كيف يتم حساب التعويضات لمتضرر نتيجة اهمال طبي ادى الى فقدان اكثر من 50% من احتمال شفائه؟ هل يستحق كامل التعويضات على اضراره او انه فقط لقسم نسبي منها؟

ملف ليرون (اسم مستعار) الذي تناول هذه المسالة، وصل الى محكمة العدل العليا. ليرون، مواليد العام 1975، عانت من ورم سرطاني في الغدة الدرقية، وقد خضعت لعمليتين من اجل استئصال الورم في مستشفى "هيليل يافا".

كي يتم فهم تفاصيل الموضوع، نوضح بان الغدة الدرقية مسؤولة عن الاستقلاب في الجسم ( الايض او التمثيل الغذائي). شكل الغدة الدقية كالفراشة، وتتكون من فصين: ايمن وايسر. من الجهتين يوجد اربعة غدد صغيرة، اثنتان من كل جهة. هذه الغدد مسؤولة، ايضا، عن التوازن بمستوى الكالسيوم بالدم.

في العملية الجراحية الاولى التي اجرتها ليرون تمت بسبب شك بوجود ورم سرطاني بغدتها الدرقية. اثناء العملية تم استئصال الفص الايمن للغدة الدرقية، وبتقرير العملية لم يذكر أي شيء يخص تشخيص الغدد الاربعة واذا ما تم المحافظة عليهم. للفص الايمن الذي تم استئصاله اجري فحص الانسجة ووجد فيها ورم خبيث. ايضا نتج بالفحص ان احدى الغدد تم استئصالها سوية مع الفص الايمن.

عقب تشخيص الورم السرطاني، تقرر ان هنالك حاجة لاجراء عملية جراحية اضافية لاستئصال الفص الايسر للغدة الدرقية، وهكذا فان ليرون اجرت عملية جراحية ثانية، ايضا في مستشفى "هيليل يافا"، وفيه تم استئصال الفص الايسر. في تقرير العملية سجل بانه تم تشخيص غدتان، لانه وجد ان احدى الغدد وجدت قريبة من الغدة الدرقية مما استلزم فصلها بالقص(ديسكتسيا)، وان العملية الجراحية تمت مع المحافظة على الغدد. الا انه، بعد العملية الثانية طرا انخفاضا واضحا بمستوى الكالسيوم لدى ليرون وتم تشخيصها على انها تعاني من نقص كلس الدم (هيبوكلتسميا)، أي هبوط حاد بمستوى الكالسيوم في الدم، كنتيجة لحصول ضرر بالغدد الاربعة. وكنتيجة، ليرون اصبحت بحاجة لحقن ابرة كالسيوم واحيانا تعاني من حالات انقباض العضلات عقب انخفاض كمية الكالسيوم.

قدمت ليرون دعوى قضائية ضد المستشفى، بادعاء الاهمال الطبي من قبل الجراحين. ادعت ليرون بان الجراحين عرفوا انه بعد العملية الاولى، اصيبت اثنتان من بين اربعة غدد. ايضا، عرف الجراحون ان غدة ثالثة تضررت على ما يبدو خلال الجراحة الثانية، ولذا توجب عليهم زرعها بمكان اخر في الجسم (احتمالات النجاح لمثل هكذا زرع، جيدة جدا). الدعوى جرت في المحكمة المركزية في القدس، وهناك تقرر بانه بما ان الجراحين كانوا على علم بان الغدتين (من اربعة غدد) تضررتا الجراحة الاولى وهناك عدم يقين بالنسبة للغدة الثالثة، فان ليرون في الواقع كانت امام خطر محدق. لذلك، قررت المحكمة المركزية، بانه خلال الجراحة الثانية، كان لزاما على الجراحين ان يحاولوا منع الضرر الحرج بليرون، وذلك بواسطة اجراء بسيط بزرع الغدة المصابة بمكان اخر بالجسم . وبذلك تقرر اهمال الطاقم الطبي.

المحكمة المركزية اقرت، بالاعتماد على الشهادات التي اسمعت امامها، ان احتمالات نجاح عملية زرع الغدة، لو نفذت، هي 50%. وفق ذلك تقرر بان احتمالات تعافي ليرون كانت 50%، واستحقاق ليرون من التعويض فقط مقابل 50% من اضرارها.

قدمت ليرون استئتافا لمحكمة العدل العليا، وهناك تقرر بانه وفق الشهادات التي اسمعت في المحكمة المركزية، فان احتمالات نجاح عملية زرع الغدة كانت اعلى من 50% وليس 50% فقط. على ضوء ذلك تقرر، بانه عندما يثبت الضرر باحتمالات الشفاء بتراكم كمي بنسبة اعلى من 50%- فان المصاب يستحق تعويضا كاملا على اضراره وليس تعويضا نسبيا. على ضوء ذلك، اقرت تعويضا بقيمة 1,105,000 ش"ج لليرون. ان قرار محكمة العدل العليا من شانه ان يخفض من نطاق التحاكم في القضاء، في الملفات التي تقدر بها الاطراف ان المدعي يستطيع ان يثبت مركبات الدعوى بمستوى اعلى من 50%، بالصدفة، يفترض، بان مدعى عليه عقلاني يتجنب ادارة اجراء قضائي كامل. 

لمزيد من المعلومات والإستشارة يمكنكم التواصل مع كاتبة المقال المحامية درويت فيلو، المختصة في قضايا الإهمال الطبي، على صفحة موقعها: http://doritpilo.wixsite.com/dplaw او على هاتف رقم: 0542593561

لمقالات سابقة في مجال الإهمال الطبي للمحامية فيلو: 

مسؤولية المستشفى لنجاح أي عملية

الأهمال الطبي، ولادة طبيعية تنتهي بكارثة و- 9 مليون شيكل!

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com