دخلت فرنسا مؤخرًا حيز الدول الأكثر استهدافًا من قبل الجماعات الإرهابية المتطرفة، ذلك في ظل تنامي نبرة التهديد التي يستخدمها تنظيم داعش الإرهابي على وجه الخصوص، بتنفيذ عمليات أكثر دموية، تجاه الدول الأوروبية.

وأضحت عروس أوروبا، مسرحًا للعديد من الأعمال الإرهابية، العاميين الماضيين، كان آخرهم حادث الدهس الذي وقع بمدينة نيس الفرنسية، مساء أمس الجمعة، وأسفر عن مقتل 84 مواطنًا وإصابة نحو 100 آخرين.

وتضامن نشطاء فلسطيني الـ 48 مع ألم ضحايا فرنسا مؤكدين أنّ "الإرهاب هو ارهاب ولا يوجد ما يضفي له أي شرعيّة"، إلا أنهم أوضحوا أنّ "الغرب هو من صنع التنظيمات الإرهابية كي تلتهم الأنظمة العربية والمنطقة بأكملها".

إلى ذلك، أكد عددٌ من النشطاء أنّ ما تشهده أوروبا الآن، وفرنسا على وجه الخصوص، ما هو إلا انقلاب للسحر على الساحر، لافتين إلى أن خلايا داعش النائمة في فرنسا، أصبحت تهاجم صانعيها، بعد أن انقلب عليهم الرئيس الفرنسي فرانسو هولاند.

استنكار بدون تأتأه

وفي تعقيبٍ له قال الناشط د. خالد عثمان: ما يحدث في العراق وسوريا ولبنان يحدث ايضًا في فرنسا، يجب التأكيد بلا تردد ان هذه التجارب الدامية تتعدى حدود التحليل والشرح والتبيان فهي اختراق تام للبعد الانساني داخلنا، وجب دائمًا علينا رفضه بقوة، استنكاره بصمد وعدم خلط المعايير عند نبذه... بدون الكثير من " لكن " او العديد من " حدث هذا بسبب " من يقتل كمًّا من البشر بهذه الطريقة تعدى مرحلة الرأي والعقيدة او الدين الى فقدان تام للضمير الانساني.

وأضاف: علينا بكل مكان محاربته سواء كان في سوق بغداد او حارات حلب، سواء كانت الدماء عربية ام اجنبية، هكذا بلا تاتأة !!

خلايا الإرهاب تعود لمنابعها

اما الناشط عيد عدوي فقال لـ "بكرا": جهاد في سبيل الله، هكذا يكون مسمى العمل الارهابي الذي وقع في مدينة نيس الفرنسية، ابتكار ارهابي جديد من تنظيم ارهابي غير جديد, ان تقتل اكثر من 80 شخص دهساً عبر شاحنة، ان تزهق ارواح اطفال، نساء، رجال ومسنين دون تفرقة، دون اي ذنب يذكر, فقط لان عقيدتك مسمومة بالارهاب " المتأسلم".

وأضاف عدوي: سائق الشاحنة تونسي عربي مسلم، اراد ان يجاهد في سبيل الله، فما علاقة زهق ارواح الابرياء؟ وما هذا الجهاد الذي يرتكز على قتل، ذبح، حرق، سبي، اغتصاب، وبالامس دهس ! أي كتاب سماوي ينص على القتل والارهاب؟

وقال عدوي: العمل الارهابي البشع في نيس لا يقل بشاعة عن تفجير الكرادة في العراق الذي اوقع نحو 300 شهيد, ولا يختلف عن تفجير برج البراجنة في لبنان الذي خلف عشرات الشهداء الابرياء. فيجب ان نشجب كافة الاعمال الارهابية. بالنهاية اللعنة على الارهاب، الرحمة لكل الضحايا، الصبر لذويهم, ويجب معاقبة كل دولة مولت او قدمت حدودها وخدماتها للخلايا الارهابية التي سافرت لسوريا والآن هي بمرحلة عوده لمنابعها.

