وسط مجموعة كبيرة من الزجاج والبورسلان والقطع الصخرية تجلس الفنانة التشكيلية الفلسطينية سهير نصار داخل غرفتها، ترسم وتخط بالفرش والأقلام، رسومات فائقة الجمال.

وفي سعيها الحثيث نحو التميز، لم ترض الفنانة التشكيلية إلا أن تطوع المواد المحيطة بها، من أجل موهبة الطفولة، التي لا زالت تأسرها حتى اللحظة.

ومرورًا بالرسم على أطباق "البورسلان" والزجاج، وصلت نصار إلى الرسم على "الصخور الملساء"؛ والتي وجدت بها شيئًا مميزًا، يُمكن من خلاله تجسيد ورسم التراث الفلسطيني.

وتقول الفنانة خريجة اللغة الإنجليزية من الجامعة الإسلامية في غزة، لوكالة "صفا": "الرسم ليس له حدود؛ ومن يرسم على مادة بإمكانه الرسم على الكثير من المواد، ولأول مرة أتمكن من الرسم على الصخور الملساء".

وتضيف: كنت بحمد الله أول شخص بقطاع غزة يضع بصماته على مادة "البورسلان"، وهذا الأمر انتشر، ولبحثي عن التميز ووضع بصمات جديدة، بدأت محاولات الرسم على مواد أخرى".

توحي بالقِدم

وتوضح أنها بعد محاولات اهتدت للرسم على مادة صخرية شبيهة بالرخام، لكونها طبيعية أكثر، فألوانها السوداء توّحي لك بالقدم، وهي ما يطلق عليها "الصخور الملساء".

ولفتت إلى أن التعامل مع تلك الصخور ليست بالأمر السهل، فهي بحاجة إلى مواد مساعدة كمواد تثبيت، ويجب أن يرسم عليها بدقة، وقد أنتجت منها مبدئيًا ست قطع.

وأشارت إلى أن القطعة الأولى أخذت منها وقتًا طويلًا حتى أتمتها، وهي لامرأة فلسطينية تلبس ملابس تراثية فلسطينية، مكتوب على ثوبها أسماء المدن الفلسطينية.

وتلفت إلى أن سعر القطعة الواحدة من الرسوم الصخرية يتراوح ما بين (120-200 شيكل)، وتختلف التكلفة تِبعًا للمادة المرسوم عليها، ومدى حرفية المرسوم، والإطار المستخدم للعمل.

غزة القديمة

وترى أن تلك الصخور هي أصدق ما يعبر عن التراثيات الفلسطينية، وتقول: "أحلم برسم غزة القديمة على تلك الصخور، من خلال أخذ "اسكتشات" –مقاطع-من غزة القديمة كالمسجد العمري، والكنائس، والقباب، وتشكيله عليها.

وتجسد نصار في لوحاتها ورسوماتها التراث الفلسطيني، فمعظم لوحاتها تؤكد على الهوية الفلسطينية، من خلال رسم المرأة بالثوب المطرز، وتجسيد ماضيها الجميل وانتظارها لحلم العودة.

وتعشق الفنانة الزخارف الإسلامية الأندلسية؛ لوجود عبق تراثي فيها، وتأمل أن تجسد الجمال الفلسطيني، وتقول: "هدفي الأول والأسمى، هو التأكيد على الهوية الفلسطينية".

"أنامل جالري"

وتهوى نصار الرسم منذ الصغر، وكانت تستخدم أعمالها كإهداءات للأصحاب والأقارب، ولم تتخذه وسيلة للربح، لافتةً إلى أنها حديثًا بدأت في بيع بعض الأعمال من خلال مشروعها الفني "أنامل جالري".

وتقول: "إنها تحب الأشغال الفنية اليدوية كتصميم بطاقات المعايدة للمناسبات، وتحب تنسيق الزهور وعمل باقات مميزة من الزهور المجففة أو الاصطناعية.

وتضيف: كانت دائمًا هداياي التي أقدمها لأقربائي وصديقاتي مدهشة لهم لأنها مميزة وغير تقليدية.

وشكل عام 2012، محطة تحول في حياة نصار، عندما فازت بمسابقة أطلقتها مؤسسة لتدوير خامات البيئة، وفوز أفكارها الفنية التي طرحتها باسم "أنامل" لتدوير (الزجاج، الورق، القماش).

وتأمل أن تحكي أعمالها الفنية مستقبلًا، عن فلسطينية أحبت التراث الفلسطيني ووثقته من خلال رسمها، وتلفت إلى أنها الآن باتت معروفة باسم "أنامل جالري"، ولم تعرف باسم سهير.

وتحلم نصار بوضع بصمة جديدة في عالم الرسم، لتخلد اسمها، وتعكف الآن على إعداد مادة جديدة تمكنها من رسم أشياء بارزة وملموسة على الصخور؛ لتكون أكثر تجسيدًا، وليبقي ما تنتجه سرمدي، يحكي حكاية وطن.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com