اقرّت لجنة القضاء والدستور في الكنيست الاسرائيلي هذا الأسبوع ما يسمى بـ مشروع قانون "الارهاب" 2011 والذي استغرق إعداده سنوات طويلة ليلائم ويتكيف مع مكافحة ما تعده إسرائيل "إرهابا فلسطينيا".
وجاء اقتراح القانون من قبل تسيبي ليفني وبعدها وزيرة القضاء ايليت شاكيد حيث يأتي هذا القانون ضمن سلسلة القوانين العنصرية التي تسنها الحكومة الإسرائيلية خصيصا بهدف التضييق على العرب خاصة في البلاد وزيادة وتكثيف الممارسات العنصرية ضدهم.
وكان قد تم إقرار القانون في لجنة الدستور، حيث لاقى 165 اعتراضًا الا انّ لجنة الدستور في الكنيست رفضت كل الاعتراضات وتعمل على تجهيزه لعرضه على الكنيست للتصويت للقرائتين الثانية والثالثة .
حول هذا القانون تحدث "بكرا" إلى عددٍ من المحامين والمختصين الذين أجمعوا أنّ القانون يُمأسس ما يسمى بشرطة الأفكار ويهدف إلى ايجاد صيغة لشرعنة قوانين وانظمة الطوارىء المعملو بها إسرائيليًا، كما وأكدوا أنّ القانون يتعارض مع مبادىء وأسس حقوق الإنسان.
خالد دغش: القانون يخرج إسرائيل من مأزقها فيما يتعلق بتمديدها لقوانين وانظمة الطوارىء
المحامي خالد دغش، متولي اوقاف حيفا، والناشط حقوقيًا قال لـ "بكرا" في السياق: من الواضح أنّ قانون الإرهاب يعتمد بالأساس على ملاحقة الأفكار قبل الأفعال، فالحال قبل سن القانون هو ادانة مرتكب الجريمة استنادا على القرائن والإثباتات وما يسمى "احتمالية حقيقية لتنفيذ الجريمة" إلا أنّ القانون الحالي يكتفي بالإدانة لمجرد "التماهي" مع فكر أو تيار قد يعتبر "إرهابيًا" وفق المفاهيم الإسرائيليّة، مما يعني أن مجرد رفع علم حزب الله- على سبيل المثال لا الحصر- يعد عملا إرهابيًا.
وأضاف دغش عن القانون: إلى ذلك، تكمن خطورة القانون ايضًا بالتعريفات الفضفاضة والواسعة لعددٍ من المصطلحات مثل "عمل إرهابي" أو "منظمة إرهابية" أو "العضوية في المنظمات الإرهابية" لدرجة أنّ مجرد "النية" للانضمام إلى تلك المنظمات كفيل بالإدانة!.
واسهب: كما وأن القانون يمنح صلاحيات واسعة لوزير الأمن الذي يحق له الإعلان عن منظمة كإرهابيّة، مما يذكرنا بالحكم العسكريّ، لكن المختلف أن هذا الحكم سيطبق فعليا داخل إسرائيل كمل هو معمول به في الضفة الغربية وغزة باختلاف ان هناك الحاكم والمشرع هو القائد العام من الجيش الاسرائيلي في حين داخل اسرائيل المشرع هو البرلمان والحكومة الاسرائيلية.
وقال المحامي دغش: يعتبر مشروع القانون الجديد "عملا إرهابيا"، أيضا، أي "مسّ برموز السلطة والحُكم"! وهو ما يمكن أن يعني، في الممارسة التطبيقية للقانون الجديد، محاكمة شخص وإدانته بتهمة "الإرهاب" إذا أقدم، مثلا، على تمزيق علم الدولة أو إحراقه.
كما وأوضح: ويتضمن مشروع القانون بنودًا تنطوي على تشديد العقوبات (المعمول بها حاليا) على المدانين والمشتبهين بـ "الإرهاب"، منها اعتقالات مطولة وحتى دون لقاء محام دفاع، كما ينص، أيضا، على تخويل الحكومة صلاحية مصادرة أية ممتلكات "تابعة لمنظمات إرهابية"، أو منع أشخاص من مغادرة إسرائيل وإخضاعهم للاعتقال الإداري، من دون الحاجة إلى إصدار أمر بالاعتقال الإداري. وهنالك تفاصيل أخرى يتضمنها القانون الحاليّ الذي دون شك ينطوي على مسٍّ خطير بحقوق الإنسان في دولة إسرائيل بوجه عام، وحقوق الإنسان العربي في اسرائيل في الاساس.