لا نسمع إلا بالإرهاب الإسلامي

بدورها قالت الصحافية اكرام حجيرات لـ "بكرا": لا شك أن إستنكار المسلم لكل عملية إرهابية مُنفذها "مسلم" أصبح واجب "ديني" و"عرقي"، وإستنكاره يُعتبر تصريحٌ محلي ودولي لمحو إسمه من القائمة السوداء للإرهابيين المسلمين، والتي تشمل كل مسلم وكل عربي حتى يُثبت إستنكاره للعمليات الإرهابية المنفذة ضد غير المسلمين. ولا شك أيضاً، أن شتم وتحريض غير المسلمين على المسلمين عقب كل عملية إرهابية هو حق شرعي مُتفق عليه دولياً. فأصبحنا في عالم يُصنّف الإنسانية بحسب الإنتماء الديني للإنسان، نعتدي على من لا يتوافق معنا دينياً وفكرياً، نتجرد من قيمنا الإنسانية معه ونجرده من كل حقٍ إنساني.

وأضافت: لا شك أن مفهوم "الإرهاب" تغير وأصبح لا يُستعمل إلا إن كان ممارسه مسلم فأصبحنا لا نسمع إلا بالإرهاب الإسلامي، وما عدنا سمعنا بالإرهاب النصراني، الإرهاب اليهودي، الإرهاب البوذي وكأن العالم إتفق على تطهير ذنوبه إتجاه الإنسانيه التي نفذها عبر التاريخ, بإلصاق صفة "الإرهابي" بكل مسلم ومسلمة دون أي ذنب.

وقالت: في ليلتي الأخيرة، تابعت أخبار عملية الدهس في نيس الفرنسية، أول بأول، أخبار إرتفاع عدد الضحايا، عدد الجرحى والمصابين وكذلك الأخبار التي تناقلتها المواقع الإخبارية حول جنسية المنفذ، عمره، حالة الإجتماعية، النفسية وكل تفاصيله الدقيقة التي يرسمها لنا الإعلام المحلي, الغربي والسياسة الدولية، لوصف لنا مجرم مسلم آخر إرتكب الإرهاب بحق الإنسانية. وكأنه يُلوّم الشعب التونسي لإنجابه هذا المجرم، والإسلام لكونه ينتمي لدينه غير أن المنفذ مدمن مخدرات، مطلق زوجته، لديه مشاكل نفسية وله سوابق جنائية، ونتيجة عمليته راح ضحيتها مسلمين, مهجرين, فرنسيين أطفال, نساء ورجال! فأي إسلام تنسبوه له وأي إسلام يتبنى إجرام كهذا؟!

واوضحت: ولا شك أيضاً بأن هذه الأخبارٍ ما هي سوا طُعم إضافي للدواعش "أبناء الدولة الإرهابية" الذين يكفرون بالله وبالإسلام قبل الإنسانية, فبات داعش يتبنى كل عملية إرهابية تُرتكب في هذا الكون بحق الإنسان، لا يقف وراءها أحد، لفرض هيمنته الحقيرة على الإنسانية وليشوه صورة الإنسان والإسلام أكثر.

وخلصت إلى القول: عملية نيس التي نُفذت مؤخرًا هي إشارة أُخرى سبقتها مئات الإشارات في الآونة الأخيرة، تنادي كل إنسانٍ فينا لنبذ الظلم، الكره، الإستغلال والإستعباد من بيننا في العالم أجمع. فليس لشعب معيّن أحقيّة بالعيش عيشة هنيّة وشعب آخر لا، ليس لشعب أحقيّة لينعم بالإستقرار السياسي، الإقتصادي والإجتماعي، على حساب شعب آخر، فكلنا إنسان يطمح بعيشة هنيّة، وعالمنا بات يفتقر الإنسانية. فهذه العمليات الإرهابية لا دين لها ولا تفرق بين شعب وشعب, لذلك على كل إنسان تحمل المسؤولية عن كل هذه العمليات التي وصلت بنا الى أقصى درجات الحضيض, والعمل على إعادة إحياء الإنسانية فينا.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com