اعلن قبل فترة ليست بالقصيرة، عن تأسيس حزب الوفاء والإصلاح كحزب جديد على الساحة السياسية، والذي يأتي كبديل للشق الشمالي من الحركة الإسلامية، بعد أن أمرت السلطات الإسرائيلية بحظرها وحظر نشاطاتها وإغلاق مؤسساتها. ويرأس الحزب الشيخ حسام أبو ليل، وينضم إليه المحامي محمد صبحي جبارين كعضو مؤسس، والدكتور إبراهيم أبو جابر عضو مؤسس ايضًا والأستاذة هبة عواوضة.

وتميز الحزب الجديد بافكار جديدة اكثر انفتاحًا وتطورًا تتماشى مع التغييرات المجتمعية، منها وجود امرأة في قيادة الحزب، الى جانب آليات جديدة اعلن عنها رئيس الحزب الشيخ حسام أبو ليل علما انها حتى اللحظة لا تزال نشاطات وفعاليات الحزب وتوجهاته مبهمة وغير واضحة، كما صرح اكاديميون لـ"بكرا" في هذا التقرير، مرحبين بفكرة تشكيل حزب جديد كرد على حظر الإسلامية الشمالية، وداعين الحزب الجديد الى اتباع منهج "اكثر سلمًا وانفتاحًا" يتعاطى بجدية مع قضايا المجتمع العربي ويحافظ على الثوابت الوطنية. 

المحامي علي حيدر: هذا الحزب يتخذ شكلا تنظيميًا مختلفًا عن الحركة الإسلامية لكن مرجعيته إسلامية

المحامي علي حيدر عقب لـ"بكرا" قائلا في السياق: كما يبدو ان حزب الوفاء والإصلاح جاء على خلفية اخراج الحركة الإسلامية الشمالية خارج القانون كحركة سياسية وحظر نشاط العديد من المؤسسات والجمعيات الفاعلة في اطارها. وجاء بعد شهور كثيرة من التخطيط بكيفية ادخال ناشطين داخل التيار الإسلامي لمزاولة عملهم ونشاطهم داخل المجتمع العربي. كما يبدو بان هذا الحزب الذي صرح بانه سوف يتعاطى مع قضايا المجتمع العربي العامة وخصوصا القضايا الاجتماعية والتربوية وغيرها يأخذ ويتلقى أفكاره ومرجعيته من الفكر الإسلامي، وهذا ظهر من خلال الشخصيات التي أعلنت عن تأسيس هذا الحزب.

وتابع منوها: رغم ما ذكر إلا أنّ هذا الحزب، وعلى ما يبدو، يتخذ شكلا تنظيميًا مختلفًا عن الحركة الإسلامية. هناك اشخاصًا لم يقوموا بشكل مركزي بالمشاركة بالحزب من الممثلين من الحركة الإسلامية الشمالية، كما تم دمج وجوه نسائية جديدة. كان من المتوقع انه ما دام هناك حزب جديد، ان يكون برنامجه ومرجعياته وأهدافه ونشاطاته والاليات التي يريد ان يستخدمها في عمله أوضح وان يُعرف اكثر عن المؤسسات الحزبية في داخل هذا الحزب وخصوصًا انه قد خرج الى النور.

