أوقفت السلطات التركية في ساعات عصر اليوم، الأحد، مساعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للشؤون العسكرية، علي يازجي، بتهم المشاركة في الانقلاب.
بدوره، أعلن الجيش التركي في بيان خاص أنّ الشعب لعب الدور الأساسي في إفشال محاولة الانقلاب التي شهدتها البلاد الجمعة.
وأوضح البيان إنه جرى اعتقال 6000 شخص، حتى الآن فيما يتصل بمحاولة الانقلاب الفاشلة، ومن المتوقع اعتقال المزيد. فيما أوضح أنّ محاولة الإنقلاب الفاشلة أدت إلى مقتل 161 شخصًا من المدنيين و- 104 من مدبري الإنقلاب فيما جرح الآلاف.
وأمام هذه الأرقام المقلقة والوضع الأمني المتوتر في تركيا، أنقسم النشطاء في الـ 48 في قراءتهم وتشخيصهم للانقلاب في تركيا، حيث قام جزءٌ منهم بدعمه فيما قام جزءٌ آخر برفضه لدواعي تتعلق بدعم النهج والتطوّر الديمقراطيّ.
علينا أن نتعلم من ديمقراطية تركيا
وفي هذا السياق قال الصحافي انس غنايم لموقع "بكرا" حول قرائته لما جرى في تركيا: ما جرى في تركيا خطير جدا، ويُنظر اليه في عدة اتجاهات؛ الاتجاه الاول هو أن الجيش التركي ما زال مخترقا من قبل جهات معادية للادارة الحاكمة، وبالتالي فان اردوغان أدرك ضرورة وأهمية العمل من أجل تنظيف الجيش من الضباط والقيادات العسكرية التي تعمل مع الجهات الموازية كما يسمها اردوغان في اشارة الى خصمه الزعيم فتح الله غولان المقيم في الوليات المتحدة. الاتجاه الثاني هو أن محاولة الانقلاب ربما تكون رسالة واضحة للحكومة التركية من جهات معادية لها سواء كانت من الجيش او من انصار غولان، بأنها ليست في منأى عن عودة الانقلابات التي شهدتها تركيا في السابق، وانا أقول ذلك بناء على ماهية المحاولة الانقلابية التي بدت غير مدروسة ومحكمة، حيث أن الجيش لم يكن بالشوارع والرئيس ورئيس الوزراء وقادة في الجيش كانوا طلقاء، بل أن اردوغان توجه الى الشعب من أجل الخروج للشارع، وهذا ما لا يحصل عادة مع كل محاولة انقلاب، ولنا في انقلاب مصر خير مثال.
وأضاف معددًا: الاتجاه الثالث وهو الأهم والأبرز في تلك العملية واللاعب الاساس فيها هو الشعب، الذي موحدا ومتماسكا على الرغم من اختلاف افكاره وتوجهاته، لكنه وقف صفا واحدا في وجه من يحاولون الانقلاب على الديمقراطية وخيار الشعوب، موقف الشعب أظهر بشكل قوي مدى الشعبية التي تتمتع بها ادارة اردوغان، ورأينا ذلك واضحا بعد النداء الذي وجهه اردوغان للشعب بالنزول للشوارع والميادين، الى جانب وحدة الشعب كانت هناك وحدة قوية من الاحزاب السياسية وخاصة المعارضين، فمن كانوا بالامس اعداءً سياسيين لاردوغان، وقفوا الى جانبه وأكدوا وحدة الدولة التركية.
نجاح التجرية التركية
اما الصحافي عمر ابو صيام فقال في السياق لما حدث في تركيا: ما حدث في تركيا كشف النقاب عن الكثير من الوجوه والأقنعة، كان ذلك على الصعيدين الداخلي والخارجي، هذه الخطوة لم تكن مستهجنة أبدًا حتى وإن كانت مفاجئة. هذه الخطوة عرّت الحكومات العربية والأجنبية، التي ادانت محاولة الانقلاب لاحقًا بعدما تأكدت من فشله وعدم التعويل عليه. هذا الحدث أثبت أن التجربة الديموقراطية في تركيا قد نجحت وتغلغلت بالشعب التركي فعلًا، الذي لبّى نداء رئيسه الطيّب ونزل الى الشوارع ليحمي بلده وحريته.