وأضاف المحامي دغش: من الواضح أنّ القانون، والذي بدأ العمل عليه بالكنيست الـ 18 واستمرت النقاشات حوله في الكنيست الـ 19 والـ 20، ويلقى الدعم من معظم الأحزاب الإسرائيليّة، فقد أعلن المعسكر الصهيوني عن نيته دعمه كما وأكد حزب هنالك مستقبل دعمه ايضًا، الأمر الذي يوضح أنّ هنالك إجماع سياسيّ عليه، وممكن القول قضائيّ، فقد أعلن نائب المستشار القضائي، المحامي ران نزري، عن رضى المستشار القضائي من النص المعدل والأخير، جاء ليحل مكان "أنظمة وأوامر الطوارئ" المشتقة، تشريعيًا، من "حالة الطوارئ" السائدة في إسرائيل منذ قيامها، مما يخرج إسرائيل من مأزقها ايضًا، فقد اعتادت على تمديد انظمة الطوارئ سنويًا، عوضًا عن إبطالها كما هو متبع عالميًا، رغم أنّ الظروف التي استعدت سابقًا فرض انظمة الطوارىء لم تعد موجودة اليوم، مما يعني أنّ هنالك حاجة إلى ايجاد صيغة قانونية، مقبولة على الأسرة الدولية والقضاء الدوليّ، لضمان سريان تلك الأنظمة مع توسيعها بصورة تفسر مثلا "لماذا هنالك حاجة إلى حظر الحركة الإسلامية الشق الشمالي، وكافة مؤسساتها، حتى الإغاثة".
محمد زيدان: قانون يفتح المجال لمنع حرية التعبير وممكن ان يشكل تقييد لحصانة أعضاء البرلمان
بدوره، محمد زيدان، مدير المؤسسة العربية لحقوق الانسان عقب في هذا السياق لـ"بـُكرا" قائلا: هذا القانون يوسع صلاحيات القانون الإسرائيلي او قانون الطوارئ لتشمل قضايا كانت ضمن قوانين الطوارئ وتوسع مفهوم الإرهاب لتضع قيودًا على تصريحات أو مقولات قد تفسر بموجب هذا التوسيع على انها تشكل تضامن مع منظمة إرهابية أو عمل إرهابي والخطر الأكبر انه يتم تقليل حرية التعبير من خلال أي تصريحات عبر الفيسبوك.
وتابع: القانون يتيح اعتقال المواطن لمدة 48 ساعة وليس 24 قبل مثوله امام قاضي او لقاء مع محامي مما يشكل تضييق على حريات وحقوق المعتقلين ويؤثر سلبيا على نفسية المعتقل وحقوقه. كما انه يفتح مجال لمنع حرية التعبير وممكن ان يشكل تقييد لحصانة أعضاء البرلمان ويمكن الدولة من استعمال جزء من أنظمة قوانين الطوارئ مثل اعتقال اداري.
وقال: من الواضح ان القانون موجه ضد العرب بالمجمل وهو عبارة عن تقييد حقوق الانسان وإعطاء صلاحيات للدولة ان تضيق هذه الحقوق تحت مسمى محاربة الإرهاب.
عبير بكر: من الواضح ان الدولة تتهيأ لاعتقالات جماعية وشن حرب ليس فقط في المنطقة وانما ضد مواطنيها
اما المحامية عبير بكر فقالت بدورها: قانون الارهاب بالمعنى الدستوري العام هو خطير جدًا لانه يأخذ أمور موجودة في قوانين الطوارئ يجب ان يتم ابطالها وبدل من ابطالها او تعديلها للأفضل تم اضافتها لقانون الإرهاب وكأنها عصرية لعام 2016 مما يدل على ان التوجه نحو الأسوأ يما يتعلق باحترام حقوق الانسان بشكل عام وبشكل خاص فان تأثير القانون على العرب جاء كاستنساخ لقوانين عسكرية موجودة بالضفة حتى يتم تسهيل قوانين انتهاكات للمواطنين العرب منها الملفات الأمنية وذلك ليس لان العرب يمارسون مخالفات امنية اكثر من اليهود بل بسبب السياسة العنصرية التي تنتهجها الدولة.
وأضافت منوهة: هذا القانون سيعمل على اغلاق جمعيات تعمل على حرية التجمهر وسيمنع اقامة جمعيات ومؤسسات سياسية واجتماعية، سيكون هناك سهولة مفرطة في اغلاق جمعيات كما سيشرع سهولة اغلاق جمعية على أساس مواد سرية والاعتقالات الإدارية سنراها بشكل اكبر من خلال هذا القانون خاصة داخل الخط الأخضر، هذا النوع من القانون سيسهل تجريم عملنا السياسي حيث سيحصل اعتقالات إدارية على ستاتوسات فيسبوك.
ونوهت: الهدف استنساخ الحكم العسكري داخل الخط الأخضر عن طريق قانون من الكنسيت لان الحكم العسكري لا يسري داخل الخط الأخضر. توجه المشرع بهذا القانون يؤكد بان إسرائيل تعلن عن نفسها بانها في حالة طوارئ للابد وانها ستبقى دولة حرب وطوارئ ودولة عدوة مع الدول العربية وسياسيا التطلع هو دولة وضعها سيكون أسوأ وليس افضل وقوانينها تثبت وجه إسرائيل الحقيقي ومن الواضح ان الدولة تهيأ اعتقالات جماعية وشن حرب ليس فقط في المنطقة وانما ضد مواطنيها.
