أعرب المحامي خالد زبارقة عن نيّته بسحب الالتماس الذي تقدم به مؤخرًا للمحكمة العليا الإسرائيلية، بخصوص منعه من دخول مدينة القدس، للمرة الثانية على التوالي، معتبرًا أن إدارة المحكمة لهذا الملف "يكتنفها الغموض وهذا بحد ذاته يلقي بظلال الشكوك حول القواعد التي تستعملها بهذا الملف".

وكان المحامي د. درغام سيف من طرف مؤسسة "قدسنا لحقوق الانسان" قد قدم التماسًا، الشهر الماضي، للمحكمة العليا الإسرائيلية، اعتراضًا على تجديد أمر منع المحامي خالد زبارقة من دخول مدينة القدس بقرار عسكري يستند إلى أنظمة الطوارئ المعمول بها منذ الاحتلال البريطاني لفلسطين عام 1945.

"صار لدينا شعور من خلال الحديث مع ممثل النيابة وسلوك المحكمة وتصرف المخابرات، أن الأمر غير مريح من تعامل الجهاز القضائي مع هذا الملف" يوضح زبارقة لكيوبرس عن دوافع سحب الالتماس. "بما أن المحامي قدّم التماسًا للمحكمة، كنا نتوقع بما أن الحديث يدور حول قضية محامي قدم التماسا للمحكمة العليا أن تتعامل بما يحفظ الحقوق القانونية الدستورية المتعارف عليها؛ لكننا لمسنا أن هناك نوعًا من العبث في هذه القضية، فقد اطلعت المحكمة من طرف واحد على المواد السرية، وتم إخراجنا من قاعة المحكمة؛ وهذه إحدى الاعتبارات التي دعتنا لإعادة النظر في الالتماس".

ومما زاد من مخاوف زبارقة وطاقم المحامين الذي قدّم الالتماس باسمه، من عدم التعامل السليم مع هذا الملف، أنه بعد تداول الملف بين النيابة العامة والنيابة العسكرية مع هيئة المحكمة، تم إخراج النيابة العامة والعسكرية وإدخال مندوب المخابرات من الشاباك لوحده لتداول الملف مع هيئة المحكمة. وبعد ذلك اصدرت المحكمة قرارًا مؤقتًا لم تمنح زبارقة وطاقم المحامين فرصة الاطلاع على ادعاءات المخابرات أو تفنيد ما تزعمه.

المخابرات العسكرية والمخابرات العامة ادعت ان زبارقة ينشط في عمل وتمويل المرابطين والمرابطات في المسجد الأقصى

"بالرغم من أن عملي هو قانوني بحت، إلا أن تبرير المحكمة في القرار المؤقت دليل على أنها تنوي التعامل مع هذه القضية تعاملًا خاطئًا؛ لذلك من باب أننا لا نريد منح فرصة للتعامل الخاطئ مع هذه القضية، فإننا نفكر جديًّا بسحب الطلب الذي تقدمنا به إلى المحكمة".

نموذج صارخ لخرق الإجراءات القانونية

وكان زبارقة قد عزا توجهه للمحكمة العليا إلى كثرة استعمال الأوامر العسكرية في طرد الناس من القدس والمسجد الأقصى. "وجدنا أن قضية طرد محامي من القدس بسبب عمله القانوني يمكن أن تكون نموذجًا صارخًا لخرق جميع الاجراءات القانونية المتبعة والحقوق المكفولة دستوريا، كما وجدنا أن هذه القضية يمكن أن تكون النموذج الأمثل للتوجه إلى المحكمة العليا، لعلنا نجد أذانًا صاغية تتعامل مع حقوق الانسان بشكلها الصحيح وتحافظ عليها".

ويوضح المحامي خالد زبارقة أن التوجه عادة للمحكمة العليا يأتي من أجل الحصول على العدالة والحقوق، والمتوقع من المحكمة العليا القيام بدورها المنوط بها بكبح جماح السلطة في ملاحقتها للأفراد. "لكن ما يحدث الآن أننا لا نرى ولا نلمس قيام محكمة العدل العليا بكبح جماح السلطة، وإنما أصبحت إحدى أدوات السلطة في كبح حريات الأفراد، ولذلك هذا بحد ذاته يتعارض بشكل جوهري مع الهدف الأساسي للمحكمة العليا، وزاد من قناعتنا بسحب الالتماس لأننا نشعر ان إدارة المحكمة للملف تتعارض مع القواعد القانونية المتبعة في هذه الأمور".

توظيف سياسي لخدمة أجندات احتلالية

إلا أنه رغم كل ذلك، يؤكد زبارقة عدم استسلامه لمثل هذه الإجراءات "المخابراتية العسكرية"، مبيّنًا أن طاقم المحامين تقدموا في العام الماضي بعد صدور قرار الإبعاد الأول بحقه، بشكوى إلى المقرر الخاص لانتهاكات حقوق الانسان في الأراضي المحتلة التابع لمجلس حقوق الانسان في جنيف، وشدّد على أهمية الاستمرار في متابعة هذه القضية على المستوى الدولي وفضحها وكشف النوايا الحقيقية والتوظيف السياسي للإجراءات القانونية لخدمة "الأجندات الاحتلالية".

وفي ختام حديثه يوضح زبارقة أن هذا الإجراء هو "شكلي ولا يمكن أن نعوّل على نزاهة المحكمة العليا بإنصافنا. نحن نعتقد أننا أصحاب حق وما نقوم به هو الشيء الطبيعي الذي يجب أن يقوم به كل انسان فلسطيني لخدمة القدس والمسجد الأقصى، وكل هذه الاجراءات جاءت من أجل تخويف كل النشطاء من العمل في هذا المجال. رغم كل ذلك فإننا نعلم أننا لا نخالف القانون، وسنمضي ونستمر في نشاطنا وخدمة أهل القدس والمسجد الاقصى حتى يأذن الله بالفرج القريب".

المصدر: كيوبرس

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com