وأضاف: ما أتوقعه من خطوات مستقبلية هو أن الدولة التركية لن تعود كما كانت أبدًا، تركيا قبل محاولة الانقلاب كانت تتبع سياسة معيّنة، صباح اليوم التالي من الانقلاب ستتبع سياسة مختلفة ومفصلية تمامًا، هي مسألة وقت، أيامًا معدودات، لنستمع الى تصريحات وقرارات دستورية جديدة ستطلقها المؤسسة الحاكمة.
وقال: بظنّي أن تجربة الانقلاب في "جانبها المشرق" مهمة وحيوية من أجل الاستقرار في الشارع التركي، رصيد الحكومة برئاسة التنمية والعدالة قد ازداد لدى الشعب، وظهر للعالم أجمع ولمن هم في عداء مستمر مع تركيا وسياستها أن العودة الى الوراء باتت مستحيلة. خطوة انسحاب غالبية الجنود قبل اراقة دماء الشعب لم يأتي من عبث، هؤلاء تشرّبوا أيضًا روح الانتماء حتى وان لم يكن بما فيه الكفاية لعدم خيانة وطنهم، لكن المبادئ انتصرت في النهاية وانحازوا الى الشرعية.
وأضاف: وأخيرًا، أثبتت ليلة اول امس قوّة وتماسك جهاز المخابرات التركي بقيادة هاكان فيدان، حينما استطاع ادارة الأزمة وتدارك الموقف مبكرًا، ونزع فتيل انهيار الدولة التركية وتصرّف بحكمة وحنكة وذكاء، بعد أن كان جهاز المخابرات التركي مترهلًا في سنواتٍ قد خلت. ولهذا تداعياته الخاصة والمستقبلية على مصير الأمة التركية.
الحرب الإعلامية
بدورها قالت الناشطة يقين غرابة عن قرائتها للإنقلاب الفاشل في تركيا: لم يكن الحدث سهلا ابدا، كان للحرب الاعلامية التي بثها الجيش بالاستيلاء على القنوات ونشر بيان السيطرة على البلاد مقلقًا، هذا يؤكد مبدأ التأثير الاعلامي على الرأي العام. انقلاب عسكري احبطته مكالمة سكايب امر يجب برأيي ان يثير التساؤلات ويوجه الانظار اكثر نحو كيفية تواصل القائد الحقيقي مع شعبه مؤيدين ومعارضين. الذي حدث كان غريبا وغير مألوف للمشاهد العربي الذي لم ير منذ السنوات الاخيرة الا مشاهد الدم والمحازر والاضطهادات التي يقوم بها العسكر ضد الشعب وهذه اكثر نقطة اثارت تفكيري، واخذتني للمقارنة بين الجنود الذين اطلقوا النار كالمطر على المعتصمين في ميدان رابعه في مصر وقتلوا الالاف في غضون ساعات وبين الجنود الاتراك (الانقلابيين) الذين القى المواطنون العزل القبض عليهم وهم مدججون بالسلاح ومع ذلك لم يرفعوا سلاحهم في وجههم ويقتلوهم بالجملة كما يحصل للاسف في العالم العربي كمصر وسوريا وليبيا وتونس مثلا.!
وأضافت: محاولة الانقلاب وفشلها هي درس عظيم لكل من يملك ذرة تفكير في المقارنة والتمييز حقا بين القائد الحقيقي الذي يكون لشعبه فيكونون حصنا داعما له في المحنْ، وبين النماذج الدكتاتورية التي تستغل نفوذ الجيش والسلطة لتشهر السلاح بوجه شعبها. ويمكن الاستنتاج وبقوة من هذا الحدث ان النهضة والوعي الكافي للخروج من المآزق والظلام الذي يقع به عالمنا العربي يقع اولا واخيرا على عاتق الشعوب واختياراتها التي ستحدد مستقبلها ومصير بلادها.
تحييد مسألة الأكراد وتخلي تركيا عن مشروعها القومي
اما المربي حسن امارة فقال معلقًا: يمكن القول ان ما حدث بتركيا زلزال ستتبين اثاره فقط بعد ان يهدأ ، ومحاولة الانقلاب هذه تعكس صراع داخلي بتركيا ومحاولة الجيش او قسم منه ان يعود الى التدخل بالسياسة كما عودتنا تركيا منذ تأسيس جمهوريتها على يد اتاتورك ، هي المحاولة الثانية زمن اردوغان ولا اعتقد انها ستكون الأخيرة الا اذا حدث تغيير جدي يمكن ان يلغي أسباب ومبررات قيام الانقلاب واهمها عمليا تحديد دور الجيش وفصله عن السياسة بشكل تام من خلال تعميق اكثر واكثر لقيم الديموقراطية -التي اعتقد ان الشعب بسببها وليقول انه صاحب القرار نزل للشارع وافشل الانقلاب ووقوف كل القوى السياسية المؤيدة والمعارضة للنظام وحتى الاكراد التي تشن ضدهم حرب ضروس بجنوب تركيا ضد الانقلاب .
