بعد أقل من شهرين من اليوم ( في 8.11.2016) تجري انتخابات الرئاسة الأمريكية، التي يتنافس فيها مرشحان مركزيان، عن الحزب الديمقراطي ( هيلاري كلينتون) والحزب الجمهوري ( دونالد ترامب)، بالإضافة إلى المرشح المستقل، غاري جونسون، ومرشحة أنصار البيئة- " الخُضر"- جيل ستاين.

ووفقًا لاستطلاعات الرأي تبدو المنافسة بين المرشحة الديمقراطية والمرشح الجمهوري سِجالاً، يطغى عليها غالبًا تفوّق المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، التي ترجّح معظم الاستطلاعات القطرية البعيدة المدى فوزها على ترامب، لكن المدة المتبقية ليوم الانتخابات نفسه، قد تحمل مفاجآت تصب في صالح ترامب إذا ما أحسن استغلال حالتها الصحية وقضايا أخرى كتلك المتعلقة بأسلوب استخدامها للبريد الإلكتروني وبالصندوق المالي ( الخيري) التابع لها ولزوجها الرئيس الأسبق بيل كلينتون.

وفي هذه الأثناء، وفي ظل الأزمات والكبوات التي تعصف بالحملة الانتخابية للمرشحة كلينتون- فإن المرشح الجمهوري " ترامب"، لا يبدو قادرًا على ضبط لسانه وإطلاق تصريحاته الصدامية المثيرة لغضب شرائح واسعة من المواطنين الأمريكيين، مثل السود وذوي الأصول الاسبانية والنساء وغيرهم، الأمر الذي جعل أوساطًا متنفذة في الحزب الجمهوري نفسه تتحفظ، وحتى تتبرأ من مرشحها المنفلت اللسان والعقال.

ممثلا المرشحين الأساسيين في جولة في إسرائيل

وفي هذا الإطار نظمت السفارة الأمريكية في إسرائيل، جولة في البلاد لممثلين ( اثنين) عن الحزبين الأكبرين، يقومان خلالها بإجراء لقاءات مع وسائل الإعلام وأكاديميين وطلاب وفئات وأطر أخرى ذات صلة، لتقديم شرح عن الحملة الانتخابية الجارية وعن طبيعة انتخابات الرئاسة، وعن مرشحي حزبيهما. ويمثل الحزب الديمقراطي في هذه الجولة " جي فوتليك"، وهو مستشار سابق للرئيس الأمريكي بيل كلينتون، ومسؤول التواصل بين البيت الأبيض والجالية اليهودية في أمريكا. ويمثل الحزب الجمهوري- " نوعم نوسنيك"، وهو مستشار استراتيجي خدم في إدارة الرئيس جورج بوش الابن.

وشملت جولة الممثلين المذكورين مدينة الناصرة، حيث أجريا عدة لقاءات مع مجموعات من طلاب المدارس الثانوية، وعدد من الصحافيين، وقبل ذلك استضافهما موقع " بُـكرا" في مكاتبه في مقابلة مشتركة مطوّلة، أجابا خلالها على أسئلة تهمّ بالأساس المواطنين العرب.

الممثل الجمهوري يتحفظ من بعض تصريحات ترامب

وردًا على سؤال حول ما إذا كانت لدى الضيفين معطيات حول أعداد المواطنين العرب الفلسطينيين داخل إسرائيل وفي المناطق المحتلة، ممّن يحملون الجنسية الأمريكية ويحق لهم المشاركة بالانتخابات الرئاسية- أجاب الممثل الديمقراطي فوتليك بالنفي، لكنه أضاف أنه يعتقد بأن العدد " ليس بقليل"، وقبل ذلك أشار إلى أنه وزميله الممثل الجمهوري لا يعبران عن رأي السفارة الأمريكية في الانتخابات ولا عن آراء المرشحين " بل نقدم انطباعاتنا عما يجري من منافسة، بالنظر إلى اهتمام مختلف الشرائح والفئات في إسرائيل بالانتخابات ونتائجها وانعكاساتها على البلاد والمنطقة"- كما قال.

