زعمت وسائل إعلام إسرائيلية مؤخرا، أن ثمة زيادة مطردة في أعداد المسلمين العرب في الداخل الفلسطيني، المتقدمين بطلبات الانضمام للشرطة الإسرائيلية.

وبحسب معطيات نشرتها صحيفة “يديعوت أحرونوت” أمس الاثنين، جاء فيها أن عدد السير الذاتية التي قدمها مسلمون للشرطة ارتفع عام 2016 بـ 290% مقابل نفس الفترة العام الماضي”.

وبحسب الصحيفة إنه “وصلت نسبة المسلمين في الشرطة الإسرائيلية، الى أقل من 2% عام 2015، حيث خدم في الشرطة 431 شرطيًا مسلمًا من أصل 28663 شرطيًا، ونسبتهم في الشرطة كانت أقل بـ 12 مرة من نسبتهم من عدد السكان. وحتى عام 2016، فإن اهتمام المسلمين للخدمة في الشرطة كان في انخفاض. إذ أنه من بين 15 ألف سيرة ذاتية تتلقاها الشرطة بالمعدل، فإنه عام 2013 فقط 803 من بينهم كانت لمسلمين. عام 2014 فقد 687 من بينهم كانوا لمسلمين وعام 2015 فإن عدد المسلمين الذي قدموا سيرة ذاتية بلغ 543. منذ شهر كانون الثاني وحتى آب من هذا العام، تم تقديم 1420 سيرة ذاتية من قبل مسلمين، حيث طرأ ارتفاع بأربعة أضعاف تقريبا مقارنة مع عدد الذين أرسلوا سيرة ذاتية من المسلمين العام الماضي”.

تشكيك بالمعطيات

ويشكك كثير من المتابعين بالأرقام التي تصدرها الشرطة، ويشيرون إلى أنها جزء من حملة مركزة في الداخل الفلسطيني، تهدف إلى تبييض وجه الشرطة وإظهار زيادة في أعداد المعنيين من الشبان العرب والمسلمين.

وقال الشيخ كمال خطيب، رئيس لجنة الحريات، في حديث إلى “كيوبرس”: “أن يكون هناك “استلحام” من قبل الشرطة والمؤسسة الإسرائيلية لاختراق صفوف أبناء شعبنا، فهذا بديهي، كذلك سعي هذه المؤسسة وأذرعها لتحسين صورتها، ولكن غير البديهي والمرفوض، هو ان يقع عدد من أبنائنا في هذا الفخ، والذين على ما يبدو لم يستكمل وعيهم بعد ليدركوا أن القضية ليست بدلة ونياشين وسلاح على “الخصر” ومعاش مغر، بل هي قضية هوية وانتماء ووطن، وهذه الهوية والانتماء والوطن تشوه وتمس قدسيتها، لأن الشرطة التي يراد الانخراط في صفوفها، هي التي تقتل شعبنا وتسفك دماءنا وتنتهك حرمة مقدساتنا وعلى رأسها أقصانا، كما انها تهدم بيوتنا وتذلنا في شوارع المدن اليهودية والأماكن العامة، باعتبارنا متهمين ومجرمين وأشرارا”.

وشكك الشيخ كمال بالأرقام والمعطيات التي توردها الشرطة ومزاعمها بارتفاع نسبة الشبان العرب والمسلمين في صفوف الشرطة، وقال: “هي محاولات للقول إن هناك حالة اندلاق واقبال، ولا أظن هناك مثل هذا الاقبال، فسواء كان من يقوم بهذه الحملة عربيا كما هو حاصل حاليا أو يهوديا، فهذا لا يغير من نهج الشرطة وموقفنا منها، ويجب أن لا تنطلي هذه الحملة والتوجهات على شبابنا وأبنائنا”.

وحول موقف المتابعة والقيادات العربية وإمكانية القيام بحملة مضادة، أشار الشيخ كمال إلى أن الحملة يجب أن تتوجه ضد الرؤساء المنخرطين مع الشرطة في هذا المشروع، مضيفا: “لقد بات الواحد منهم يفتخر أنه يعقد جلسات لفتح مقر للشرطة في بلده، ومثل هؤلاء أصبحوا جزءا من المشروع شاؤوا أم أبوا، حتى لو زعموا أنهم يقصدون صالح بلداتهم، ولكن الوقائع تؤكد أن وجود مقرات للشرطة في البلدات العربية لم يوفر لها الأمن والأمان ولم يقلل من انتشار الجريمة والعنف، لذلك اعتبر هؤلاء بحسن نية أو سوء نية قد تجندوا لخدمة هذه الحملة لاعتبارات ضيقة ربما مرتبطة باعتبارات سعيهم للنجاح في دورة انتخابية أخرى”.