وأضاف: ان تركيا الان امام خيار ترتيب وضعها الداخلي والاهتمام بتحسين الأوضاع الأمنية والاقتصادية على حساب أي امر اخر، والاولوية الان باعتقادي سوف تكون للحسم في قضايا الدستور ومسألة تحويل النظام من برلماني الى رئاسي وتحديد مكانة الجيش وتحييده عن السياسة وباعتقادي ان مسألة الاكراد سوف تطغى على اجندة النظام والتسريع في انهائها. مما يعني تحييد دور تركيا وتقليل من تدخلها بالشأن العراقي وبالشأن السوري تحديدا مما يضع المجموعات التابعة لها (مجموعة نور الدين زنكي، والحزب الإسلامي التروكمنستاني ، وجبهة النصرة وغيرها ممن يتلقى الدعم من تركيا ) في وضع غياب الراعي وانشغاله بنفسه وعدم قدرته على توفير الدعم اللوجستي والمعلومات الاستخباراتية وخاصة ان معركة حلب دخلت لمراحل حساسة جدا والكفة كما يبدوا تميل لصالح الجيش السوري .
وقال: ان تركيا بعد فشل الانقلاب لن تكون تركيا ما قبله، الان سوف تكون محاولات لأحزاب المعارضة التي وقفت جميعها ضد الانقلاب طلبات لمنع أي مس بهم او تقزيم دورهم وسيفتح نقاش جدي حول حدود حرية الرأي ودور الاعلام والصحافة وتعميق ثقافة التعددية وتقوية الاجماع على الديموقراطية والنظام الديموقراطي أكثر بتركيا. باعتقادي ان اهم ترددات محاولة الانقلاب الفاشلة ان النظام في تركيا سوف يجبر على الانشغال بالوضع الداخلي والتخلي عن أحلامه بالسيطرة والتغلغل والنفوذ خارج حدود الدولة التركية.
شبكات العالم الإجتماعي سهلت لنا فهم الأمور
اما الصحافي والناشط انس ابو دعابس فقال معقبًا لـ "بكرا" حول ما حدث في تركيا من وجهة نظره: من الواضح أنّ الناس صبّحت تلعب "البوكيمون" في تركيا والقصد ليس بالتطبيق، انما الأتراك بالشوارع بحثًا عن متمردين انقلابيين، وبشبكات التواصل عن مطبّلين لبساطير العسكر.
وأضاف ابو دعابس: من الواضح ايضًا أن مجتمعنا مُهتم بتركيا وشعبها فعلًا .. ليس فقط بـ فنادق ٥ نجوم وطلعات على اسطنبول .. إنما رغم حاجز اللغة واختلاف الثقافة، إلا أنه يفرح فعليًا لانتصار الحق التركي ويخاف على مصالحه ..
وقال: بعض المثقفين والنشطاء كانوا أحرار فعلًا، ورغم عدم راحتهم عادة لأردوغان وطريقه – إلا أنهم لم يختبئوا في "راحة الحياد"، خرجوا وهتفوا ضد حُكم العسكر ودعموا إرادة الشعوب .. وعلى هذا ازداد قدرهم.
وأضاف ابو دعابس: في إنقلاب تركيا الفاشل، شبكات التواصل ربطتنا فعليًا في شوارع أنقرة واسطنبول وعنتاب وانطاليا .. وهذا لا يُبقي لمن يعتمد مصدر إعلام واحد مُنحاز – أي حُجّة لعدم المعرفة أو التراجع عن مواقف متسارعة.
وقال: أصوات التكبيرات بالمساجد التي صدحت في تركيا كانت من قلة الظواهر القريبة منا .. أما مشاهد التعامل مع العساكر وكونهم جزء من المجتمع وانتفاض الناس إلى حماية بلدهم - من الصور التي لا نعرف شعورها ومن الصعب علينا التنبؤ بها بعقليتنا المحلية .. وهي من الدروس التي تزيدنا قوّة وتُنعشنا كشعب مستضعف ! برأيي هي من تأثيرات طرد الناس للدبابات بأيديهم ..!
bokra.editor@gmail.com
أضف تعليق