وتجدر الإشارة إلى أن الممثل الجمهوري، بوعز نوسنر، كان واحدًا من قادة الحملة الانتخابية الخاصة بجيب بوش ( شقيق الرئيس السابق جورج بوش)، عندما تنافس على الترشح في إطار الحزب الجمهوري، وخسر، كغيره، لصالح ترامب. وخلال المقابلة مع " بُـكرا" أدلى ( نوسنر) بتصريحات تعكس خيبة أمله من ترشيح ترامب، متوقعًا فوز هيلاري كلينتون. ووصف بعض تصريحات دونالد ترامب بأنها محيّرة ومتناقضة " ولذا فمن الصعب التنبؤ بصدقها وحقيقتها، ومن الصعب التعاطي معها بحدية" وبرأيي أنه ينبغي الحفاظ على الدور القيادي والريادي للولايات المتحدة كدولة قوية ومهمة من أجل ضمان الاستقرار والازدهار في العالم عمومًا، وفي الشرق الأوسط خصوصًا، لأنها إذا خرجت من هذا الإطار، فهنالك آخرون سميلأون الفراغ، وأنا لست واثقًا من أن ترامب معنيّ بالمحافظة على هذا الدور الأمريكي، أو أن لديه القدرة على ضمان هذا الأمر"- على حد تعبيره!

" ترامب معجب بسطوة بوتين"!

وذهب نوسنر إلى أبعد من ذلك، حيث أعرب عن خشيته من أن تؤدي تصريحات ومواقف ترامب في السياسة الخارجية، إلى سوء فهم وإلى تفسير خاطئ للموقف الأمريكي القادم من السعودية ودول الخليج وبوتين والدور الروسي " إلى درجة أن الناخب الأمريكي أصبح عديم الثقة بالأنظمة العربية جميعها، بينما إذا قرر الرئيس سحب الجنود الأمريكيين من المنطقة، فعندها ستقع كارثة"- على حد تعبيره، آخذًا على ترامب اعجابه بأسلوب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين " في التنكيل بجيرانه، وفي اجتياحه لأراضيهم، وفي السطوة والقسوة في نظام الحكم"- حسب توصيفه.

ورأى في هذا السياق أن " السياسة الخارجية للمرشحة كلينتون هي أقرب للجمهوريين، بينما ترامب يبدو يساريًا متطرفًا من حيث ملكة القيادة العسكرية- مقارنة بالديمقراطيين"!

وفيما قال الممثل الجمهوري، نوسنر، أن دونالد ترامب يعتمد في حملته الانتخابية على خيبة أمل الأمريكيين من السياسات والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لبلادهم بسبب أداء الإدارة الحالية، وسابقاتها، وتدهور المكانية العالمية للولايات المتحدة، ويعتمد كذلك على رغبة الشعب الأمريكي برئيس " يطرح حلولاً بسيطة لمشاكل معقدة، ويتبع نهجًا صادقًا مستقلاً ومنتميًا إلى عامة الناس"- فقد وصف الممثل الديمقراطي، جي فوتليك، أسلوب المرشح ترامب بأنه عدائي وهجومي وفظ، يثير الفرقة والشقاق والانقسام، ويستعدي فئة على فئة أخرى، ولا يطرح حلولاً ناجعة، بالإضافة إلى كونه عديم الخبرة والتجربة ولا يستند إلى ركيزة حزبية راسخة- على حد تقديره، مضيفًا أن المرشحة كلينتون " أثبتت أنها خادمة مخلصة لمصالح وقضايا ووحدة أمريكا والأمريكيين"- كما قال.

الجمهوريون والديمقراطيون يرغبون في بقاء إسرائيل " قوية"!

وفيما يتعلق بتعاطي المرشحة كلينتون مع حالتها الصحية، قال فوتليك أن هذا الأمر لن يؤثر على احتمالات فوزها بالرئاسة " لكن كان من واجبها أن تصغي لنصائح أطبائها"- كما قال.

