تعاني شريحة من الأطفال في البلاد والعالم من مشكلة العسر التعليمي، ويسبب عدم معالجة هذه المشكلة كما يجب مشاكلًا أكبر وأخطر، فقسم كبير من الذين يعاني أبنائهم من العسر التعليمي، لا يشخصون الأمر كما يجب ويعتقدون أن هذه هي قدرات الطفل، الأمر الذي يعود بالضرر الكبير عليه.

حول هذا الموضوع، أجرينا حديثًا مع مختصة علاج عسر التعلم، إيمان زعبي التي اوضحت بعض النقاط الهامة وأجابت على بعض الأسئلة.

- ما القصد بالعسر التعليمي ولماذا يجب أن يعرض الطفل على مختص للتشخيص؟

العسر التعليمي هو اختلال معين في تطور الجهاز العصبي، يؤدي الى صعوبات بالغه في المهارات الدراسية الاساسية: القراءة، الكتابة والحساب; في حين أن الصعوبات ليست نابعة من اضطرابات نفسية، درجة ذكاء منخفضة، مشاكل اجتماعية-اقتصادية أو عوامل محيطة (مكتسبة). في حال وجود عسر تعلم، وهو غالبا منذ الولادة او نتيجة إصابة دماغية. لذلك مهم جدا التوجه للتشخيص لتحديد ماهية الصعوبات واسبابها، لأن العلاج يختلف تباعيا. ومهم جدا التدخل المناسب بشكل مبكر للتقليل من حدة العسر والفجوات الممكنة، لأنه بدون تدخل مناسب وملائم للطالب يمكن ان تكبر الفجوة وبينه وبين أبناء جيله بشكل كبير ومن ثم يخسر الطالب الرغبة والدافعية للتعلم ويدخل في حلقه من تجارب محبطه وانعكاسها على الدافعية اكثر فأكثر.

- ما الفرق بينه وبين الصعوبات التعلمية؟

العسر بالأساس في ثلاثة مهارات (القراءة, الكتابة والحساب) وممكن ان تنعكس على الأداء الدراسي العام او على الحياة اليومية، وهو خلل عصبي تطوري غالبا منذ الولادة، في حين تواجد صعوبات دون وجود عسر هو ناتج غالبا عن أسباب أخرى كصعوبات في أداء الذاكرة، المهارات التفكيرية، عوامل اجتماعية، اقتصادية، نفسية، وعوامل أخرى. بالإضافة الى ذلك، الصعوبات التعلمية بالإمكان معالجتها بشكل كامل, بينما عسر التعلم يمكن التخفيف من حدته وتعلم استراتيجيات تلائمه لكن ليس علاجه بشكل تام. لذلك من خلال التشخيص نستطيع تحديد الأسباب وطرق العلاج المناسبة لكل طالب وطالب فذلك يختلف تباعيا وحسب قدرات الطالب الفردية، طبعا مع الاخذ بالحسبان قدرات الذاكرة لديه والمهارات الأخرى.

- كيف تقييمين مدى وعي مجتمعنا لهذه القضية؟
هنالك ارتفاع في الوعي بالنسبة لهذه القضية، لكن مازلنا بحاجه لمعرفة أهمية التشخيص, وان هناك ما يسمى بعسر التعلم والتي أسبابه ليست بتقصير او اهمال من الطالب او عوامل خارجيه أخرى, انما اختلال معين في الجهاز العصبي.

- هل هنالك الكثير من الاطفال الذين يعانون من العسر التعليمي؟
في البلاد تتراوح النسبة بين 10%-15%, لكن الطلاب المشخصين في الوسط العربي نسبتهم قليله جدا! هنالك الكثير جدا من الطلاب الذين يعانون من عسر تعلم, لكن المجتمع حكم عليهم بالإهمال او التقصير او "التآخر العقلي" (الحديث يدور حول الطلاب في جميع المراحل الدراسية: ابتدائية، اعدادية، ثانوية واكاديمية). لكن يجب التنويه بان من لديه عسر تعلم يمكن ان يتمتع بدرجة ذكاء تفوق المعدل! بهذه الطريقة نحكم عليه انه عديم القدرة على التعلم, او عكس ذلك، نطلب منه اهداف وتوقعات عالية دون مراعاه لقدراته واحتياجاته.

- هل هنالك الكثير منهم، يعانون واهلهم لا يعرفون ذلك ويعتقدون ان هذا امر طبيعي؟
نعم للأسف، هناك الكثير منهم يعانون والأهل لا يعرفون ذلك, يعتقدون ان التحصيل المتدني، عدم الرغبة في الدراسة، والظواهر الأخرى هي نتيجة تقصير او اهمال منه. لكن ما يحصل يمكن ان يكون العكس, بذل جهود قصوى ومضاعفه من قبله لكن دون جدوى, وبالذات في المراحل الأولى, الامر الذي ممكن ان يؤدي الى حالة احباط من قبل الطالب وعدم رغبته بتاتا في الدراسة.

- ماذا قد يؤثر عدم الكشف وتشخيص العسر التعليمي على الطالب في المستقبل القريب او البعيد؟

ان عدم الكشف والتشخيص ممكن ان يؤدي الى مضاعفة الفجوات بينه وبين أبناء جيله في شتى المجالات مما قد يؤدي الى احباط وضغوطات نفسيه لدى الطالب والاهل دون نتيجة، العديد من ذوي عسر تعلم لم تتح لهم الامكانية لاستغلال قدراتهم ومع الوقت يأسوا وخسروا مستقبلهم العلمي. وحتى أحيانا كثيره ذلك يؤثر على حياتهم اليومية، الاجتماعية والاقتصادية وعلى عده جوانب مستقبليه. وبالذات اننا نحتاج للمهارات الاساسية في الحياة اليومية (قراءه, كتابه وحساب)

بأي جيل تقريبًا قد تظهر علامات عسر التعلم؟
العسر التعليمي كما ذكرت عادة يتواجد منذ الولادة لكن يمكن ان تظهر علامات لوجود عسر في فترة الروضة وتبرز مع الوقت عند الانتقال للمرحلة الابتدائية والمراحل الأخرى. لكن التشخيص يتم ابتداء من نهاية الصف الأول مرورا بجميع المراحل الدراسية وحتى الاكاديمية لا يوجد تحديد للجيل, حتى البالغين والمسنين بإمكانهم التوجه للتشخيص والعلاج, لكن تختلف اهداف وابعاد التشخيص في كل مرحله ومرحله.

-هل هنالك رسالة معينة توجهيها إلى الاهل؟
رسالتي للأهل بشكل عام هي الوثوق بالطالب وحثه على التعلم والاجتهاد, مع التفهم والاحتواء في حال وجود صعوبات دراسية. وان برزت هذه الصعوبات بالإمكان التوجه للإستشارة والتدخل المهني. فعند التدخل السريع يمكن ان نتفادى فجوات ومشاكل عديده. رسالتي الثانية هي لأهالي الطلاب ذوي العسر التعليمي، ان نثق بقدرات أبنائنا والا نشير بأصبع الاتهام عليهم لان من لديه عسر ليس المسؤول عن وجوده, انما احتواءه ودعمه قدر الإمكان, ومع التدخل الملائم بإمكانه ان يصل الى المراحل الجامعية وان يحصد الشهادات الاكاديمية دون قيود. فهناك العديد ممن وصلوا الى مراتب مرموقة وحصلوا على شهادات عليا كالماجيستير والدكتوراه, والسماء هي الحدود. أتمنى للجميع كل التوفيق والنجاح! 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com