عمر خمايسي: الخطر الكامن في مشروع القانون الجديد التعريف الواسع والفضفاض لعدد من المصطلحات
المحامي عمر خمايسي من مؤسسة ميزان قال لـ"بـُكرا" حول القانون: إن مشروع القانون يهدف لإلغاء أوامر منع الارهاب 1948 وقانون منع تمويل الارهاب 2005 وقانون الاجراءات الجنائية - اعتقال المشتبه بهم بمخالفات أمنية اوامر الساعة 2006، واستبدال وتعديل بعض بنود أنظمة الطوارئ منذ الانتداب الانجليزي للعام 1945 وقانون صلاحيات أمر الساعة اعتقالات 1979 وقانون جهاز الامن العام - الشاباك 2002 وغيرها من القوانين، حيث يجمع الحقوقيون والمحامون انها قوانين تحمل العديد من الاشكاليات القانونية والدستورية وفيها صبغة استبدادية تتنافى مع مبدأ حقوق الانسان والحريات، وعليه، يتطرق مشروع القانون الجديد للتعريف بمخالفات الارهاب سواء المنظمات او الافراد، وإجراءات المحاكمات، وفترات التوقيف وعقوبة السجن، والأوامر الادارية من اعتقال اداري ومصادرة وتفتيش وفرض قيود فردية او جماعية وسبل اجراءات التحقيق وصلاحيات الشاباك ودوره في تنفيذ القانون، ومصادرة الأملاك المرتبطة بـ"الإرهاب" والاعلان عنها كمنظمات ارهابية.
وتابع خمايسي: إن ربط ما يقوم به الفلسطينيون من أعمال ونشاطات بغرض التحرر وإزالة الاحتلال بقانون الإرهاب، محاولة لتشويه نضال الشعب الفلسطيني ولسحب التأييد والتضامن الدولي المتنامي مع الشعب الفلسطيني. ويفسح المجال للمس بالناشطين سياسياً، وتحديداً بأشخاص تخرج آراؤهم أو نشاطهم السياسي عن الإجماع الإسرائيلي، مما يمس بالتالي بالسجال السياسي الحر وبحرية النشاط والفعاليات الداعمة للمواقف السياسية. والذي من شأنه الإضرار بمؤيدي وداعمي أبناء الشعب الفلسطيني، سواء في الضفة الغربية وقطاع غزة أو الداخل الفلسطيني، وذلك لاستهداف القانون الحياة العامة والحركات والكتل السياسية ومؤسسات المجتمع المدني وكل العاملين من أجل القضية الفلسطينية كما ذكرنا اعلاه.
وأضاف منوها: الخطر الكامن في مشروع القانون الجديد التعريف الواسع والفضفاض لعدد من المصطلحات، مثل "منظمة إرهابية" و "عضو في منظمة إرهابية"، و"عمل إرهابي"، حيث إن الضبابية التي تلفّ هذه التعريفات تخلق عدم يقين في شأن تفسيرها وتطبيقها على أرض الواقع. مثالاً عينياً، أنه بموجب البند الثاني لمشروع القانون، فإن "عضو المنظمة الإرهابية هو أيضاً كل من أبدى موافقته للانضمام إلى منظمة إرهابية"، ما يتيح للجهات الأمنية حرية الاشتباه بمن تشاء، مما يمس بحرية التعبير.
واختتم: إن ثمة فرقاً شاسعاً بين قول إنسان عادي إنه يريد الانضمام إلى منظمة إرهابية وبين الانضمام الفعلي لمنظمة كهذه، على أساس أنه قد يكون قالها تحت ظرف اجتماعي او سياسي خاص أو تحت التهديد. وأن تجريم شخص لمجرد أنه بلغ مسامع جهاز المخابرات أنه ينوي الانضمام إلى تنظيم إرهابي هو أمر خطير، خصوصاً أنه لن يتاح له الدفاع عن نفسه. ونشير إلى بند آخر يقضي بفرض السجن لثلاث سنوات على من يقوم بأعمال تنضوي على تماثل مع تنظيم إرهابي، سواء عبر مديح للتنظيم أو رفع علمه أو نشر شعاره أو أي من شعاراته أو نشيده الوطني او مخالفة عدم التبليغ عن استعمال املاك منظمة ارهابية، مع التنويه ان هذه المخالفات موجودة في قانون العقوبات الاسرائيلي، الا انها تتحول الآن لتنضوي تحت عباءة قانون مكافحة الارهاب! كما أن المخالفات التي كانت تنضوي تحت قانون العقوبات ستصبح مخالفات تحت قانون مكافحة الارهاب، وبالتالي يترتب على الادانة اجراءات مختلفة يكفي منها أن يصبح المدان ارهابياً في نظر القانون مما يسهل إجراءات اخرى بحقه كفرد او جماعة ناهيك عن تشديد العقوبة.
bokra.editor@gmail.com
أضف تعليق