وردًا على سؤال حول كون 80%- 90% من اليهود الأمريكيين مؤيدين تقليديين للحزب الديمقراطي، بينما يحظى الجمهوريون بتأييد واسع نسبيًا لدى اليهود الإسرائيليين- قال فوتليك أن ليهود أمريكا سلم أوليات يختلف عن الإسرائيليين " فاليهود الأمريكيون هم على الغالب لبراليون منفتحون ومتنورون، ومعظمهم مثقفون من سكان المدن، ويميلون إلى الديمقراطيين لكون غالبيتهم علمانيين غير متدينين يناصرون العدالة الاجتماعية- بينما اليهود المتدينون والغيورون على ثبات العلاقات الإسرائيلية الأمريكية يميلون إلى الجمهوريين، بالإضافة إلى اعجاب اليهود الإسرائيليين بالأسلوب المباشر والصريح والواثق لخطاب ترامب"- على حد توصيفه.

واستبعد فوتليك أن يصب التوقيع ( مؤخرًا) على اتفاقية العون العسكري الأمريكي لإسرائيل- في صالح الديمقراطيين " فهذا العون يحظى بإجماع الحزبين من أجل بقاء إسرائيل دولة قوية وحليفًا يُعتمد عليه"- كما قال.

وفي سياق ذي صلة، قال الممثل الجمهوري نوسنر، أنه لا ينظر بجدية إلى تصريحات ترامب بشأن لزوم تسديد إسرائيل لالتزاماتها ( المالية) مقابل الدعم العسكري والاقتصادي الأمريكي لها، وبشأن الوعد بنقل السفارة الأمريكية ( من تل أبيب) إلى القدس- ووصف هذه التصريحات، ومثيلاتها، من ترامب ومرشحين سابقين عن الحزبين، بأنها " وعود فارغة".

" السياسة الخارجية في أسفل سلم اهتمامات الأمريكيين"!

ووجه محاور الضيفين سؤالاً إلى الممثل الديمقراطي " جي فوتليك"، حول ما إذا كان لدى هيلاري كلينتون، كرئيسة محتملة للولايات المتحدة- أسلوب مختلف جديد لتحقيق التسوية بين فلسطين وإسرائيل، فأجاب بأن الرئيس بيل كلينتون بذل جهدًا استثنائيًا في هذا الإطار " وحقق إنجازات"، بينما لم يظهر خليفته الرئيس بوش الابن اهتمامًا مماثلاً في البداية " لكن أحداث الحادي عشر من سبتمبر أجبرته على العودة للاهتمام بالشرق الأوسط، إلى درجة أن التاريخ والمهتمين بالسياسة سيذكرون له هذا الموروث تحديدًا"- على حد تعبيره، لافتًا إلى أن قضايا المنطقة ليست غريبة عن المرشحة كلينتون، وهي على معرفة وصلة باللاعبين الأساسيين، ولها خبرة وتجربة ومستشارون واسعو الاطلاع في هذا المضمار.

وردًا على سؤال حول ما إذا كانت الرئيسة المحتملة هيلاري كلينتون ستواصل اتباع نفس السياسة الأمريكية تجاه الأزمة السورية، قال فوتليك أن الإجابة على هذا السؤال " صعبة، لأن الأوضاع في سوريا تتغير بسرعة، والمنتصر في هذه الحرب يتوجب عليه أن يجري تقييمًا حكيمًا للأوضاع على الأرض، وأن يستشير حلفاءه، مع لزوم الاهتمام بالقضايا الإنسانية" – على حد اعتقاده، لافتًا إلى أن آخر ما يهم الناخب الأمريكي هو السياسة الخارجية لبلاده، مفضلاً أوضاعه الاقتصادية وضمان الصحة وفرص العمل ورسوم التعليم وأسعار العقارات، وهذا ما يحسم هوية الرئيس القادم، دون التقليل من شأن السياسة الخارجية، حسبما يشدّد فوتليك، مشيرًا إلى أن " الأمر الخطير في هذا المضمار يكمن في الرسائل المتناقضة التي وجهها المرشح الجمهوري ترامب بخصوص أصدقاء أمريكا، بينما تحظى هيلاري كلينتون بقدرات وتجارب وخبرات كفيلة بالحفاظ على دور ومكانة أمريكا دوليًا"- كما قال.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com