لم تتوقف ردود الفعل داخل إسرائيل حول تنازل مصر عن جزيرتي "تيران" و"صنافير" للسعودية، بعد توقيع اتفاقية لترسيم الحدود بين البلدين، والتي وصلت إلى حد إثارته بين نواب الكنيست (البرلمان)، فيما اقترحت صحيفة أن يتم تأجير مناطق من شبه جزيرة سيناء للفلسطينيين.

وتوجه تساحي هنجبي -رئيس لجنة الخارجية والدفاع بالكنيست- للمستشارين القانونيين التابعين لوزاتي الدفاع والخارجية الإسرائيليتين؛ من أجل إجراء استطلاع لمعرفة تأثير الاتفاقيات التي وقعتها مصر والسعودية مؤخرًا بشأن جزيرتي "صنافير" و"تيران" وإنشاء جسر بري بين البلدين على إسرائيل.

وأضاف أنه "بعد أن يحصل على الاستطلاع سيقرر هل سيعقد جلسة لمناقشة الخطوات المصرية والسعودية أم لا"، وفق ما نقلت صحيفة "معاريف".

وتابعت: "ربط كل من مصر والسعودية بواسطة جسر بري جديد، اتفق على بنائه الرئيس السيسي والملك سلمان، ونقل الجزيرتين لسيادة الرياض، كل هذا من شأنه أن يكون له نتائج قاسية على أمن إسرائيل"، وفقًا لما نقله عنها موقع "عنيان مركازي" الإخباري العبري.'

اسرائيل على علم

إلى ذلك، نقلت صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية عن مصادر إسرائيلية، إن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه موشي يعالون كانا على علم بتطورات موضوع نقل جزيرتي صنافير وتيران من مصر للسعودية قبل وقت طويل.

وأضافت أنه "قبل أسبوعين أبلغ كل من نتنياهو ويعالون وزراء الحكومة بالتطورات، وتم تسليم تقرير للأخيرة يتحدث عن حرية الملاحة أمام السفن الإسرائيلية واعتبار ذلك مصلحة عليا، وأن هذه الحرية لن تمس".

وذكرت أن "التنسيق في هذا الأمر أثبت وأكد العلاقات الطيبة بين إسرائيل ومصر والتعاون بين نتنياهو والسيسي"، لافتة إلى أن" إسرائيل تقيم علاقات وثيقة مع النظام المصري الحاكم في قضايا أمنية وسياسية، وتتضمن كل ما يتعلق بما أسمته الإرهاب وقطاع غزة، ومؤخرًا عاد سفير مصر لتل أبيب وأجري لقاء بين وزيري الطاقة المصري والإسرائيلي".

صديق صديقي هو أيضا صديقي

وأضافت أنه "في الشرق الأوسط الملتهب اعتدنا لسنوات على قاعدة (عدو عدوي هو صديقي) لكن بالنظر إلى الخطوة المصرية الأخيرة الخاصة بإعادة جزيرتي صنافير وتيران للسعودية، فإننا أمام قاعدة جديدة هي (صديق صديقي هو أيضا صديقي) في إشارة إلى السعودية.

بدورها، وضعت صحيفة "هآرتس" العبرية خريطة لتقسيم المنطقة بين إسرائيل ومصر والأردن وسوريا والسعودية، مضيفة أن الاتفاق المصري السعودي على نقل جزيرتي صنافير وتيران لسيادة المملكة هو سابقة إيجابية لتبادل المناطق بمشاركة إسرائيل.

وأوضحت أن "صفقة الجزيرتين تبدو كفكرة خلاقة لابد وأن يتم الاحتذاء بها، الأمر الذي سيؤدي إلى خلط الأوراق في منطقة الشرق الأوسط ويخضعه لتقسيم جديد لصالح كل اللاعبين". وذكرت أن "مصر لديها دائمًا نقص في الأموال، أما السعودية فلديها نقص على الصعيد العسكري، المصريون أقوياء وفقراء، أما السعوديون فضعفاء لكن أثرياء". وفق زعمها .

وذكرت أن "هناك 4 شركاء في البحر الأحمر؛ إسرائيل والدولتان العربيتان اللتين وقعتا اتفاقيات سلام معها، مصر والأردن، علاوة على السعودية التي تعتبر ضد العدو الإيراني المشترك".

وقالت " أنه في سنوات الستينيات تم التوصل لترتيب لتبادل الأراضي بين كل من عمان والرياض، الأردن حصلت على جزءً من الساحل السعودي جنوب العقبة، مقابل تعديل في الحدود الشرقية، أما صفقة الجزيرتين بين مصر والسعودية الأخيرة، فإنها تعزز سابقة أولى من نوعها وتزيد من الفرص في ترتيبات جديدة لأطراف عديدة مع إسرائيل، تدخل فيه دول عربية علاوة على الفلسطينيين".

