أثبت تحقيق حقوقي أجراه مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم" أن" قنّاصًا إسرائيليًا أطلق النار على الشاب محمد يوسف صابر أبو هشهش (19 عامًا) في مخيّم الفوار جنوب غرب الخليل، وأرداه قتيلًا رغم أنّه لم يشكّل خطرًا على أحد".

وجاء في التحقيق، أنه في السادس عشر من آب 2016 وفي حوالي السّاعة الخامسة مساء، أطلق قنّاص النار على الشاب أبو هشهش وأرداه قتيلًا، خلال اقتحام الجيش لمخيّم الفوّار، وأوضح أن اقتحام المخيم بدأ زهاء الساعة الثالثة فجرًا، عندما دخلت قوّات مكوّنة من ثلاث كتائب، وفق أقوال الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي، وكان الهدف "اعتقال مشتبهين، وإجراء عمليات تمشيط للعثور على أسلحة، وتوزيع استدعاءات للتحقيق".

اصابة 32 فلسطينيًا خلال الاقتحام

وأشار إلى أنه أصيب خلال الاقتحام نحو 32 فلسطينيًا، حيث أجرى جنود الاحتلال عمليات تفتيش في حوالي 150-200 منزل، واتّخذوا مواقع لهم على أسطح العشرات منها، وفي معظم المنازل التي دخلوها، احتجز الجنود جميع أفراد الأسرة الذين تواجدوا في المنزل داخل غرفة أو في جناح واحد من المنزل لبضع ساعات.

وقال "بتسليم": "بدأ سكان من المخيم برشق الجنود بالحجارة منذ ساعات الصباح الباكر. زهاء الساعة العاشرة صباحًا، اعتلى أبو هشهش وغيره من الشبّان سطحَ أحد المنازل في المخيّم، ومن هناك رشقوا بالحجارة جنودًا اتّخذوا مواقعهم على أسطح المنازل المجاورة؛ وخلال النهار، صعدوا ونزلوا عن السطح بشكل دوريّ".

وأضاف "زهاء الساعة الثانية عشرة ظهرًا، دخل نحو عشرة جنود إلى منزل باجس الحموز، واحتجز أفراد الأسرة في غرفة النوم، وأثناء مداهمتهم المنزل، رأى الحموز أنّهم اقتلعوا زجاج نوافذ المطبخ، وزهاء الساعة الثامنة مساء عندما غادروا المنزل، واكتشف أنّهم أحدثوا فتحة قطرها يقارب 20 سم في الجدار الشرقي لغرفة الصالون".

وأوضح أنه قبل الساعة الخامسة مساء بقليل نزل أبو هشهش عن السطح ودخل منزله، الواقع على بعد نحو 30-40 مترًا من منزل باجس الحموز، الذي تبيّن لاحقًا أن قنّاصًا تموقع داخله".

شهود عيان 

وقال حسن علي يوسف الحموز، وهو طالب ثانويّ من سكّان المخيّم، كان يقف مع مجموعة من الشبّان في الشارع المجاور لمنزل أسرة أبو هشهش "بينما كنت أقف في الشارع مع مجموعة من الشّبان، رأيت جزءًا من بندقية قناصة يطلّ من الفتحة، غيري من الشباب أيضًا رأوا ذلك وحذّر بعضُهم البعضَ ألاّ ينزلوا إلى الشارع، سمعت الشبّان الذين كانوا يختبئون وراء حائط منزل بيت صابر أبو هشهش يصيحون على محمد أن يغلق نوافذ المنزل. لم يحاول أيّ من الشبان قطع الشارع، خوفًا من هذا القناص".

وأضاف "رغم ذلك، وبعد فترة وجيزة من عودته إلى منزله، خرج أبو هشهش مرّة أخرى وتوجه نحو مجموعة الشبّان الذين اختبأوا في الزقاق من القنّاص، فور خروجه من باب المنزل جرى إطلاق النار عليه، وسقط".

