السفر 20 الف شاقل (معدل للعائلة) خلال فترة الاعياد الماضية؟ هل من المُبرر انفاق مئات الاف الشواقل بحجة "فرحة العمر"؟ هل يوجد تبرير لشراء هاتف ذكي ثمنه 5 الاف شاقل لطالب في المرحلة الابتدائية؟ هل يوجد تبرير لتجديد السيارة كل سنتين؟

التساؤلات كثيرة ويبدو ان الجواب المباشر دائما هو سهولة الحصول على القروض والجواب غير المباشر والذي يتحدث عنه الكثيرون ولا يعمل على تغييره سوى القليلين وهو عادات استهلاكية سيئة معظمها مُتأثر بالعادات والتقاليد وبالصورة المجتمعية التي نريد ان يرانا الاخرون عليها.
لا يوجد حل سحري لمشكلة القروض خاصة وان عدد لا بأس به من العائلات اضحت القروض منفذه الاخير للاستمرارية وهو أمر خطير جدا يستدعي التوقف والبحث عن حلول جذرية قد تختلف من عائلة لاخرى.

نصيحتي اليكم في النهاية: قبل التوجه للبنك للحصول على قرض اسألوا انفسكم هل نحن فعلا بحاجة للمبلغ المطلوب؟ هل يلبي حاجة اساسية او استثمارية ام ان استعمال مبلغ القرض هو لامر غير ضروري ويعتبر من الكماليات؟ وفي حال قررتم انكم بحاجة للمبلغ, هل لائمتهم الدفعة الشهرية بحيث تستطيعون سدادها بدون مشاكل؟

المهندسة مروة عبد المجيد الزعبي
مستشارة اقتصادية للعائلات والاعمال.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com