توفيت المهندسة المعمارية الأشهر عالميا العراقية زها حديد، عن 65 عاما إثر نوبة قلبية يوم الخميس 31 مارس/ آذار في مستشفى بمدينة ميامي الأمريكية.

وذكرت مواقع إخبارية أن حديد البريطانية الجنسية والعراقية المولد توفيت بنوبة قلبية في مستشفى ميامي، حيث كان تعالج من التهاب رئوي.

وزها حديد هي أول امرأة تحصل على الميدالية الذهبية من المعهد الملكي للمهندسين المعماريين البريطانيين تقديرًا لعملها.

وحصلت على جائزة بريتزكر للعمارة في عام 2004 وكانت أول امرأة في العالم تتلقى هذه الجائزة الرفيعة التي تعادل الحصول على نوبل، بحسب المتخصصين في هذا المجال.

"بكرا" يتابع ويرصد آراء معماريين تأثروا من اعمال حديد وجنون تصميماتها ومنهم أيضا من تعامل معها وتعلم منها وحاضرته..

زها حملت الهوية العالمية وليس فقط الهوية الشرقية!!

المعمارية ريم قندلفت قالت لـ"بكرا" في هذا السياق: المباني التي خططتها وصممتها المعمارية الراحلة زها حديد من الصعب ان تبنى في البلاد، لانها استعملت تقنيات لم تصل حتى الان الى بلادنا كما انها باهظة الثمن، وهناك جدلا حول ما اذا كان امر مقبول او صحيح ان تكلف المباني بشكل عام مبالغ طائلة بدون أي علاقة الى هدف المبنى، وهناك نقد ضدها بسبب ذلك، كما تعتبر من المعماريين الذين يجسدون ويعكسون المعماري الجيد لذلك وبسبب افكارها التي تحتاج الى مواد غالية جدا لتنفيذها فان الامكانية ان يتأثر المعماريين بعملها في البلاد شبه معدومة، لأننا في نهاية المطاف نعمل بمحدودية في المواد، في الباطون والبلوكات والتصاميم المعمارية بسيطة جدا تنحصر في بيوت ومباني بسيطة ومواد غير مكلفة أيضا.

وأوضحت: التقنيات التي كانت تستعملها زها محوسبة وخطوط منحنية وهي تحتاج الى تقنيات عالية جدا ومكلفة، ويحمل مواد هائلة جدا مثل الحديد، حيث انه ممكن بناء قرية كاملة من المواد التي تستعملها زها لبناء مبنى واحد فقط، نحن اكثر نعمل على حضانات مباني خاصة مدارس بينما المباني الكبيرة والمهمة لا يتم اختيارنا لنقوم بتصميها لأننا مواطنين درجة ثانية، حتى القصر الثقافي في الناصرة سيقوم بتخطيطه مصمم معماري يهودي.

وتابعت: عندما كنت اتعلم في التخنيون اذكر ان اساتذتي مبهورين بزها حديد وقبل أوسلو حيث كانت لدينا تخوفات معينة بتعريف انفسنا كفلسطينيين بينما زها حديد كونها تعتبر اهم معمارية في العالم وهي عربية عراقية فان هذا الامر كان يعطينا دعمًا كبيرًا، كما ان تخطيطاتنا في الجامعة كانت تشبه تخطيطات زها حديد بينما عندما بدأنا بممارسة المهنة فان هذا التأثير المعنوي انتهى. خلال تعليمي في التخنيون كنت أرى في اللوحات والمشاريع التصميمة بصمة زها حديد لذا نحن كطلاب عرب اخذنا منها قوة .

وقالت: زها اثرت علي بشكل شخصي حيث انها جسدت الإرادة التصميم والتحدي بالنسبة الي لانها كانت طيلة سنوات عمرها وحتى الأربعين تصمم وتخطط وتشترك في مسابقات مختلفة علما ان تصميماتها لم يتم بناءها حتى بعد جيل الأربعين وهو امر يعطيني دافع معنوي ان المعماري ممكن ان ينضج اكثر ويتم استعمال تصميماته وبصمته في جيل متقدم وليس فقط في بداياته.

نجاحها كان مستفزا لبعض الأشخاص الذين لا يقدرون النجاح وكونها امرأة بشكل خاص

اما الطالبة في مجال الهندسة المعمارية شادن حامد فقالت لـ"بكرا": مجرد كون زها حديد امرأة عربية وصلت الى ما وصلت اليه من نجاحات في مجال الهندسة المعمارية فانها تشكل قدوة لنا جميعا وتحثنا على العمل والوصول الى العالمية والتأثير، زها شككت بالاشكال الهندسية المتعارف عليها عالميا وهو امر يعتبر ثورة بغض النظر عن كونها امرأة ناجحة بشكل كبير.

وتابعت لـ"بكرا": نجاحها كان مستفزا لبعض الأشخاص الذين لا يقدرون النجاح، وكونها امرأة بشكل خاص، فهناك اشخاص يضايقهم نجاح المرأة، زها تعتبر ثورية في هندستها المعمارية هي أيضا امرأة وعربية وهي خلطة مميزة تزيد من قيمتها.

زها حديد ستكون الحدث الأكبر الذي لن ينساهما لا الخطاب المعماري ولا الممارسة المعمارية!!