وأوضح أن طواقم الإسعاف الأوليّ التي كانت في المخيّم نقلته إلى سيارة إسعاف كانت تنتظر على الشارع الرئيس، ومن هناك نُقل إلى المستشفى الحكوميّ (عالية) في الخليل، حيث أُعلِنت وفاته.

وحسب التحقيق، فإنه لدى إطلاق النار كان عيّاد الحموز، جار محمد، يقف عند مدخل منزله على بُعد بضعة أمتار من مجموعة الشبّان التي اختبأت من القنّاص.

ويصف عيّاد هذه اللحظات في إفادة أدلى بها لمحقق "بتسيلم" بتاريخ 16-8-2016: "في لحظة معيّنة، فُتح باب الجار صابر أبو هشهش، ورأيت محمد يخرج منه. خرج بسرعة، والتفّ مسرعًا للانضمام على ما يبدو لمجموعة الشبّان الذين وقفوا قريبًا منّي.

وأضاف "في اللحظة نفسها رأيت محمد يسقط على الأرض ووجهه إلى أسفل، سمعت صوتًا بدا لي كطلقة عبْرَ كاتم صوت، لذلك افترضت أنّه أصيب، ركضت نحوه، حاول أن ينهض لكنه سقط على الفور، حاولت إسعافه، إحياءه، حيث بدا لي أنه أصيب إصابة بالغة، لأنّه لم يعد يتحرّك ولا يتنفس".

وتابع "متطوعون من فريق الإسعافات الأولية الذين تواجدوا في المنطقة وضعوه على نقّالة وحملوه إلى الشارع الرئيسي، وبعد بضع دقائق عرفت أنه قد فارق الحياة".

وأردف الحموز قائلًا "لا أعرف ما الذي جعل القنّاص يطلق النار على الشابّ؛ عندما أصيب، وحتّى قبلها بعشر دقائق، كان المكان هادئًا. في الوقت الذي وقفتُ فيه عند مدخل منزلي لمْ أرَ أيا من الشبّان الذين وقفوا قريبًا منّي يلقي حجارة باتّجاه منزل باجس الحموز، حيث كان الجنود. لم يحاول أيٌّ منهم قطع الشارع بسبب القناص".

دون تعريض حياة الجنود للخطر 

وبين تحقيق "بتسيلم" أنّ أبو هشهش قُتل جرّاء إطلاق رصاص قطره 0.22 إنش (والمعروف باسم "توتو" أو "روجر")، وقت خروجه من منزله وحيث لم يعرّض حياة الجنود في المخيّم للخطر، هذا الرصاص هو رصاص حيّ، قوّته أقلّ من قوّة الرصاص الحيّ العادي لكنّه قد يكون مميتًا أو قد يسبّب إصابات بليغة".

وقال إن "قواعد فتح النار باستخدام رصاص (توتو) هي قواعد صارمة تقيّد استخدامه فقط في حال تهدّدَ الخطر حياة أحدهم -مثلها في ذلك مثل إطلاق الرصاص الحيّ.

و"لكن، في العامين الأخيرين يستخدم الجنود هذه الذخيرة كوسيلة لتفريق المظاهرات بشكل شبه روتيني، حتّى عندما لا يكون هناك خطر على حياة أحد منهم. نتيجة تطبيق هذه لسياسة، قُتل منذ آذار 2015 وحتى اليوم خمسة فلسطينيين وأصيب المئات".

وأضاف "مع استمرار هذا الحال، يبدو أن التعليمات المكتوبة تهدف في المقام الأول إلى إضفاء صبغة قانونيّة، وليس إلى منع إصابة من لا يهدّد حياة أحد، حتى عندما تُخترق هذه التعليمات وتؤدّي إلى نتائج فتّاكة، لا يتّخذ جهاز تطبيق القانون العسكريّ أيّ خطوات ضدّ المسؤولين عن إطلاق النّار غير القانونيّ.

وتابع و"بالتالي تتواصل هذه السياسة دون عائق، والمسؤولون عن ذلك هم من يشغلون مناصب القيادة والمناصب القضائية العليا، من حيث هُم يجيزون بأفعالهم هذا الواقع".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com