وأوضح قائلا لـ"بكرا": من الواضح انه لم يكن رد فعل الجماهير العربية والأحزاب العربية والحركة الإسلامية نفسها على حظر الحركة الإسلامية واخراجها خارج القانون يرتقي الى المستوى المطلوب، وباعتقادي كان من المفروض ان يكون هناك عمل جماعي اكبر وخصوصا ان اخراج الحركة الإسلامية خارج القانون هو احد الاحداث المركزية في تاريخ المجتمع العربي الفلسطيني بعد حظر حركة الأرض، لا سيما وأن جمهور الحركة الإسلامية أوسع وأكبر. الحركة الإسلامية ارادت ان تكون مغايرة في أسلوب تعاملها مع الدولة فلم تتوجه الى المحاكم الإسرائيلية من اجل الغاء قرار الحظر ولم تقيم نضالا واسعا للتأثير على الرأي العام الإسرائيلي وأيضا بقيت نشاطاتها في الداخل محصورة على بعض النشاطات والفعاليات، بالإضافة الى ذلك كان مهم ان تجري الحركة الإسلامية دراسة معمقة لطبيعة علاقتها مع المجموعات المختلفة داخل المجتمع العربي سواء كانت دينية او سياسية، وخصوصا ان هناك تغيرات كثيرة تحدث على مستوى الإقليم وعلى المستوى الداخل التي تضع تحديات كبرى امام الحركة الإسلامية الشمالية او أي حزب ذو مرجعية إسلامية، الأمر الذي أنتج نهاية المطاف هذا الحزب.

امجد شبيطة: نشوء أحزاب جديدة لا يزيدنا الا تشرذما وضربا لهيبة العمل السياسي وأحزابه!

بدوره الاكاديمي الناشط امجد شبيطة عقب قائلا في ذات السياق: يعاني مجتمعنا العربي من ظاهرتين مرتبطتين جدليا، فمن جهة هنالك تضخم بعدد ما يسمى بأحزاب اليافطة التي لا تمتلك من مقومات الأحزاب شيئا الا أسماء زعمائها الذين لم ينتخبهم أحد، ومن جهة أخرى هنالك تراجع ملحوظ بالدور التقليدي للأحزاب، إن كان بتجنيد المواطنين وتحريضهم وتنظيمهم لخوض المعارك العادلة، ومن هنا فإن نشوء أحزاب جديدة لا يزيدنا الا تشرذما وضربا لهيبة العمل السياسي وأحزابه.

وتابع: أما قضية نشوء الحزب الأخير "الاصلاح والوفاء" فتختلف عن ظاهرة أحزاب اليافطة سابقة الذكر فمن الواضح أن هذا الحزب يأتي كرد من الاسلامية الشمالية على قرار حظرها الجائر وأنا برأيي - ورغم خلافي الكبير مع الحركة الاسلامية- بأن من حقها استحداث الوسائل المطلوبة للالتفاف على قرار حظرها لكنها مطالبة بأن تقوم بهذا الأمر بشفافية أكبر وأن تصل إلى عمق التفاصيل، فنحن لم نتعرف سوى على خمسة أشخاص من مؤسسي الحزب، فمم هن أعضاء هيئاته وما هي بنيته التنظيمية وما الجديد ببرامجه وفكره بالاضافة الى السؤال المركزي حول مصادر تمويله ومسارات نشاطه؟

د. خالد أبو عصبة: كيف ممكن تشكيل حزب غير برلماني ولكن وفق قوانين برلمانية؟!!

بدوره عقب د. خالد أبو عصبة لـ"بكرا" قائلا: يحق لاي مجموعة ان تكوّن حزب جديد، وهذا طبيعي، السؤال هو كيف ممكن إقامة حزب يعمل خارج البرلمان، علمًا أنّ الحركة الإسلامية لا تريد ان تدخل الى البرلمان؟! اذا كان هذا صحيحًا كيف يمكن إقامة حزب عن طريق قوانين سنها هذا البرلمان؟! كيف ممكن تشكيل حزب غير برلماني ولكن وفق قوانين برلمانية؟!

واختتم: من ناحية أخرى هناك مكان للحركة الإسلامية ان تقيم حزب يتسنى لها العمل وفق اجندتها خاصة بعد حظرها قانونيا.

