لم تشعر الطفلة أميرة أبو كميل (12عامًا) وأشقاؤها الستة بعبق شهر رمضان المبارك؛ الذي كانوا يعايشونه بمشاركة والدتهم "نسرين" على مدار الأعوام السابقة، والتي غيبها الاحتلال الإسرائيلي عنهم قبل عدة أشهر.

ويمر رمضان الأول على أطفال عائلة "أبو كميل" دون رفقة والدتهم على مأدبة الإفطار والسحور، فغيابها أنساهم لذة الشهر وأجوائه؛ وباتوا يحنون لحضنها الدافئ، وطعامها الشهي؛ فذكراها حاضرةً في وجدان أطفالها الصغار، الذي يبلغ أصغرهم (عامًا ونصف).

الأسيرة الأم نسرين أبو كميل والتي تحمل الهوية الإسرائيلية تنحدر من مدينة حيفا المحتلة شمال فلسطين المحتلة، وتزوجت عام 2000 في قطاع غزة؛ وتتنقل عبر حاجز بيت حانون/ إيرز باستمرار لزيارة أهلها، وكل ستة أشهر تذهب لتجديد التصريح.

وحُرمت "أبو كميل" من زيارة أهلها تسع سنوات متتالية، دون معرفة الأسباب، إلا أنه تم إعادة السماح لها بزيارتهم عام 2014، وبعد أشهر وأثناء تجديد تصريحها جرى اعتقالها في 18 أكتوبر العام الماضي، وتوجيه تهم لها، منها "تصوير ميناء حيفا"، في آخر زيارة لعائلتها.

ولم تُصدر قوات الاحتلال الإسرائيلي بعد حُكمًا قضائيًا بحق الأم، كما لم تسمح لعائلتها بزيارتها منذ ذلك الوقت؛ بينما تنفي التهمة الموجهة إليها، وتعتبرها "باطلة"؛ ومن المتوقع بأن يكون لها محكمة في أكتوبر القادم، وفق زوجها حازم أبو كميل.

مأدبة واحدة

"أبو كميل" الزوج لم يُخفي صعوبة الحياة بعد اعتقال زوجته، لزيادة الأعباء الملقاة عليه؛ فبرفقة عمله في كسب قوت أطفاله، عليه أداء بعض الأعمال المنزلية بجانب ابنته "أميرة"، التي باتت أمًا لأشقائها، ووجدت نفسها مُجبرةً على القيام بأعمال المنزل لسد الفراغ الذي تركته والدتها.

شهر رمضان الذي يحمل طابعًا خاصًا، لاجتماع الأسرة بأكملها على مأدبة واحدة وقت الإفطار، لم يكُن سهلاً أن يكون دون زينة المنزل "الأم"، التي يُضفي وجودها جوًا مميزًا على الأسرة عبر الأطباق الرمضانية واصطحابهم لصلاة التراويح، والزيارات العائلية.

ويحاول الوالد المكلوم أن يُعوض وابنته "أميرة"-التي تُقاسي مسؤولية تربية الأطفال-، النقص الذي يشعروا به أطفاله، في غياب الأم، ورغم مرور أكثر من ثمانية أشهر على غيابها إلا أن ذلك لم ينسهم والدتهم فدائمًا ما يُرددون "ماما ماما" في بحث دائم عنها.

وتحاول "أميرة" برمضان طهي بعض المأكولات التي كانت تطهيها والداتها قبل اعتقالها، لكنها لم تتقن طهي سوى قلة منها، ويُساعدها في تلك المهمة والداها؛ فيما يحاول بعض الجيران والأقرباء إرسال بعضٍ من موائد إفطارهم تقديرًا لظروفهم.

لنحتفي سويًا

وبعد الإفطار بدا التعب والإرهاق جليًا على وجه "أميرة" لمشقة الأعمال المنزلية التي تؤديها؛ من تنظيف وغسل ملابس أشقائها، وإلى تنظيف المنزل بعد لعب أشقائها.

وبصوتٍ خافت وملامح حزن على وجنتيها تقول لمراسل "صفا": "رمضان هذا العام صعب جدًا، فمن يتولى أمرنا ومن يجهز لنا الإفطار وغيرها من أعمال المنزل ليس بيننا؛ أنا تعبت كثيرًا، فالحمل ثقيل، أتمنى أن تعود أمي للمنزل، اشتقنا لها كثيرًا، أتمنى أن أراها قريبًا".

وتضيف "اقترب اعتقالها على العام ولم نرها، نريد من يرعانا داخل المنزل، وعيد ميلادها في الخامس من يوليو القادم، سنحتفي به وكأنها بيننا، وأتمنى أن تكون بيننا لنحتفي سويًا بعيد تحررها الذي سيكون ميلادًا جديدًا لها.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com