اسرائيل والفلسطينيين

وأضافت "يمكن على سبيل المثال توسيع الإطار الضيق لتبادل الأراضي المقترح بين إسرائيل وبين الفلسطينيين ليكون صفقة رباعية تتضمن أيضًا مصر التي يمكنها تأجير جزءً من سيناء وتضمه لقطاع غزة، والسعودية التي قد تمنح لمصر قطعة من الضفة الشرقية للبحر الأحمر وتحصل على اعتراف بمكانتها ومركزها في الحرم القدسي". وقالت "يمكن أن تنضم سوريا لهذا النادي الرباعي، وتؤجر لإسرائيل قطعة في الجولان، مقابل قطاع بمنطقة الحمه، التي هي منطقة منزوعة السلاح في اتفاقيات الهدنة عام 1949".

في السياق ذاته، قال آيال زيسار -أستاذ تاريخ الشرق الأوسط في جامعة تل أبيب- في مقال نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية، إن "حرب 1967 اندلعت مع مصر بسبب مضيق تيران واليوم وبعد 50 عامًا أصبحت الجزيرتان الصغيرتان في جنوب إيلات، الدعامة في تعزيز اتفاق السلام بين إسرائيل ومصر وتعميق التفاهم الهادي بين تل أبيب والقاهرة".

وأضاف أنه "في مايو 1967 أعلن الرئيس المصري جمال عبد الناصر عن إغلاق خليج العقبة أمام الملاحة الإسرائيلية وبهذا أراد خنق مدينة إيلات التي أصبحت بوابة تل أبيب الجنوبية لكل من أفريقيا والشرق الأقصى، المصريون رأوا أنه طالما جزيرتي صنافير وتيران تحت سيادتهما، فإن من حقهم منع السفن الإسرائيلية من المرور في المجال البحري بين الجزيرتين وبين شرم الشيخ، أي منطقة المدخل الجنوبي لخليج العقبة".

واستكمل: "تيران وصنافير كانتا في الأصل جزيرتان غير مأهولتين وفاقدتي الأهمية، وتتبعان المملكة العربية السعودية، لكن في سنوات الخمسينيات رغبت الرياض في نقل الجزيرتين للقاهرة لأنها لم تر أي أهمية للأخيرتين، لكن المصريين رأوا في الجزيرتين أهمية تتمثل في تعزيز تواجدهم بجنوب سيناء وخليج العقبة".

وأوضح أن "الحصار الذي فرضه المصريون على إيلات في هذه السنوات دفع إسرائيل إلى شن الحرب على مصر عام 1956، والتي كان من نتائجها إعطاء ضمانات دولية للملاحة الإسرائيلية إلى إيلات، بعدها سيطرت إسرائيل على جزيرتي صنافير وتيران في حرب 1967، لكن مع توقيع اتفاقية السلام مع مصر أعادت إسرائيل الجزيرتين للأخيرة".

ليس ضد تل ابيب 

وأضاف: "لقد تغيرت خريطة المنطقة وحدث تعاون بين القاهرة والرياض، هذه المرة ليس ضد تل أبيب بل على العكس؛ هناك تنسيق ومصالح مشتركة بين الثلاثة"؛ موضحا أن "التعاون المصري السعودي ضروري لبناء محور للدول العربية السنية المعتدلة التي تواجه موجة التطرف الإسلامي المهدد لمصر من الداخل ومهدد للسعودية أيضا، هذا التعاون هام أيضا من أجل إعطاء رد على التحدي ا لإيراني، الذي يرى فيه السعوديون تهديدا مركزيا".

وشدد على أن "أهمية هذا المحور كبيرة جدا بالأخص في الوقت الذي أدارت فيه واشنطن ظهرها لحلفائها بالمنطقة وتريد عدم الوفاء بكل تعهداتها لهؤلاء الحلفاء".

ووضح أن "الاقتصاد والأمن هنا الأسمنت الذي سيبنى منه الجسر المصري السعودي الجديد، هذا الجسر كان يتطلب موافقة إسرائيلية لتشييده وهو ما فعلته إسرائيل عن طيب خاطر من خلال اتصالات غير رسمية وغير مباشرة، لكنها ليست استثنائية بين إسرائيل والسعودية".

وختم "المصالحة الإسرائيلية التركية ونظيرتها المصرية التركية إذا حدثتا، ستكونان دعائم إضافية لمحور الاستقرار والأمن الذي سيخدم مصالح كل القوى المعتدلة في المنطقة مقابل التهديدات الماثلة". .

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com