ودعا رئيس لجنة الحريات إلى اتخاذ موقف عام تشارك فيه كل القوى السياسية، بهدف رفع مستوى الوعي العام والتحذير من خطورة هذه الحملة الشرطية، كي لا يقع أبناء شعبنا فريسة لهذه الأوهام.

وقال عضو الكنيست الدكتور يوسف جبارين في حديث إلى “كيوبرس”: “انا أشك في المعلومات التي تنشرها الشرطة بشكل انتقائي، وأرى ان هناك محاولة ترويج للتجند للشرطة من خلال بث جو عام يساعد الشرطة في تنفيذ مخططها. يبدو لي ان هنالك محاولة من جهاز الشرطة لاستغلال قضية العنف وتفاقمها في البلدات العربية من اجل الترويج للشرطة ودعوة الشباب للتجند لها، وهذا امر مرفوض كليًا بل ونستنكره”.
وأضاف: “لا توجد علاقة برأيي بين عدد افراد الشرطة في هذه البلدة او تلك وبين نسبة العنف في البلدة، بل ان الموضوع يرتبط بسياسات الشرطة تجاه المواطنين العرب، اذ ان الشرطة ترى بالمواطنين العرب كجزء من “الاعداء” على اساس انتمائهم القومي وبالتالي الشرطة شريكة في سياسات القمع والعنصرية ضد أهلنا وشبابنا”.

وتابع جبارين: “من المهم التأكيد اننا في القيادة السياسية لمجتمعنا أننا لا نثق بجهاز الشرطة الاسرائيلي وترى بهذا الجهاز كجزء من المشكلة وانه لن يكون جزءا من الحل. كما ونؤكد اننا نتهم الشرطة بالمسؤولية الاساسية عن تفاقم العنف في بلداتنا فهي المسؤولة عن فوضى السلاح وعن عدم ملاحقة مستعملي السلاح وتجاره وعدم تنفيذ القانون. كما ونحذّر الشرطة من استغلال العنف والأزمات الاجتماعية والاقتصادية في بلداتنا لاصطياد شبابنا، وندعو اهلنا الى اليقظة والحذر بهذا الشأن”.

دور المتابعة!!

من جانبه دعا المحامي محمد صبحي، نائب رئيس حزب الوفاء والإصلاح، رؤساء السلطات المحلية العربية إلى اتخاذ موقف واضح وحازم من الزيارات التي يقوم بها “الضابط جمال حكروش” إلى البلدات العربية بمرافقة مسؤولين من وزارة الأمن الداخلي، وطالب برفض هذه الزيارات التي تهدف إلى تبييض وجه الشرطة لدى أبناء الداخل الفلسطيني وتعمل بخبث على اقناع رؤساء السلطات المحلية بفتح بلدانهم لتجنيد الشبان العرب في الشرطة وإقامة مقرات للشرطة!!.

وأضاف في حديث إلى “كيوبرس”: “لقد وضع حكروش هدفا بعد ترقيته، يتمحور في رفع نسبة الشبان العرب المنضمين إلى الشرطة، فبدأ بزياراته التسويقية إلى العديد من البلدات العربية، ونحن في الحزب حذرنا ونحذر من هذه الزيارات، وقد وقفنا في اللجنة الشعبية بأم الفحم ضد زيارته ووزير الأمن الداخلي، ونجحنا في إقناع معظم اعضاء المجلس البلدي بعدم حضور اللقاء معه”.

يتابع: “على رؤساء السلطات المحلية اتخاذ مواقف واضحة في رفض مثل هذه الزيارات، فنحن نتهم الشرطة ولا نثق بكل تحركاتها في داخلنا الفلسطيني، لأنها تفكر بعقلية أمنية سياسية مخابراتية في كل ما يخص أبناء الداخل الفلسطيني”.

ولفت صبحي إلى وجود سياسة عامة في المؤسسة الإسرائيلية لاختراق الداخل الفلسطيني، وشرعنة التقارب مع أذرعها الأمنية والأحزاب الصهيونية وفي مقدمتها حزب “الليكود” مشيرا إلى أن “اعتذار” نتنياهو الأخير للعرب وزيارته مطلع العام الدراسي إلى بلدة عربية، يندرج في إطار هذه السياسة، التي يعتقد أنها نجحت إلى حد ما في طرح نقاش يتبناه عدد قليل من أبناء الداخل الفلسطيني، مفاده الدعوة إلى التقارب مع المؤسسات الحكومية والانخراط بها بزعم خدمة المواطن العربي”.

ودعا نائب رئيس حزب الوفاء والإصلاح، لجنة المتابعة والقيادات العربية، إلى بذل دور أكبر في مواجهة الهجمة السلطوية الإسرائيلية.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com