وقال المعماري عبد بدران لـ"بكرا": زها حديد بدأت حياتها المهنيه وهي ما زالت طالبة، اذ تميز اسلوبها وانتماءها للمدرسة التفكيكية المتأثره بالفيلسوف الفرنسي جاك ديريدا. زملاؤها في الدراسة، يقولون انها اعتادت ان تبني وتطرح نظرية في كل مشروع تقدمت به. كما وكان للمهندس المعماري الهولندي، ريم كولاس معلمها، وشريكها لاحقا التأثير الأكبر على اسلوبها. حتى نهاية الألفيه، اشتهرت اكثر زها حديد بأفكارها واسلوبها، كما صاحبت شهرتها كثير من 'اللمز والغمز' كمعمارية اللتي لم تستطيع ان تبني. الا محطة الاطفاء في ألمانيا، ڤيترا. Vitra fire station في سنة ١٩٩٤. حيث تحولت متحف لاحقا.

وتابع لـ"بكرا: احد زملائي المعماريين في مدينة كارديف حدثني انه بعد فوزها بمشروع الأوبرا في كارديف، قامت الدنيا ولم تقعد في المدينة، كان ذالك سنة ١٩٩٥ طبعا المشروع لم ينفذ بحجة كلفته الباهظة ، السبب الحقيقي كان التصميم الثائر، وبطبيعة الحال نحن نتكلم عن المجتمع البريطاني المحافظ. وسمي المشروع لاحقا بعد عقدا من الزمان على يد الصحافه البريطانيه ب'عقد البلور.نوعا من التذكير بفرصة ضائعه وخساره لمشروع مهم لمدينة كارديف.

وقال: زها حديد كانت 'عنيدة و جريئه' جدا لم تتغير....بل العالم تغير، زميلي هذا حضر محاضرتها التي عقبت هذا الفوز، وأخبرني ان القاعة امتلأت بكثافة ، فالكل جاء ليسمعها، وعندما ابتدأت بالحديث كان صمتا أشبه بصمت القبور. وعندما أنهت محاضرتها، همت بالاجابة على أسئلة الجمهور... ولكن سرعان ما فقدت صبرها وطلبت من مساعدها ان يحل مكانها واعتذرت وغادرت القاعه، التحول الأكبر كان بعد فوزها بجائزة بريتسكر سنة ٢٠٠٤. حينها كنت متخرج حديث العهد ، وقتها قد طلب مني ان انظم لفريق استشاري لتخطيط متحف ام الفحم من جاليري ام الفحم، وكان من المفروض ان تقوم بتصميمه زها حديد الا انه بعد الفوز بالجائزة، وكثرت عروض التخطيط عليها وخصوصا بعض الدول ألعربيه، انسحبت من التخطيط بام الفحم تفسيري للأمر انه انسحاب سياسي، فلم تكن تحلم بان يذكر في سيرة حياتها اي تخطيط في دولة اسرائيل. زها حديد كان لها تأثير كبير على خطاب العماره في العالم.

وأضاف قائلا: كوني ايضا مصمم صناعي، أستطيع ان اجزم وأقول ان زها استطاعت بسلاسة متحررة من الواقعية الجاثمة على فن العمارة وبنجاح ان تجلب العمارة الى حدود ما بعد التصنيع والتكنولجيا متحدية بذالك ما عرفته الهندسة المعمارية من قواعد هندسية انشائيه عهدتها العماره لقرون. حيث نشأت في بيئة والديها التي تعتنق الحرية، فتكون عندها فكرا حرا وبطبيعة الامر كانت عمارتها لا تحكمها الحدود.

واختتم لـ"بكرا": زها حديد ستكون الحدث الأكبر الذي لن ينساهما لا الخطاب المعماري ولا الممارسة المعمارية... انها بلا شك بداية مرحلة جديده في تاريخ العمارة.

زها حديد تحدت الجاذبية الأرضية ووصلت الى العالمية!!

بدوره قال المعماري فادي واكد لـ"بكرا": اعرف زها حديد بشكل شخصي لانني تعلمت في لندن وقد اثر موتها على بريطانيا بشكل كبير، لانها تعتبر جنون بالابداع وفكرتها الأساسية هو الابتعاد عن الروتين والقيام بامور مستحيلة لذلك نرى في اعمالها لمسات سحرية وامور غريبة وهي شخص اثر بشكل كبير وترك بصمة وخدمت العالم من خلال ابداعها.

وتابع: انا كمصمم معماري اعتبر موتها خسارة كبيرة، تصميمها يتميز بالغرابة والخيال الحر والاغراء، وصولها للعالمية كان صعبا جدا واحاطتها الكثير من التحديات خاصة امام المنافسات الذكورية، هي النجمة الانثى الوحيدة حتى الان في عالم الهندسة المعمارية، البصمة التي تركتها معقدة جدا وتحمل جنون وسحر مميز.

ونوه قائلا: حديد تستعمل في عملها الحديد بشكل كبير لان معظم تصاميمها تحمل درجات كبيرة من الضغط حتى يتم تنفيذ المشروع بشكل جريء كما ان عملها يتحدى جاذبية الأرض وإصرار لانه يحمل اشكال هندسية غريبة وهو امر خارج عن المألوف ويؤكد على ديناميكية التفكير، وهي البصمة التي تركتها كأنثى وأثبتت جداريتها في عالم المعماريات. مبانيها فيها حركة انسيابية في الفضاء المحيط، وفي بدايتها اعتقد الجميع انها لن تنجح لان اعمالها من الصعب تنفيذها بينما نجحت ووصلت الى العالمية.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com