ارتفعت حصيلة القتلى في عموم تركيا في مواجهات محاولة الانقلاب التي وصفها الرئيس التركي بـ"الفاشلة"، وأفادت وكالة الأناضول بمقتل 90 شخصًا، وجرح 1154 آخرين.
فيما أعلنت الشرطة التركية مقتل 16 من مدبري الانقلاب، كما اعتقلت قوات الأمن التركية 1563 عسكرياً على ارتباط بهذه المحاولة الانقلابية.
كما وأقيل خمسة جنرالات و- 29 ضابطا برتبة كولونيل من مهامهم بأمر من وزير الداخلية افكان علي.
هذا وبحسب "رويترز"، أعلن الانقلابيون في بيان لهم مواصلتهم القتال، وطالبوا السكان بالبقاء في بيوتهم لتجنب الأخطار، فيما يعقد البرلمان التركي جلسة استثنائية بعد محاولة الانقلاب.
وأمام هذه الأرقام المقلقة والوضع الأمني المتوتر في تركيا، أنقسم النشطاء في الـ 48 في قراءتهم للانقلاب في تركيا، حيث قام جزءٌ منهم بدعمه فيما قام جزءٌ آخر برفضه لدواعي تتعلق بدعم النهج والتطوّر الديمقراطيّ.
فشل الانقلاب يعني زيادة قوة اردوغان
وفي هذا السياق قال المحامي والناشط السياسي أحمد خليفة لموقع "بكرا": هذا الانقلاب هو الانقلاب الخامس في تركيا منذ اعلانها جمهورية وبهذا السياق فهو ليس حدثا غريبا على الشعب التركي.
وأضاف: بغض النظر عن الرأي في سياسة الرئيس التركي رجب الطيب اردوغان إلا ان هذا الانقلاب مثل كل الانقلابات السابقة جاء لاعتقاد القائمين عليه ان هناك خطرا على الجمهورية، والخطر الذي يمثله اردوغان من ناحيتهم هو استغلال القوة السياسية التي يتمتع بها حاليا للسيطرة على مفاصل نظام الحكم في تركيا في المرحلة الحالية من جهة وتغيير نظام الحكم والدستور مستقبلا بما يتلائم مع توجهاته السياسية من جهة اخرى ! بكل الحالات سياسة تركيا الخارجية ليست هي المحرك الاساس لمحاولة الانقلاب وإن كانت قد عززت وساهمت في وجود مجموعات ترى فيها خطرا جلبه اردوغان على تركيا.
وقال: باعتقادي ان نجاح هذا الانقلاب، ان نجح، سيلقي بظلاله سريعا على السياسات التركية ولكنه ايضا سيزيد من القلاقل التي تعيشها المنطقة وفشله له اخطار ايضا منها ان العدالة والتنمية واردوغان سيخرجان اقوى واكثر جهوزية لاستكمال مشروعهم في تركيا.
اردوغان لاعب إعلامي متمرس
بدورها، قالت الناشطة منى عمري والمطلعة على الشأن التركي عن قرائتها لما حدث: دون أي علاقة لمدى تأثير ما حدث على الشرق الأوسط فأن الربح الصافي – إن صح التعبير- هو زيادة في قوة الرئيس التركي الحالي رجب الطيب اردوغان، فالمتابع للشأن التركي يعرف أنّ احزاب المعارضة جميعها أجمعت أمس على أنّ الخيار الوحيد المطروح هو الخيار الديمقراطيّ. التاريخ علم الأتراك على أنّ الانقلابات العسكرية سيئة لتركيا على عدة أصعدة، أقتصاديًا وسياسيًا وهذا ما حدث ي سنوات الـ 70 والـ 80.
وأضافت: إلى ذلك، كان هنالك شبه إجماع دوليّ على دعم اردوغان وبث التطمينات، سواءً من البيت الأبيض أو من رئيس المانيا أو من عدد آخر من الدول، ناهيك على أنّ الرئيس التركي قام مؤخرًا بتطبيع العلاقات مع روسيا مما يعني أن الجانب الروسيّ ايضًا يقف إلى صفه.
وقالت: انقلاب أمس اثبت أنّ إرادة الشعب في تركيا هي الأقوى، شاهدنا كيف خرجت الجماهير إلى الشارع وواجهت المصفحات والدبابات بعد أن توجه إليهم اردوغان بفعل ذلك. يمكن القول أنّ اردوغان لم يدعوهم إلى مواجهة مع الجيش لكن هذا ما فُهم من خطابه.
وأوضحت: اردوغان لاعب إعلامي متمرس، اختار التوجه إلى الجمهور من باب الديمقراطية، وعبر الـ Facetime وهذا ليس مؤشر ضعف كما أعتقد الكثيرون إنما مناورة لإستعطاف الشارع التركي الذي وجد أنّ رئيسه في "مأزق" وحان الآن دوره للرد، مما حشدهم بالنزول إلى الشارع.
