تحاول الفنانة السورية رندا مداح، توضيع تفاصيل المنحوت التي قامت بصناعتها في معرضها الذي أقيم في رام الله، وأملا في أن يعرف الجمهور أهمية هذا النوع من الفنون الذي تسعى لنشره في المجتمع تلك الفنانة الشابة القادمة من الجولان السوري المحتل.

وتسعى مداح من رام الله للوصول إلى العالمية من خلال أعمالها الفنية المختلفة، وتقول إنها ستواصل العمل في هذا المجال وتسعى للوصول إلى مزيد من المشاركات الدولية والعالمية في المجالات الفنية قريبا.

وولدت رندا مداح في مجدل شمس عام 1983، أنهت دورات في الرسم والحفر في مركز أدهم إسماعيل عام 2003، تخرجت من جامعة دمشق/ كلية الفنون الجميلة /قسم النحت عام 2005، كما أنهت دورة في الحفر في جامعة القدس عام 2007، وهي عضو مؤسس في مركز فاتح المدرس للفنون والثقافة في الجولان السوري المحتل.

وشاركت في العديد من المعارض الفردية والجماعية من بينها معرض فردي "من دون عنوان" في مركز فاتح المدرس للفنون والثقافة في الجولان 2006، معرض مشترك في صالة المدى دمشق 2006، معرض مشترك "من الجولان" رام الله ـ بيت لحم ـ بيرزيت 2007، معرض الفنانين الشباب المشاركين في مسابقة الفنان الشاب التي تنظمها مؤسسة عبد المحسن القطان 2008، معرض "بني التراب" صالة أم الفحم للفنون 2010، معرض مشترك في صالة M3 برلين 2011. مشاركة في معرض Errors allowed / ميلانو – إيطاليا 2013.

كائنات جحيمية تعكس صورة العنف المتصاعد في سورية

ومدّاح مسكونة منذ بداياتها الفنية بفهوم "الغروتيسك"، فمنذ مشروع تخرّجها من قسم النحت في "كلية الفنون الجميلة" في دمشق عام 2005، مروراً بالتجارب التي نفّذتها بعد عودتها إلى الأراضي المحتلّة كما في التجهيز الفني "بلا بشارة" الذي عُرض في القدس ضمن مشروع "أبواب الجنّة" عام 2010، أو في معرضها "نقلاً عن ما قالته زوجة أحد الشهداء"، الذي احتضنه "مركز خليل السكاكيني" الثقافي في رام الله عام 2012، وانتهاءً بمعرضها الفردي الأخير الذي حمل عنوان "رصاص على ورق" وعُرضت أعماله في غاليري "أوروبيا" في باريس العام الماضي، تلك الأعمال التي نلحظ تأثيرها الواضح على مجموعتها النحتية الجديدة "ربطة شعر".
على ذلك تعلّق مدّاح "معرضي الحالي هو تجسيد، عن طريق استخدام وسيط النحت هذه المرّة، لعوالم معرضي السابق "رصاص على ورق". الأعمال تعبّر بالعموم عن حالتي الشخصية الموزّعة بين عالمين تفصل بينهما مجموعة من الإشكاليات والتناقضات".

منحوتة "نعس" من أعمال المعرض الحالي

وتشكّل وعي مدّاح، على فكرة الحدود التي تفصلها عن وطنها الأم سورية. لم يكن بوسعها سوى مراقبة ما يحدث على الطرف الآخر من دون القدرة على التواجد الفيزيائي في المكان، رغم أنه مكانها بالأصل، ما جعل الوطن فكرة متخيّلة وقصيّة. حتى أثناء دراسة النحت لم يكن بإمكان مدّاح، كمعظم الطلاب القادمين من الجولان، أن تستوعب أن حالة الوطن هذه مؤقّتة وأنها ستعود بعد انتهاء الدراسة إلى تلك المساحة المعلّقة بين السماء والأرض.
واليوم، وبعد أكثر من ست سنوات على الثورة والحرب في سورية، تبدو صورة الوطن ضبابية وقاتمة. وأمام هذا العجز الذي أصابها، وأصاب السوريين عموماً، لم يعد أمامها الكثير من الاحتمالات، فهي اليوم تستعمل أدواتها كفنّانة لتحكي عن علاقتها مع هذا الواقع الفجّ.

ناقد فني بريطاني يتحدث عن رندا
"أعود إلى فلسطينَ وأتأمّلُ الأرض التي أمشي عليها: حشائشها، صخورها، الحفر، أشجارها المتدلّية، أحراشها، جذور أشجارها وبركها. وأفكّر في قرارةِ نفسي أنّها كلّها تشكّل شظايا، ليست من الأرض، بل من الوطن، وهذا ما تعكسه في الأشكالِ التي تخلقينها. أنتِ تخلقين الصّورَ الشخصيّة لهذه الجزيئات الأرضيّة من ذاتكِ، كأنّكِ تحملين حصى هضبة الجولان في يسراكِ وفي يمناكِ ترسمين أحشاءَها...". هذا المقطع من رسالة بعث بها الكاتب والناقد الفني الإنكليزي جون بيرغر إلى مدّاح، متحدّثاً فيها عن أعمالها الأخيرة.

بعد الموت بقليل
وتُعد تجربة رندا مدّاح من أبرز التجارب العربية في الجيل الجديد؛ ليس لأنها تملك حساسية وخصوصية في التعامل مع النحت وحسب، بل لأنها من القليلات اللواتي يعملن بوسائط متعدّدة ويتمكّن من أدواتها جميعاً. وللمفارقة، فهي قادرة على صناعة التراجيديا باللهو، وكأننا أمام مسرح للدمى، أو في ساحة قتال بعد أن غادرها الجنود، أو في قرية قُصفت للتوّ، أعمال تقتنص لحظة عبرت بعد الموت بقليل. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com