د. رنا زهر: احترم كل كيان سياسي طالما يلتزم بالثوابت الوطنية ويحترم الطروحات الاجتماعية والسياسية للاحزاب

بدورها الدكتورة والناشطة الاجتماعية والسياسية د. رنا زهر عقبت لـ"بكرا" قائلة: يحق لاي تنظيم سياسي او اجتماعي ان يتواجد ويعمل في الداخل الفلسطيني، وهذا حق ديمقراطي مكفول لا نقاش عليه. احترم كل كيان سياسي طالما يلتزم بالثوابت الوطنية ويحترم الطروحات الاجتماعية والسياسية للاحزاب والحركات الاخرى حتى لو لم تتفق مع طرحه هو. الميدان والوقت سيثبتا مدى نجاح الحزب الجديد وما هي اجندته بالفعل.

د. اسعد غانم: الحركة الإسلامية تعلمت من تجربة الحركة في المغرب وتركيا

من ناحيته بروفيسور اسعد غانم عقب لـ"بكرا" قائلا: لا أرى أي شيء جديد في الحزب غير انه أداة من اجل مواجهة قضية الحظر، الحزب والحركة الإسلامية هم شيء واحد، وهو ظاهر انهم قيادات من الحركة الإسلامية من اجل تطوير أدوات بديلة للتعامل مع الحظر واعتقد ان الحركة الإسلامية تعلمت من تجربة الحركة في المغرب وتركيا، والهدف هو مشاركة أعضاء الحركة الإسلامية في نشاطات الحزب الجديد وان يكون واضحًا لهم انه حزب إسلامي بهدف تجاوز مطب الحظر، لذلك ليس هناك ما يميزه وليس مطلوب منه ان يقوم ببرنامج عمل وغيره.

وتابع غانم لـ"بكرا" معقبا على إمكانية تغيير الحركة الإسلامية لنهجها من خلال الحزب الجديد: المشكلة ليست مشكلة الحركة الإسلامية، بل المشكلة هي ان العمل السياسي العربي منقسم على نفسه ولولا رفع نسبة الحسم ما كانت الأحزاب العربية ستجتمع تحت القائمة المشتركة، حيث ان الهدف هو انقاذ الأحزاب السياسية، لذلك مشكلتنا ليست الحركة الإسلامية بل المشكلة هي ان العمل السياسي العربي انه غير منسق وغير منظم، حتى انه لم يعد هناك أحزاب، وهناك تراجع واهتمام في العمل السياسي واخفاقات الأحزاب السياسية، واضح ان الجماهير طورت خططًا بان لا تهتم بالاحزاب السياسية وبالتالي الأحزاب أيضا فقدت ثقتها بالناس وتعمل بشكل مشترك فقط بسبب رفع نسبة الحسم، بالمقابل فان الحركة الإسلامية هي اكثر حزب متواجد بين الناس بالرغم من غيابها عن الكنيست، علما ان العديدين ضد مواقف الحركة الإسلامية، ولكن هناك اجماع انها اكثر حركة تعمل ولها امتداد جماهيري وبالتالي فان هذا هو السبب في غضب الدولة عليها.

وأضاف موضحا: انا أوافق انه لم يكن هناك دعم كافي للحركة الإسلامية بما يتعلق بحظرها وذلك لان العمل السياسي منقسم والناس فقدت ثقتها بالعمل السياسي والأحزاب، واجمالا العمل السياسي في كل العالم يبدأ بعد المرحلة الأولى بصعود وبعد ذلك يتراجع لان الناس تمل وهذا ما حدث، المرحلة الأولى من الحظر كان هناك احتجاج وبعد ذلك كان هناك تراجع، بما يتعلق بحزب الوفاء والإصلاح وجود امرأة في قيادة الحزب هو تطور ممتاز واتأمل ان يأخذوه على محمل الجد لان الحركات الإسلامية في العالم العربي تأقلموا مع التغيرات وادخلوا نساء وقاموا ببرامج سياسية منفتحة على الاخر، وغيرت خطابها تجاه المجموعات الأخرى، والموقف من القومية العربية، لذلك اتأمل ان ما يحدث مع الحركة الإسلامية ان يدخلها الى مرحلة جديدة من ناحية الجوهر وان يكون هناك تفكير منطقي في الظروف المشابهة والحصار لما فيه مصلحة الحركة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com