مصر علمتنا سابقا رفض حكم العسكر
اما المحامي علاء علاء الدين فقال معقبًا على التطور في تركيا لـ "بكرا" من وجهة نظره: قبل الحديث عن تركيا لا بد العودة إلى الشأن المصري، فعلى ما نذكر جميعًا التحوّل الديمقراطيّ في مصر وصعود الأخوان المسلمين وشرعية الشعب تم إجهاضها بعد أن انقلب العسكر على الحكم وتم إقصاء الأخوان بعد 80 عامًا من المحاولات لصعود إلى الحكم، وبغض النظر إذا ما كنا نتفق أو نختلف معهم، إلا أنهم شكلوا صوت الشعب ووصلوا إلى الحكم بصورة شرعية ودون إراقة الدماء، الأمر الذي نرفضه وهذا الطابع في الانقلابات العسكرية.
وأضاف: عندما علا صوت الأخوان في القضايا الوطنية والقومية قامت الولايات المتحدة بالتدخل من خلال فرض قوتها على العسكر الذي بدوره أنقلب وتسلم الحكم بصورة غير شرعية.
وأكمل: في تركيا، نرفض الحل العسكري والإنقلاب، للشعب فرصة وإمكانية التغيير في صناديق الأقتراع، وعلى ما يبدو فأن نجاحات الرئيس التركي رجب الطيب اردوغان بدأ تقلق الكثير، منهم الولايات المتحدة الذي انتظر رئيسها مدة 5 ساعات للإدلاء ببيانه، ومنها اوروبا التي ترغب بإضعافه، وليس صدفة أن اردوغان يقوم بالتقارب مع روسيا ويطبع العلاقات مع إسرائيل في محاولة لخلق تحالف مواجهة لهذه الذي ممكن أن تضعفه، خاصةً وأنّ تركيا باتت جزءً من مخطط "كيري- لافروف".
وقال: اكثر ما هو مؤسف في الموضوع اننا نطالب في الديمقراطية وفي ذات الوقت ندعم الإنقلابات العسكرية، من دعم انقلاب الرئيس المصري سابقًا، عبد الفتاح السيسي، يدعم انقلاب احبط بمحادثة Face Time.
اردوغان خطر على شعبه
وفي تعقيبٍ له على ما حدث في تركيا قال الناشط امجد شبيطة، لـ "بكرا": أولا؛ كل نظام سياسي معرض لمحاولة الانقلاب العسكري عليه والقاعدة من ناحيتي هي معارضة هذه الانقلابات إلا إذا جاءت في ظروف استثنائية لحماية الشعوب من بطش الطغاة وهذه ليست هي الحال في تركيا التي تعيش حياة ديمقراطية منتظمة وبموجبها تم انتخاب أردوجان رئيسا شرعيا للبلاد. ثانيا؛ كان من اللافت دور الشعب التركي الحاسم بإحباط الانقلاب وإذا ما صحت الأنباء بأن قوى المعارضة المركزية أيضا عارضت الانقلاب فإن هذا درس نادر بالديمقراطية والمسؤولية السياسية ودليل على تأصل القيم الديمقراطية في البلاد بغض النظر عن الشعبية التي لا يحظى بها أردوجان.
واكمل معددًا: ثالثا؛ من الواضح أن الشعب التركي رفض الانقلاب دفاعا نفسه أولا، لا عن أردوغان ولتجنيب بلاده من السقوط في دوامات العنف التي تعاني منها دول الجوار، ومن هنا على أردوغان أن يعيد نظره بالسياسات الخارجية التي تعرض الشعب التركي لما يرفضه. رابعا؛ ما زلت على قناعة بأن أردوغان قائد خطر على شعبه والمنطقة كونه حليف لأمريكا واسرائيل وطرف في المخططات المعادية للمنطقة وشعوبها إلا أن الوحيد المخول بتخليص بلاده ومنطقتنا منه هو الشعب التركي ومن خلال الآليات الديمقراطية أو التحركات الثورية الحقيقية والعميقة.
وأختتم: خامسا وأخيرًا؛ وسائل التواصل الاجتماعي أدت دورا هاما له دلائل عدة، منها أن السيطرة على دور التلفزة والاذاعة في زمن التواصل غير المحدود هو كالمحاربة بآليات عسكرية بالية، وثانيا هو مدى التفاعل ما بين المواطنين العرب في البلاد هنا مع ما يحدث في تركيا بسبب مكانة هذه الدولة ودورها في المنطقة، وهنا علينا أن نتذكر دوما ألا نسمح بما يفرقنا بالتغلب على ما يجمعنا.
bokra.editor@gmail.com
أضف تعليق