يعتني المزارع الفلسطيني إبراهيم حمد بما تبقى من أشجار اللوز الأخضر، التي تزيّن بستانه منذ أكثر من 30 عاما، ليس لوفرة عائدها، فهو قليل، وإنما لأن هذه الشجرة تعني لقلبه الشيء الكثير.

وبالرغم من أن أشجار اللوز مزروعة على معظم مساحات بستان حمد (60 عاما) والبالغة 20 دونمًا، إلا أنه لم يفكرّ باستبدالها بأشجار أسرع نموًا وأوفر دخلًا، وهو مبدأ غض الطرف عنه الكثير من المزارعين بقطاع غزة.

ويقول حمد: "إن هذه الشجرة كانت مزروعة منذ أن كنت طفلًا صغيرًا، وقد اعتنى بها أبي من قبلي، ولهذا فإنني أعتبرها تاريخًا لي".

ويضيف "شجراتي تزهر كل عام مرة بقليل أو كثير من اللوز، وأقطف منها لآكل ما أشاء وأبيع منها، وفي بعض الأحيان أتركها حتى تجف ويصبح لونها بني، ونوزعها على محلات المكسرات".

ولكون شجرة اللوز تحتاج لعناية إذا ما تم زراعتها من جديد، فإن معظم المزارعين في القطاع يعزفون عن زراعتها.

عزوف المزارعين

وجرّفت سلطات الاحتلال في توغلاتها منذ الانتفاضة الأولى وفي حروبها المتتالية على القطاع المئات من أشجار اللوز المزروعة باللوزيات في المناطق الحدودية.

ولم يرجع المزارع خالد بشير لزراعة أشجار اللوز بأرضه التي جرّفها الاحتلال الإسرائيلي قبل نحو 10 سنوات في توغلها بمنطقة "أبو العجين" وسط القطاع.

ويقول ، إنه استبدل زراعتها بزراعة القمح والشعير، لأن إعادة زراعة حبوب اللوز ليس مجديًا، من وجهة نظره.

ويضيف "القمح والشعير أوفر في الوقت وهي تعود عليّ بسعر معقول، وهي أفضل لأننا نزرعها ونضمن حصادها في شهور، رغم أنه لا أمان للجرافات في المنطقة".

وبسبب ذلك، فإن هذه الشجرة الفلسطينية التاريخية، تواجه الاندثار، إلا ما تبقى من الأشجار التاريخية المنتشرة في بعض المناطق وسط وجنوب قطاع غزة.

وتوجد اللوزيات بشكل عام في قطاع غزة على مساحة نحو 800 دونم، وهي ذات إنتاج وفير في بعض المواسم، والعكس في معظم المواسم، لعدة عوامل من بينها تقلبات الطقس.

ويبلغ إجمالي إنتاج اللوزيات بغزة 912 طن في العام، ويتم استيراد 100 طن إضافية، وفق بيانات رسمية.

أسباب تراجعها

ويقول نائب مدير عام التربة والري في وزارة الزراعة بغزة نزار الوحيدي ، إن هناك تراجعًا في زراعة شجرة اللوز بغزة، "ومن أجل ذلك نريدها أن تبقى لأن لها عدة ميزات، كشجرة أولى فلسطينية".

وبحسب الوحيدي، فإن أشجار اللوز تتركز في جنوب شرق قطاع غزة وفي منطقة الشوكة برفح ومناطق بوسط القطاع، وقريبًا دخلت إلى منطقة بيت لاهيا وبيت حانون والبريج.

ويمكن أن يتطور من اللوز الأخضر صناعات عديدة مثل استخدامها في الصناعات الغذائية وصناعة زيت اللوز، لكنها لا تعتبر شجرة منافسة، وفق الوحيدي، لإنتاجها الضعيف وأكلها كمسليات.

وإضافة لذلك، يؤكد الوحيدي أن هذه الشجرة تعرضت للتجريف بعشرات الدونمات في جنوب القطاع، ولم يعد هناك إمكانية لتجديدها، لأن المزارعين يخشون تجريفها، إضافة لتكاليف إعادة زراعتها، من جديد، والتي تحتاج لثلاث سنوات.

تجارب لإنقاذها

ومن أجل ذلك، عزمت وزارة الزراعة في غزة على استيراد أصناف اللوز من الخارج، وتحديدًا من كاليفورنيا، وبدأت بإجراء تجارب عليها.

ويقول الوحيدي إن اللوز شجرة وفيرة الإنتاج إذا ما تم زراعتها وتعزيز إنتاجها، مشيرًا إلى أن وزارته تزرعها على أسس عملية، وتتوقع أن تنجح التجارب بإعادة إدرار إنتاج اللوز.

ويضيف "اللوز فترة نموها قصيرة جدًا، فهي تحتاج لتزهر من شهر يناير حتى مايو، وتحتاج إلى 4 أو 5 ريات تكميلية فقط في الصيف".

والشيء المهم في انتاج اللوز أنه محصول لا يحتاج إلى الكثير من الماء، وهو أمر يجذب المزارع، خاصة وأن غزة تعاني من أزمة مياه، ولذلك فإن المحصول الذي يحتاج للماء هو محصول مزعج بالنسبة لهم.

ويبقى تعزيز زراعة اللوز وحمايتها من الاندثار مرهون بنجاح التجارب الجديدة التي تقوم بها الزراعة، في وقت تجد فيه هذه الشجرة التاريخية الكثير من القبول في السوق المحلي.

الصور بلطف من "وكالة صفا"

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com