قاربت الساعة التاسعة والنصف مساء، قرر فارس عتيق أن يغمض عينيه لبرهة من الوقت، بعد أن شعر بإعياء ساعات السفر الطويلة، وما هي إلا دقائق حتى انقلبت الحافلة لينام معظم من فيها نومهم الأخير.

فتح فارس الذي جلس في الجزء الأخير من الحافلة التي كانت تقل عددا من المعتمرين، عينيه مفزوعا، بعد أن شعر بالحافلة تحيد عن مسارها للناحية الشمالية، ما دفعة للنهوض بسرعة، والقفز من النافذة المفتوحة في سقفها: "سمعت صوت "بريك" الباص بشحط بالأرض، كان الصوت مخيف، كل الركاب صاروا يصيحوا، والباص كان يمشي بسرعة جنونية".

حاول مساعدة من كانوا يجلسون في المقاعد المحيطة، دون أن يكتشف بعد هول المشهد في المقاعد الأمامية :"مديت إدي من فتحة الشباك، أخرجت عدد من الركاب، كان في طفلين حاولت أصحيهم وأناديهم عشان يعطوني إيدهم وأطلعهم ماردوا علي، بعدين عرفت أنهم ماتوا".

تنهيدات متقطعة صاحبت صوت فارس من مدينة جنين، الذي راح يصف لنا عبر الهاتف تفاصيل انقلاب حافلة المعتمرين، بالقرب من منطقة المدورة على الحدود الأردنية السعودية :"قبل ما تدهور الحافلة كان الشفير الله يرحمه نعسان، كان مبين عليه التعب، والناس تحاول تصحي فيه، بس يبدو أنهم ما انتبهوا عليه إنه سهي، وصار الي صار".

 

حاول ركاب الحافلة الهروب من الموت، عبر القفز من نوافذ الحافلة، لكن قلة قليلة من استطاعوا النجاة، بينما ارتقى 16 مواطنا، وجرح 34 آخرون.

جثث الركاب متكومة فوق بعضها البعض

تفقد فارس الحافلة التي أصبحت كومة حديد، كانت جثث الركاب متكومة فوق بعضها البعض، والدماء تسيل من وجوههم وأجسادهم، فيما أخرون اختفت ملامحهم تماما :" الحكي مش متل ما الواحد يشوف، سمعت صوت أنين الركاب وهم يتوجعوا، معظم اللي ماتوا كانوا قاعدين قريبين من الشفير، كان معنا ناس من جنين ورام الله ودير الغصون، بس ما قدرت أعرف مين مات ومين عاش".

حضرت الطواقم الطبية الأردنية والدفاع المدني لنقل الوفيات وتقديم الإسعاف للمصابين، فيما أصيب فارس المنحدر من مدينة جنين إصابة طفيفة في وجهة :"أول اشي عملته اتصلت على أهلي طمنتهم،

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com