حاولت المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) إيرينا بوكوفا التخفيف من وطأة قرار المنظمة بشأن المسجد الأقصى وعدم وجود ارتباط لليهود به على الاحتلال الإسرائيلي الذي استشاط غضباً، وأطلق تهديدات بتعليق تعاونه مع المنظمة.

وقالت بوكوفا في بيان لها إن "التراث في مدينة القدس غير قابل للتجزئة، وتتمتّع كل من الديانات الثلاث في القدس بالحق بالاعتراف بتاريخها وعلاقتها مع المدينة"، على حد زعمها.

وادعت أن "أي محاولة لإنكار وإخفاء وطمس أيّ من التقاليد اليهوديّة أو المسيحيّة أو الإسلاميّة تعرّض الموقع للخطر ما يتعارض مع الأسباب التي دفعت إلى إدراجه في قائمة التراث العالمي".

وقالت زاعمة: "ففي هذه البقعة التي تحتضن التنوّع الروحي للديانات الثلاث، تمارس الشعوب المختلفة شعائرها الدينيّة في الأماكن نفسها، ولكن تحت مسميات مختلفة. وبالتالي فإنّه لا بدّ من الاعتراف بهذه المسميات واستخدامها واحترامها. وإنّ المسجد الأقصى/الحرم الشريف مكان مقدّس للمسلمين تماماً كما أنّ جبل الهيكل ومنه الحائط الغربي هو المكان الأكثر قدسيّة في الديانة اليهوديّة، والذي يقع على بعد بضع خطوات من كنيسة القيامة وجبل الزيتون، الأماكن المقدّسة للمسيحيّين"، على حد قولها.

وتأتي تصريحات المسؤولة الأممية بعد غضب رسمي إسرائيلي، بحيث ردّت تل أبيب بلهجة شديدة على قرار المنظمة بنفي وجود رابط تاريخي بين اليهود والمسجد الأقصى وحائط البراق، وقرّرت وقف التعاون معها، إلى جانب شروعها في تحركات دولية لمحاصرة القرار ومحاولة إلغائه.

وأقرت الهيئة الإدارية لليونيسكو الخميس مشروع قرار فلسطيني يؤكد أن "المسجد الأقصى المبارك هو من المقدسات الإسلامية الخالصة، ولا علاقة لليهود به".

ويظهر القرار الأسماء العربية الإسلامية للمسجد الأقصى، والحرم الشريف، وساحة البراق، التي سعى الاحتلال الإسرائيلي، بشكل مستمر، لتزوير هويتها الإسلامية، بإطلاق مسمى "حائط المبكى" عليها.

خرجت عن صلاحياتها

في ذات السياق، رفض وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي تصريحات المديرة العامة لليونيسكو ضد القرار الذي اعتمده المجلس التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، مشيرًا إلى أنها خرجت عن حدود صلاحياتها.

وقال المالكي في بيان صحفي صادر عن الوزارة اليوم السبت، "إننا نرفض هذا الموقف غير المسبوق والذي يشكل إهانة لإرادة الدول الأعضاء التي عبرت عن مواقفها السيادية وصوتت بالإيجاب لاعتماد القرار بنجاح".

وأضاف "إنه من غير المقبول أن تقوم السيدة بوكوفا بإطلاق التصريحات التي من شأنها تقويض عمل وصلاحيات المجلس التنفيذي لليونسكو."

وأكد المالكي أن بوكوفا تجاهلت نص القرار الفلسطيني الذي تم اعتماده، والذي عكس الممارسات الإسرائيلية غير الشرعية في مدينة القدس الشرقية المحتلة، بما فيها انتهاكات حقوق الشعب الفلسطيني، بمسيحيه ومسلميه، للوصول إلى أماكن العبادة والأماكن المقدسة، واختارت التماهي مع حملة العلاقات العامة الإسرائيلية التضليلية لاسترضاء سلطة الاحتلال، وتحدثت ضد القرار الذي شدد على أهمية القدس ومكانتها للديانات السماوية الثلاث.

وأشار إلى أنه من الجدير بالمديرة العامة لليونيسكو العمل على تنفيذ ولاية المنظمة في حماية والحفاظ على التراث والإرث الثقافي، كالمدينة القديمة للقدس، من الاعتداءات المتكررة التي تعاني منها المدينة المقدسة منذ عقود، بدلا من العمل على خدمة الأجندة الإسرائيلية في حرف النقاش بشكل مقصود نحو قضايا لا علاقة لها بمضمون وأهداف القرار الذي تم اعتماده.

وقال المالكي: "على بوكوفا تركيز جهودها على تنفيذ إرادة الدول الأعضاء، والحفاظ على مدينة القدس من الاستعمار الممنهج لسلطات الاحتلال واعتداءاتها على مكانة المدينة المقدسة، والحقوق الأساسية للمواطنين الفلسطينيين".

وشدد على "أننا نتوقع من السيدة بوكوفا وتماشيا مع ولايتها في المستقبل أن تعبر عن السياسات الاستعمارية المستمرة لإسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، في أرض دولة فلسطين، التي تنتهك وتستهدف بشكل ممنهج أماكننا التراثية، والثقافية، والدينية العريقة، حيث تقوم سلطات الاحتلال بتقويض التسامح والتعايش في مدينة القدس".

وأضاف "نتوقع من المديرة العامة أن تعبر عن سخطها من استمرار إسرائيل باستفزاز المشاعر الدينية للفلسطينيين من خلال سماحها للمسؤولين ورجال الدين الإسرائيليين اقتحام الحرم الشريف، وهم الذين يدعون إلى تدميره."

وأكد المالكي "أننا سندافع عن شعبنا الفلسطيني باستخدام الأدوات القانونية والدبلوماسية كافة، بما فيها من خلال المؤسسات المتعددة الأطراف، ولن ترهبنا البلطجة الإعلامية لتحوير الانتباه عن انتهاكات إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، وعدم احترامها للقانون الدولي".

وقال:" إن عزمنا لا يتزعزع في حماية وصون تراث فلسطين، باعتبارها معقلا للتسامح والتعايش"، وأثنى على الدعم المبدئي للدول التي تقف في وجه حملات التشويه، وتلك الدول التي تقف شامخة في الدفاع عن القانون الدولي والحقوق المصانة فيه.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com