نشر الشيخ الدكتور عكرمة صبري رئيس الهيئة الاسلامية العليا في القدس مفتي فلسطين سابقا فتوى شرعية حول جواز دفع الزكاة لطلاب العلم شرعا.

وفيما يلي نص الفتوى: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا وقدوتنا وقائدنا محمد النبي الأمي الأمين، وعلى آله الطاهرين المبجلين، وصحابته الغرّ الميامين المحجلين، ومن تبعهم وخطا دربهم واستن سنتهم واقتفى أثرهم ونهج نهجهم إلى يوم الدين، أما بعد.

فيقول الله سبحانه وتعالى: " إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ " سورة التوبة (براءة)-الآية 60.

1. إن ديننا الإسلامي العظيم يحث على العلم ويحض عليه فإن أو الآيات نزولاً في القرآن الكريم آيات التعليم وهي: " اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ . خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ . اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ . الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ . عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ "سورة العلق- الآيات من 1-5. فهذه الآيات الكريمة نزلت قبل الآيات التي تتضمن التوحيد والإيمان أو الآيات التي تتضمن التكاليف الشرعية العملية وذلك لبيان أهمية التعليم من حيث القراءة والكتابة والبحث العلمي كأمور أساسية في التعليم، فالعلم في الإسلام دعوة إلهية وفريضة شرعية يقرب به العبد إلى ربه لأنه الطريق إلى تنمية العقول والإرتقاء بالأمم.

2. من المعلوم أن الزكاة لا تجوز للغني كما لا تجوز للشخص القوي القادر على الكسب والعمل، والذي هو سليم الأعضاء لقول رسولنا الأكرم محمد –صلى الله عليه وسلم-: "لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي" أخرجه أبو داود والترمذي والدارمي عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو بن العاص –رضي الله عنهما- وفي لفظ (لِذي مرة قوي)، وأوضح عبد الله بن عمرو بن العاص هذا الحديث النبوي الشريف بقوله: "الصدقة لا تحل لقوي ولا لذي مرة سوي" .رواه أبو داود رقم 1634 ومشكاة المصابيح 1830 وأخرج الحديث أيضاً أحمد والنسائي وابن ماجه عن الصحابي الجليل أبي هريرة –رضي الله عنه-/ مشكاة المصابيح 1830. وفي حديث نبوي شريف آخر: روى الصحابي الجليل عبد الله بن عدي بن الخيار قائلاً: "أخبرني رجلاً أنهما أتيا النبي –صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع وهو يقسم الصدقة فسألا منها فرفع فينا البصر وخفضه فرآنا جلدين فقال: "إن شئتما أعطيكما، ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب" أخرجه أبو داود رقم 1633 كما أخرجه النسائي- مشكاة المصابيح رقم 1832. ومعنى كلمة (جلدين) أي قويين.

بناءً على ذلك فإن الزكاة تجوز للفقير والمسكين، كما أنها تجوز للشخص غير القادر على العمل لضعف في جسمه أو انه معاق حركياً أو عقلياً.

3. ورد في كتب الفقه والحضارة الإسلامية أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- قد أجرى الصدقات لمسن يهودي من بيت مال المسلمين، وكذلك الخليفة الراشدي السادس عمر بن عبد العزيز الأموي حيث أجرى الصدقات للمعوقين ولغير القادرين على العمل من بيت مال المسلمين أيضاً.
4. إذا كان الشخص قوياً وسليم الأعضاء ولا توجد له فرص عمل بسبب انتشار البطالة أو لأي سبب قاهر آخر حينئذ فإن الفقهاء أجازوا إعطاء الزكاة له لأنه يأخذ حكم الفقير أو المسكين أو يأخذ حكم العاجز عن العمل. وهذا ما أشار إليه الإمام النووي في كتابه "المجموع في الفقه الشافعي" الجزء 6- ص: 191 ما نصّه: "إذا لم يجد الكسوب من يستعمله حلت له الزكاة لأنه عاجز". والمراد بالكسوب: القادر على الكسب، ولكنه عاطل عن العمل بسبب البطالة.

5. على ضوء ما سبق فإنه يجوز شرعاً إعطاء الزكاة للشخص الذي يتفرغ لطلب العلم بمختلف التخصصات العلمية المشروعة وفي نفس الوقت لا يعمل حيث إن طالب العلم يأخذ حكم الفقير أو المسكين، كما يأخذ حكم العاجز عن العمل بغض النظر عن غنى والده أو فقره.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com